الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص الملخص القضاة هم محراب العدالة وكلمة الحق، فهم القائمون بتوزيع العدل على الأفراد على اختلاف طبقاتهم ومراكزهم، حيث يعرض عليهم جليل الأمور، فهم حماة الأرواح وحفّاظ الشرف والمال، فالقضاء مهمة خطيرة ومقدسة لدى جميع الشعوب، فعدالة القانون تشع من القاضي وبحكمه تعلو عدالة المجتمع وتتحقق حقوق الأفراد. ولا ريب أن كل مَنْ يتجه للقضاء، إنما يكون لهدفٍ واحدٍ هو: اقتضاء حقه المأمول، أو إسباغ الحماية عليه، وذلك بإصدار الأحكام التي بمقتضاها يحصل من خلالها على حقه. وحيث إن الفصل والقضاء بين عامة الناس الهدف منه تحقيق العدل فيما بينهم، فإذا كان القضاء مرتبطا بالإدارة التي هي ممثلة عن الدولة، فإن هذا القضاء في تلك الحالة يزداد أهمية ومكانة ذات شأن عظيم، وذلك لأن الدولة هي التي تسيطر وتكون لها الغلبة على جميع تلك السلطات، فإذا كونت الدولة من نفسها شخصاً فرضيا يمكن في هذه الحالة إقامة الدعوى عليه بالتبعية، فإن هذا يمثل قمة العدل وإقامة الحق، وبالتالي: يجب التمييز بين القضاء الإداري بوصفه مستقص للناس حقهم من الدولة، وملاذهم في حالة وجود حق لهم على تلك الدولة؛ الأمر الذي يوجب على الدولة القانونية الاهتمام به –ذلك القضاء– وتوفير الرقابة القضائية الصريحة على تصرفات تلك الإدارة، لكي تضبط من تصرفاتها، وتحد من تلك السلطة حال تجاوزها ذلك الأمر، حتى يتحقق التوازن بين مصلحة الدولة العامة، المصالح الخاصة بالأفراد وعلى ذلك فإن وجود القضاء الإداري يشكل بذاته شكلاً من أشكال تحقيق العدالة، ووجهاً من وجوه إقامة الحق، إلا أن ذلك لا يكمل بطبيعة الحال، ولا يتم بشكل منفصل، بل ينبغي أن يستقر في الأذهان أنه لا وجود لقيمة ذلك القضاء نهائياً، إذا لم يقترن بوجود ذلك القضاء مبدأ هام مضمونه: ضرورة أن تحترم أحكام القضاء وإلزامية تنفيذها. ذلك أن الهدف من ذلك، والمرجو من اللجوء إلى القضاء في الأساس هو الحصول على الحقوق المدعى بها، وهذا لا يتم بصدور الحكم فقط بل يتوقف أيضا على كيفية تنفيذه، ومن هنا يتضح أنه وإن كان اللجوء للقضاء – الموضوعي – للمطالبة بذلك الحق لا تخلو من الضرورة، إلا أن المهم أيضا أن يترجم ما ينتج عن هذا القضاء إلى استئثار حقيقي بالحق المطالب به، وواقع ملموس للمدعي بالحق. |