الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تفي هذه الدراسة نتناول ظاهرة شعرية نمت وتفردت في شعر شعراء الإسكندرية في العصر الفاطمي، بحيث أصبحت من أهم الأغراض الفنية والموضوعية التي اهتم بها شعراء الإسكندرية ومنحوها جهد عطائهم الفكري والفني، وأود أن اشير إلى أن منهجي في هذه الدراسة هو المنهج (الوصفي) الذي أستطيع من خلاله دراسة موضوعات وخصائص الماء عند شعراء الإسكندرية في العصر الفاطمي، ومدى ارتباطهم بالواقع والظروف والبيئة المحيطة بهم، والقيم الفنية في شعرهم ومضمونها وصورها، مستخدمًا آليات التحليل في رصد الظاهرة واستقرائها. وكما هو واضح من العنوان فإن الدراسة تناولت عصراً أدبياً متميزاً، ومنطقة جغرافية متميزة أيضاً، فالعصر الفاطمي من أزهى عصور الأدب المصري في العهد الإسلامي، وصفه بعض الدارسين بالعصر الذهبي للأدب العربي بمصر، ووسمه آخرين بأنه العصر الفضي للأدب العربي، وأنه الوريث الشرعي للنهضة الشعرية المكينة في العصر العباسي الطويل، إضافة إلى أنه قد وجه دفة الزعامة الأدبية والريادة الشعرية إلى مصر بعد أن ظلت حكراً على شعراء العراق والشام وجزيرة العرب في القرون المنصرمة. وأما عن الإسكندرية فقد تميزت بطبيعة مائية فريدة حتى أصبحت عروس البحر المتوسط، وكانت الإسكندرية مفتاح مصر الغربي إلى الشمال الإفريقي والأندلسي، وكان لبعدها النسبي عن عاصمة الخلافة الفاطمية أثر في أن يأوي إليها كثير من العلماء والشعراء ويمارسون نشاطهم فيها، مما كان له أثر كبير في النهضة الفكرية والثقافية والأدبية التي جعلت من الإسكندرية مركزا ًمن أكبر مراكز الثقافة في العالم الإسلامي منذ أوائل العصر الفاطمي. ولا شك الإسكندرية بما حباها الله من طبيعة مائية وجمال أغرت الشعراء على الوقوف أمام تلك الطبيعة، وتسجيل انطباعاتهم في صور شعرية بديعة وجديدة ومتميزة، فقد ردد شعراء الإسكندرية في العصر الفاطمي حديث الطبيعة المائية وأضافوا عليه من روحهم ومزاجهم، ووجدوا كذلك للطبيعة المائية زينة في ظلال نفوسهم وحملوها الأشواق، ووجدوا في مظاهرها إثارة لتباريح الوجد ومحاكاة لشمائل الحبيب. |