Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الفكر الثورى عند الاغريق بين النظرية والتطبيق :
المؤلف
جمعة، على ابراهيم على.
هيئة الاعداد
باحث / علي إبراهيم علي جمعة
مشرف / ناهد عبد الحليم الحمصاني
مشرف / حنان محمد إسماعيل
مناقش / جسن أحمد حسن الإبياري
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
354ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 362

from 362

المستخلص

إن هدف هذه الرسالة هو دراسة الفكر الثوري عند الإغريق خلال القرن الخامس قبل الميلاد وخاصة فترة الحروب البلوبونيسية، وذلك من خلال دراسة الصراع السياسي والأيديولوجي بين الديمقراطية وتمثلها أثينا وحلفها، والأوليجارخية وتمثلها أسبرطة وحلفها.
إن مصدرنا في هذه الدراسة هو المؤرخ ثوكيديديس Thucydides. حيث يعد ثوكيديديس بجدارة متفردا من بين مؤرخي الإغريق، والذي استوقفته الثورات بالدراسة والتحليل، حيث أسهب في مؤلفه الكبير عن حروب البلوبونيسوس ὁ πόλεμος τῶν Πελοποννησίων καὶ Ἀθηναίων في سرد وتحليل بعض الثورات التي اندلعت خلال حروب البلوبونيسوس. وقدم بعض الأمثلة لهذه الثورات محللا لأسبابها وأحداثها ونتائجها. وبناءا على ذلك، فإن الدراسة سوف ترتكز على دراسة مفهوم الثورة عند ثوكيديديس؛ لأنه يقدم نموذجا مثاليا عن المؤرخين الإغريق الذين تناولوا هذه الظاهرة التاريخية.
لقد ارتكزت الدراسة على الفكرة الرئيسية التي حاول ثوكيديديس إبرازها خلال تنظيره التاريخي لموضوع الثورات، ومن خلال عرضه لنماذج الثورات وأحداثها وتداعياتها، وهي فكرة الصراع السياسي والأيديولوجي بين الديمقراطية والأوليجارخية. فقد كان هذا الصراع بمثابة صراع شامل أخذ يطغى على كافة مناحي الحياة في العالم الإغريقي. وهو ليس صراع سياسي عسكري فحسب، ولكنه صراع إيديولوجي وسياسي واقتصادي واجتماعي أيضا، لقد كان صراع بين نمطين ورؤيتين مختلفتين أشد الاختلاف حول النهج السليم لإدارة وتنظيم شؤون المجتمع الإغريقي.
وعلى الجانب الآخر من الدراسة، فقد قدم أرسطو رؤيته الفلسفية التحليلية عن الثورات وعن أسباب اندلاعها، وكيف تتباين وتتنوع هذه الأسباب طبقا لاختلاف وتعدد نظم الحكم المختلفة، وذلك في الكتاب الخامس من مؤلفه ”السياسة” “Politics”. بيد أن اهتمامه وتركيزه كان منصبا بصورة كبيرة على ذاك الصراع الأيديولوجي العميق بين الديمقراطية والأوليجارخية. ومن ثم؛ نجد أرسطو هو الآخر يولي هذا الصراع اهتماما كبيرا. حيث ركز أرسطو على أسباب اندلاع الثورات في المدن الديمقراطية والأوليجارخية بشكل رئيسي.
وبناءا عليه؛ فإن هذه الأطروحة سعت إلى دراسة وتحليل الثورات من خلال دراسة نماذج مهمة من المدن الإغريقية. وذلك من منظور تاريخي وهو رؤية المؤرخ ثوكيديديس ومنظور فلسفي هو رؤية الفيلسوف أرسطو.
وعلى هذا الأساس، ارتكزت الدراسة في المقام الأول على محاولة تقديم رؤية تحليلية عن طبيعة الثورات في المدن الإغريقية في القرن الخامس، تلك الفترة التي ظهرت فيها قوة أثينا الإمبريالية وضغوطها وهيمنتها على المدن الإغريقية. وبالمقابل رد الفعل الثوري الرافض من هذه المدن؛ وذلك انطلاقا من هذا الصراع السياسي والإيديولوجي بين المعسكر الديمقراطي والتكتل الأوليجارخي. وذلك من خلال دراسة لنماذج لثورات المدن الإغريقية. وجاءت ثورة كوركيرا نموذجا لتلك المدن الديمقراطية. وقدمت الدراسة نموذجا آخر لتلك الثورات الإغريقية التي اندلعت في المدن ذات الحكم الأوليجارخي، فكانت ثورة ميتليني نموذجا لها. إن هذه النماذج قدمت مثالا متميزا على المفاهيم المتضاربة بين النظامين.
وقد قُسمت هذه الدراسة إلى فصل تمهيدي وأربعة فصول وخاتمة. وقد ناقشت الدراسة في الفصل التمهيدي العوامل التي ساعدت على تطور نظم الحكم في بلاد الإغريقي خلال العصر الكلاسيكي. وخصصت الحديث أيضا عن النظام الأوليجارخي والنظام الديمقراطي. وذكرت نبذة تاريخية عن كل من ثوكيديديس وأرسطو، والصعوبات التي واجهها الباحث في ترجمة النصوص اليونانية القديمة.
وقدم الفصل الأول نموذجا للثورات التي اندلعت في المدن الديمقراطية، وهي ثورة كوركيرا. فبدأ الفصل بتناول التوترات المتزايدة بين كوركيرا وكورنثة، وصراعهما على السيطرة على إبيدامنوس، وتطور هذا الصراع السياسي وتداعياته على العالم الإغريقي برمته. وناقشت الدراسة تطور هذا الصراع الداخلي المحدود في إبيدامنوس إلى أن تحول إلى هذا الخلاف الإقليمي إلى خلاف دولي بين القوى الإغريقية الكبرى. كما أوضحت انعاكاسات هذه العوامل الخارجية على الثورة المريرة التي شهدتها كوركيرا. وكذلك قدم البحث رصدا للأحداث الدامية العصيبة التي شهدتها هذه الثورة، وما انطوت عليه من جوانب اجتماعية هامة تمثل انعكاسا لحالة الاضطراب والتفكك الاجتماعي التي تشهدها المدن خلال الثورات.
وتناول الفصل الثاني ثورة ميتليني باعتبارها نموذجا للثورات في المدن الأوليجارخية. وقدم هذا الفصل محاولات ميتليني للتقرب والتحالف مع أسبرطة حتى قبل اندلاع حروب البلوبونيسوس. ثم ناقش الفصل أسباب رفض أسبرطة لهذا الطلب الأول من قبل ميتليني، والعوامل التي دفعت أسبرطة إلى تجنب التصعيد السياسي مع أثينا. ثم رصد الفصل الترتيبات السرية والتدابير الدبلوماسية التي اتخذتها الحكومة الأوليجارخية في ميتليني قبيل ثورتها على أثينا، وكذلك الدلالة المرتبطة بتوقيت اندلاع الثورة.
ثم ناقش البحث بعد ذلك العوامل التي أدت إلى تسريب هذه التحركات العسكرية إلى السلطات الأثينية. ثم اتجهت الدراسة إلى رصد وتحليل الدوافع التي جعلت ميتليني تقوم بثورتها على الحكم الأثيني، وبخاصة ارتباط اندلاع الثورة على أثينا بطبيعة السياسية العامة التي سلكتها أثينا حيال مدن حلف ديلوس.
ركزت الدراسة على الدبلوماسية الماهرة التي سلكها سفراء ميتليني إلى أسبرطة، وكيف استطاع هؤلاء السفراء إغواء أعضاء حلف البلوبونيسوس وإقناعهم بمبررات ثورتهم على أثينا. وما هي المحاور التي استغلها وفد ميتليني؛ ليحاول أن يقنع بها أسبرطة بالعدول عن رفضها السابق والموافقة على التحالف مع ميتليني.
وقد ناقشت الدراسة إشكالية هامة وهي موقف جموع الشعب في ميتليني من هذه الثورة، وهل كان مؤيدا لها أم مُجبرا عليها؟ وأشارت الدراسة إلى اختلاف الباحثين حيال هذه الإشكالية إلى آراء متباينة. وعالجت الدراسة هذه الإشكالية بشيء من التفصيل؛ نظرا لأهمية الدور الذي لعبته جموع الشعب خلال الثورات التي شهدتها المدن الإغريقية، وما كان لهم من دور استراتيجي في الحياة السياسية وما كان لديهم من وعي سياسي حيال حرية مدنهم واستقلالها.
وارتكز الفصل الثالث على محاولة تقديم رؤية ثوكيديديس التاريخية التحليلية عن الثورات في التاريخ الإغريقي. حيث انصب الاهتمام في هذا الفصل على الجوانب التحليلية العميقة التي قدمها ثوكيديديس في النص التحليلي الخاص بالثورات. وناقش هذا الفصل الأسباب التي جعلت هذا النص على درجة كبيرة من الأهمية. ثم تساءلت الدراسة عن طبيعة العلاقة المحورية التي رصدها ثوكيديديس بين اندلاع حروب البلوبونيسوس وبين قيام الثورات في العديد من المدن الإغريقية.
ثم تناولت الدراسة بالتحليل هذه العلاقة المركبة والمتشابكة بين الثورات والصراعات الداخلية للمدن الصغرى الإغريقية وبين التدخلات الخارجية للقوى الكبرى في هذه الاضطرابات السياسية، وأهم الأساليب والسياسات التي دأبت القوى الكبرى، وبخاصة أثينا، على اتباعها لضمان تدخلها وتأثيرها المستمر على هذه المدن الصغرى.
وعالجت الدراسة ما ذكره ثوكيديدس من تأملات تحليلة وشمولية عن هذه الثورات التي اندلعت في العالم الإغريقي، ومحاولة ثوكيديديس أن يتخذ من دراسة النماذج المختلفة لهذه الثورات قاعدة متينة تفسر الثورات في العالم الإغريقي وفي التاريخ الإنساني، والتداعيات الوخيمة التي أحدثتها ظروف الثورة على المجتمعات الإغريقية، وانعكاس الأحوال الاقتصادية والظروف النفسية على المدن والأفراد، وعلى السلوكيات الاجتماعية بشكل عام. وناقش الفصل أيضا تناول علماء اللغة اليونانية القديمة والباحثون لهذا المحور الهام عند ثوكيديديس واستحداث مفاهيم جديدة تواكب تقلبات الثورة.
وعالج الفصل الرابع الرؤية التحليلية للثورات عند أرسطو. حيث ناقش الفصل المنهج الذي اتبعه أرسطو في معالجته لثورات المدن الإغريقية، وكيف أثرت أفكار أرسطو وميوله على منهجه. كما قدم الفصل بعض التساؤلات حول أهمية الكتاب الخامس من مؤلف أرسطو ”السياسة” –والذي خصصه للحديث عن الثورات- كمصدر تاريخي.
وناقش البحث القضية المحورية التي ارتكزت عليها رؤية أرسطو عن ثورات المدن الإغريقية، إلا وهي هذا الصراع الأيديولوجي بين الديمقراطية والأوليجارخية، وتأثير هذا الصراع الأيديولوجي على تضارب مفاهيم العدالة والمساواة بينهما. والأسس التي ارتكزت عليها هذه المفاهيم عند الأيديولوجية الديمقراطية والأيديولوجية الأوليجارخية.
ثم اتجه البحث لمناقشة الأسباب غير المباشرة لاندلاع الثورات، وتشكيل الحالة الذهنية والنفسية للأشخاص إبان اندلاع الثورات؟ وتطرقت الدراسة إلى العامل الاقتصادي الذي أشار إليه أرسطو ضمن هذه العوامل؟ ويتسائل البحث عن مدى تأثر أرسطو بأفكار ثوكيديديس عن أهمية العامل الاقتصادي على اندلاع الثورات، وكذلك العامل النفسي؟
وتناولت الدراسة العوامل المباشرة لاندلاع الثورات، وذلك من خلال رصد النماذج التي عرضها أرسطو في هذا الصدد. وعقدت الدراسة مقارنة بين رواية أرسطو لهذه النماذج - وبخاصة ثورة ميتليني وثورة إبيدامنوس- وبين رواية ثوكيديديس لها. وكيف اختلفت طريقة العرض والتناول بينهما، وتساءلت عن مدى استفادة أرسطو بشكل أو بآخر من ثوكيديديس، وهل استقى معلوماته التاريخية عن الثورات من كتاب ثوكيديديس ”الحروب البلوبونيسية”؟
واختتمت الدراسة بأهم النتائج التي توصلت إليها، ثم ملحق يوضح الثورات التي جاء ذكرها عند ثوكيديديس، وكذلك الثورات التي جاء ذكرها عند أرسطو.
لقد كان من الضروري أن ينهي الباحث عمله بملاحق تتناول الثورات الواردة عند ثوكيديديس وعند أرسطو؛ حتى يمكن من خلالها إلقاء الضوء على عدد الثورات التي شهدتها بلاد اليونان خلال فترة القرن الخامس والتحولات السياسية والصراعات الداخلية؛ حتى يتبين لنا مدى امتداد الفكر الثوري في كل بلاد الإغريق.