Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الأبعاد المنطقية لنظرية الفوضى /
المؤلف
سالم، هدى محمد قرنى.
هيئة الاعداد
باحث / هدى محمد قرنى سالم
مشرف / حسين على حسن
مشرف / محمد امين شاهين
مناقش / سهام محمود النويهى
الموضوع
الفلسفة.
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
205ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
الناشر
تاريخ الإجازة
23/5/2017
مكان الإجازة
جامعة قناة السويس - كلية الاداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 17

from 17

المستخلص

إن التغير المستمر المتلاحق في شتى مجالات الحياة أوضح صفة تميز القرن العشرين، فقد تقدم العلم بصورة ما كان يمكن أن يتصورها أولئك الذين عاشوا في فترات زمنية سابقة، ويحمل لنا كل عقد من العقود تغيرات جديدة وهامة في التكنولوجيا والفن، بل حتى في العادات والأخلاق، ولم تكن نظرية الفوضى Chaos theory استثناء لتلك الصفة التي تميز عصرنا، فمنذ أوائل القرن العشرين مر مفهوم الفوضى بمرحلة من التطور السريع إلي حد يمكننا أن نطلق عليه ”ثورة”. لذلك فإن القرن العشرين سوف يذكر بسبب ثلاث ثورات، وهي نظرية النسبية، ميكانيكا الكم الحديثة (الكوانتم)، ونظرية الفوضى التي تعد الثورة العلمية الثالثة.
وفي ضوء ذلك تهجر نظرية الفوضى فيزياء نيوتن وتُمعن في تخطئتها. ويصف أحد العلماء ذلك بالقول: ” لقد ضربت نسبية أينشتاين رؤية نيوتن عن مكان وزمان مطلقين، وأطاحت نظرية الكم الحديثة حلم نيوتن في التوصل إلي القياسات الدقيقة الحاسمة. وبددت نظرية الفوضى خيال نيوتن ( على الأخص تلميذه لابلاس) عن إمكان التوقع المحكم والحتمي لحوادث الطبيعة. ومن بين تلك الثورات الثلاث، تتميز نظرية الفوضى بأنها تتناول العالم ذا المقاييس البشرية الذي نراه ونحسه. في حين تتعامل نظرية النسبية مع العالم بالغ الكبر، عالم الكواكب والنجوم والمجرات، بينما تنشغل نظرية الكم الحديثة بالعالم بالغ الصغر (أي بالبنية الداخلية للذرة). أما نظرية الفوضى فتتناول التجارب اليومية والعادية للبشر”.
كما تصف نظرية الفوضى ( أو ”التعقيد” كما يفضل إليا بريجوجين أن يسميها) رؤية تعددية للعالم، لتحل محل قوانين الطبيعة الحتمية غير القابلة للارتداد. وسلاسل التحكم، القوانين التي تربط الكون من الناحية التصورية، تجعلها نظرية الفوضي فضفاضة، وذلك عن طريق تبيان أن التنبؤ الدقيق مستحيل في الأنساق المعقدة. يتيح لنا علم التعقيد أن ننظر إلي الطبيعة بوصفها ولوداً وثرية المنابع، وافرة ومتواصلة. وفي هذه الرؤية الجديدة لا تعود المادة سلبية، بل إنها قادرة علي النشاط التلقائي وعلي أن تنظم ذاتها بذاتها.
توجد بعض النظريات العلمية التي تفترض مسبقاً أن الكون المنتظم بدأ عن حادثة عشوائية، عارضة، عن حدث راجع إلي تشوش عشوائي في الكون. ولكننا اكتشفنا في نظرية الفوضي أنك كلما تعمقت أكثر وأكثر في النظر إلي ما يسمي بالحركة العشوائية، كلما رأيت أن ثمة نموذجا على مستوى عميق ليس عشوائياً على الإطلاق. فثمة أنظمة داخل العشوائيةأخرى تساعدنا الحساسية للشروط الأولية على فهم تعقيد الظواهر الفوضوية، أي محاولة الكشف عن النظام داخل الفوضى.
أدي تطور مفهوم الفوضي إلي تغلغلها في العديد من العلوم، علي سبيل المثال في ميكانيكا الكوانتم، حيث تؤكد ميكانيكا الكوانتم أنه لكي نعرف العالم علينا أن نرصده، وفي خلال عملية الرصد تبدأ عمليات عشوائية غير محكومة في العالم. وتنطوي قاعدة التتام التي وضعها نيلزبور.
أيضاً علي أن معرفة أحد الأشياء تمنع بالضرورة معرفة الأشياء الآخري. وتعني نظرية الكوانتم أنه يجب علينا أن نتخلي عن حلم أصحاب مذهب الحتمية وهو إمكان معرفة كل شئ. ولفهم الكون اللاحتمي بصورة أعمق، وذلك الكون الذي كشفت عنه نظرية الكوانتم. كما أننا عندما نبحث عن العشوائية فإن أفضل مناطق البحث عن الفوضي هي الذرة، حيث لا توجد عشوائية كالعشوائية الكمية – فإذا اختبارنا عمليات من نوع الاضمحلال النووي الاشعاعي إلي جسيمات، فإنها تجتاز بنجاح جميع اختبارات العشوائية. إن مكان وزمان اضمحلال الذرة عشوائيان حقاً.
كما ازدهرت في الأعوام الأخيرة طرق تفكير جديدة في حقل الرياضيات المرتبط بنظرية الفوضى- هذا الحقل الذي استمر في النمو والتطور بسرعة في اتجاهات عديدة، بكل ما تحمله من إمكانات للتطبيق علي مدي واسع ومتنوع من الظواهر. وتمثل الأدوات والمفاهيم التي تزودنا بها هذه النظرية قطيعة جذرية مع الأساليب الرياضية السائدة التي أسست للعلم الحديث منذ جاليليو وديكارت ونيوتن . وتمكننا من رؤية العالم رؤية مختلفة جذرياً عن السابق، ومن فهم أفضل لقواه المحركة وتنظيمه الذاتي وتطوره.
مشكلة البحث :
تعد نظرية الفوضي التي تعد من أحدث النظريات انتشارا في العصر الحديث. ومعرفة المراحل التي مرت بها من جهل وعماء إلي البناء النظري المتكامل” نظرية الفوضي ”، والتعرف علي علاقة نظرية الفوضى بالنظريات الأخرى مثل ميكانيكا الكوانتم، الاحتمالات، وعلاقتها بعلم الرياضيات والمنطق الغائم، أيضاً علاقتها بعلم الايكولوجي، ومدي قدرة نظرية الفوضي بصنع لغة بل وهندسة خاصة بها ألا وهي هندسة الفراكتالFractal Geometry.
وفي ضوء ما سبق يمكن القول ، بأن هذا البحث يدور حول عدة تساؤلات مركزي آلا وهي:تكمن إشكالية البحث في الاجابة عن التساؤلات التالية:
- هل يمكن دراسة نظرية الفوضى من خلال أبعاد منطقية؟
- هل نحن في حاجة إلي نوع من المفهومات الجديدة لدراسة ظاهرة الفوضى؟
- هل يمكن أن نستعين بالمنطق الغائم في فهم ظاهرة الفوضى كظاهرة معقدة؟
- هل يمكن النظر إلي ظاهرة الفوضي من زاوية أيكولوجية ؟
أهمية البحث :
يهدف هذا البحث إلى التعرف على نظرية الفوضى، وهي من النظريات التي انتشرت حديثاً ولاقت اهتماماً واسعاً؛ لتفسيرها الكثير من الأمور التي توقفت النظريات العلمية السابقة عن تفسيرها، ولم تجد سبباً مقنعاً يبرر حدوثها، ولتزيل الكثير من الغموض حولها، وأصبح من الممكن إيجاد الصلة بين الأمور المتباينة، أو توقع الرابط بينها. حيث أصبحت هذه النظرية تقرر أن بعض الأمور التي نراها مختلطة وغير مترابطة قد تكون منتظمة، وتسير حسب نسق محدد بعكس ما تبدو عليه. فالحركات التي تبدو عشوائية هي في الواقع تتبع مسارات لاخطية تتكرر وتتداخل بنسق معين غير متماثل تماماً، ولكنه منتظم جداً وكأنها تعود إلي نقطة جذب محددة بعد أن تنطلق منها.
منهج البحث :
وقد اتبعت الباحثة في دراستها المنهج التحليلي المقارن، حيث اهتمت الباحثة بتحليل وتوضيح نظرية الفوضي عند كلٍ من الرياضيين والفيزيائيين ومدي ارتباطها بالرياضيات وبوجه خاص الاحتمالات والإحصاءات وارتباطها أيضاً بالمنطق الغائم وعلم الأيكولوجي، ومقارنة نظرية الفوضى مع ميكانيكا نيوتن وميكانيكا الكوانتم، وقد استدعي البحث ضرورة اللجوء إلي المنهج التاريخي لتأصيل مفهوم ” الفوضي” قديماً، وتتبع المراحل التي مرت بها.
أهم نتائج البحث :
1- إن النظم الفوضوية لها درجة عالية من التعقيد والتعقيد هنا يعني أنه لايمكن التنبؤ بالنتائج ( في كثير من الحالات) بدقة وذلك بسبب كثرة العوامل المؤثرة في النظم وحساسية هذه النظم لهذه العوامل.
2- بدّلتنظرية الفوضي من طريقة رؤيتنا للعالم. فقد غيٌرالعلم حتي أعمق جذوره عن طريق تغيير لغته لغة الرياضيات. ومن الغريب أن نظرية الفوضي نشأت عن الرياضيات التي أصبحت تفوق سائر سبلنا في اختزال النظرة إلي العالم، حيث يختزل البيولوجيون الحياة في فئة من التفاعلات الكيميائية، ويختزل الفيزيائيون المادة إلي مصفوفة من المعادلات الرياضية. وحينما توصف الظاهرة بفئة من المعادلات فهي ” معروفة” و قد أصبح من الممكن التنبؤ بها ومضاعفتها والتحكم فيها، لذلك فإن علماء الرياضيات قد ابتعدوا عن أي تطبيقات لعملهم علي العالم ، وبأنماطهم في التفكير البحت، استنبطوا كل شئ من مبادئ أولية مستخدمين التحليل المنطقي الصارم، لقد آمنوا بأن الرياضيات مستكفية بذاتها، هي في حد ذاتها كل شئ.
3- لعبت نظرية الفوضى دوراً محورياً في دراسة ومعالجة التعقيد البيئي والمشكلات البيئية، حيث يعيش البشر وسط أزمة فقد استثمر الناس البيئة كما لو أنها مورد لا ينضب، لكن الضغوط التي يؤثر بها النشاط البشري علي البيئة صارت واضحة في كل مكان. إن حماية الغطاء النباتي والحياة الحيوانية يعد من تحديات زماننا الكبري. إن التلوث وخسران التنوع الحيوي وتدهور المنظومات الأيكولوجية يُعد مثالاً علي المشكلات البيئية علي كوكب الأرض.
4- لم تظهر نظرية الفوضى كموضوع واعد لدراسة دقيقة، ولقد احتقرها الكثير من العاملين في العلم في الماضي، حيث ارتبطت ”الفوضي” عبر التاريخ بالاضطراب، التشوش، والاختلال، لكن من الناحية العلمية تتضمن الفوضي ” العشوائية” Randomness غير المرغوبة، لكن مفهوم” التنظيم الذاتي” self organization عند حافة الفوضي يشير إلي انبثاق النظام من الفوضي. وتتميز المنظومة في هذا الوضع ” حافة الفوضي” بقابليتها للتغير وبقدرتها علي إنتاج الجديد سواء تمثل هذا الجديد علي هيئة بني مستحدثة أو سلوك جديد غير مسبوق . وهكذا يتاح للمنظومة وهي في هذا الوضع إمكانات غير محدودة للتطور والتجدد، وبلوغ حالات غير مسبوقة في تاريخها. كما أنها الآن تلعب دوراً محورياً في فهمها لطبيعة الأشياء. فقد رأينا كيف يمكننا من خلال النظريات الفيزيائية تمثيل العالم الذي يحيط بنا، وكيف أن الفوضي تحد من هذا التحكم الفكري للعالم. كما تعد الفوضي علم جديد، وهو علم ينتمي من الوجهة الرسمية للرياضيات، فهو فرع من فروعها، وبينما تنقسم الرياضيات إلي بحتة وتطبيقية، فهذا الفرع الحديث يجمع بين الحالتين، وفي جانبه التطبيقي لم يترك مجالاً علمياً إلا وقد اقتحمه.
5- دخلت نظرية الفوضي إلي عالم البحث العلمي” من الباب الخلفي” كما يقال. لم تكن النظرية قانوناً، كما هو الحال في الديناميكا الحرارية أو ميكانيكا الكوانتم، لكنها علي الرغم من ذلك مكنت الباحثين من تحليل الحوادث والميادين ذات التشابك الإشكالي. كما قام إليا بريجوجين باستخدام مفهوم ”البُني المبددة” DissipativeStructure لكي يبين أن البنيات الأكثر تعقيداً يمكن أن تنشأ عن البنيات الأبسط وأن النظام ينبثق عن الفوضى.