Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مفهوم السيولة عند زيجمونت باومان.
المؤلف
محمد؛ياسمين طلعت حرب.
هيئة الاعداد
باحث / ياسمين طلعت حرب محمد
مشرف / حسن حماد
مشرف / ظريف حسين
مشرف / ظريف حسين
الموضوع
قسم الفلسفه.
تاريخ النشر
2023
عدد الصفحات
162
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
الناشر
تاريخ الإجازة
1/1/2023
مكان الإجازة
جامعة الزقازيق - كــــليــــة الآداب - قسم الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 167

from 167

المستخلص

الفلسفة هي نشاط الذهن الإنساني تجاه الوجود، ايضاً الفلسفة هي دليل علي يقظة الوعي تجاه الوجود، والوعي الإنساني لا يمكن أن يكون ثابتاً حيث إن طبيعته تقتضي التغير والتجدد الخلاق باعتباره رمزاً للتكامل الإنساني والقيم الدائمة.
وعلي هذا النحو تنكشف طبيعته الدينامية فهو في تغير دائم وانبثاق متصل، من هنا فالفلسفة _إذن في نهاية الأمر_ هي الوعي الإنساني نفسه في تعاليه، في دهشته، في شكه، في قلقه، في معاناته.
من خلال هذا المنطلق نستطيع القول إنه يصعب على المهتم والمنشغل بالفلسفة بوجه عام والفلسفة الحديثة والمعاصرة بوجه خاص، أن يدرج فيلسوف ما تحت أطر وسياق واتجاه فلسفي، نظراً لأن الفيلسوف يميل الي التغيير والصيرورة.
ومن هذا المنطلق، يصعب على المنشغل بالفلسفة أن يُدرج ”زيجمونت باومان” (Zygmunt Bauman) (1925-2017) تحت استراتيجية فلسفية معينة أو تحت أطر خاصة لاتجاه فلسفي
حديث ومعاصر.
ولكن رغم ذلك، يمكن أن ندرج ”باومان” ونعتبره واحداً من أهم الفلاسفة المعاصرين في الوقت الراهن. نظراً لأن هذه الأهمية تكمن من خلال الوضع التوصيفي والنقدي الذي قدمه ”باومان” لفكرة الحداثة وما بعدها، محاولاً تقديم رؤية فلسفية منهجية خاصة به، رغم أن هناك العديد من الفلاسفة قد سبقوه لهذه الفكرة _أي الحداثة_ ولعل هذا الاختلاف الكائن بينه وبين الفلاسفة السابقين عليه يرجع إلى القراءة الجديدة والمنهج الجديد برؤية فلسفية جديدة لفكرة الحداثة وما بعدها.
ومن هذا المنطلق ابتدع باومان مفهوم الفلسفة السائلة حيث احتل مفهوم الفلسفة السائلة مكانة كبيرة في تاريخ الفكر الفلسفي على مر العصور والأزمان. حتى وإن تغير هذا المفهوم من مفهوم لآخر. إلا أن الجوهر واللُب الأساسي هو البُؤرة التي على أساسها تشكل هذا المفهوم.
حيث أن الفلسفة بوجه عام تتسم بالتغير المستمر ومن ثَم اتسمت الفلسفة المعاصرة – أيضا – بالتجدد والاستمرار الدائم الذي لا يتوقف وهذا كان من سمات العصر الحديث فقد كان العصر الحديث عصر التنوير Enlightenment بلا منازع ويرجع هذا إلى بزوغ المنهج العلمي واحتلاله مكانة كبيرة في
هذا العصر.
ونتيجة لذلك خرجت فلسفة جديدة تؤمن بالتغير والتجدد والسيلان الدائم المستمر والذي يمكن أن نتحقق منه من خلال التجربة العلمية.
ويعتبر مفهوم السيولة من أكثر المفاهيم التي تمتلك مكانة كبري في فلسفة ”باومان”. اذ اهتم ”باومان” اهتماماً – منقطع النظير – بالغاً بذلك المفهوم نظراً لما له من دلالات وأدوات مهمة تشكلت على أثره اقتفاء فلسفته الخطي الأساسية في مسرح الحياة الفلسفية.
حيث إنه ينبع موقف ”باومان” من السيولة المجتمعية أو الميوعة، من نقده للافتراضات النظرية والنتائج السياسية للمناقشات الأخيرة حول ما بعد الحداثة، ونهاية التاريخ، والحداثة المتأخرة، والحداثة الثانية، والحداثة الأعلى، إن الإقرار بأن علم الاجتماع يمكنه أن يقول عن حالة العالم أكثر مما انتهت إليه الحداثة، يمثل التعامل مع ما أسماه ”باومان” سرداً إيجابيا لحداثة العمليات الاجتماعية المعاصرة. تحقيقاً لهذه الغاية، يقدم لنا ”باومان” استعارة السائل للتعبير عن حالة الحداثة الحالية.
ويذهب ”باومان” إلى أن هناك ”صلة وطيدة بين (الحياة السائلة) و(الحداثة السائلة)، ”فالحياة السائلة” نحياها عادةً في مجتمع حديث سائل، وهو مجتمع تتغير فيه الظروف التي يعيشها أعضاؤه بسرعة لا تسمح باستقرار الأفعال في عادات وأعمال منتظمة. وهكذا تتغذي سيولة الحياة على سيولة المجتمع الحديث السائل، لا يمكن أن تحتفظ بشكلها ولا تظل على حالها وقتاً طويلاً”.
حيث يعتمد ”باومان” في صياغة رؤيته لمفهوم الحياة السائلة على تحليل الطرق التي يصبح فيها الإحساس السائد بالاستئصال، والقلق، وانعدام الأمن في بؤرة النطاق العالمي بشكل كبير، كما يعتمد على النظريات الاجتماعية الحديثة للنزعة الفردية، ولا سيما الطرق المعقدة التي تنفصل بها الهوية عن البني الاجتماعية، وكذلك فك الارتباط بين الأفعال والاختيارات الفردية، والطرق الجماعية لفعل الأشياء
ومشاريع المجتمع.
ويعد مفهوم العولمة من بين المفاهيم الرئيسية التي تُوجّه تفكير ”باومان” صوبها، وتحديداً الأبعاد الاجتماعية والسياسية والأخلاقية التي تتجلي في صورة التداعيات شديدة الإنسانية لها على مستوي العالم. تمثل هذا بشكل أساسي في العلاقة القائمة بين العولمة ونموذجها النظري الأوسع ”الحداثة السائلة”، وإعادة التقسيم الطبقي لسكان العالم إلى أولئك الذين يتمتعون بحرية الحركة على مستوي العالم، وأولئك الذين حكم عليهم بالعيش المحلي والذين يمكن التعبير عنهم بالنفايات البشرية، وأخيراً، انتشار الخوف وانعدام الأمن على المستويين الكلي، والجزئي ”بالحياة السائلة” في عصر ”العولمة السلبية”.
وتحدث أيضاً عن مشكلة الشر حيث ظهرت مشكلة الشر السائل عند ”باومان” من خلال الأفكار المعقدة التي توارثتها الإنسانية جمعاء في عصور الحداثة لذلك لجأ إنسان عصر الحداثة السائلة في أن يدشن حالة من فك الارتباط إزاء أية وصايا فكرية على طبيعة حياته وعيشته، فبعد أن تخلي عن الوصايا ”الميثولوجية” المفروضة عليه، آمن بقدرة العقل الحديث في الإجابة عن تساؤلاته وفضّ الغموض الذي يحيق جانباً أو أكثر في عالمه، غير أن هذا الأخير لم يتمكن من تحقيق الآمال المرجوة منه، فلم يكن الإنسان قادراً على تحمل المسؤولية.
وخلاصة الأمر أنه لا شك أن ”باومان” قد استطاع بحسه واتجاهه النقدي المستنير المتميز أن يلمس وبعمق شديد الكثير من الجوانب السلبية والجوانب الهدامة التي يعاني منها الإنسان لا على مستوي المجتمعات الغربية وحدها، بل على مستوي المجتمعات الإنسانية كافة. فلقد كانت مشكلة السيولة من أهم المشكلات التي عانى منها الإنسان المعاصر في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية لذلك لا ينبغي، أن تنكر دعوة ”باومان” إلى تدعيم الأسس والمبادئ الإنسانية وتقويم الجوانب الأخلاقية التي باتت تتواري في ظل آليات العصر الحديث. لذلك لا تبالغ في القول عندما تؤكد على أن دعوته هذه كانت تمثل أساس وجوهر فكره الإنساني.