Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المجتمع المدني والدولة في فلسفة توماس بين /
المؤلف
حسن، شريف مصطفي احمد.
هيئة الاعداد
باحث / شريف مصطفي أحمد حسن
مشرف / محمد عثمان الخشت
مشرف / محمد مهران رشوان
مناقش / محمد محمد مدين
مناقش / هبه أبو العلا
الموضوع
فلسفة توماس بين.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
244 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
2/3/2019
مكان الإجازة
جامعة الفيوم - كلية الاداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 242

from 242

المستخلص

لم يتمكن أحد من الباحثين – حتى الآن – من إبراز الأهمية الكبيرة لإنجاز” توماس بين”Thomas Paine (1737 – 1809) سواء على مستوى الفكر أو على مستوى الواقع. فرغم أن حياة ”بين” تنقسم إلى مرحلتين أساسيتين وهما المرحلة الأمريكية التي استمرت ما بين عامي 1774م و1787م، والمرحلة الأوروبية التي شغلت الفترة ما بين عامي 1787م وحتى 1802م، فإن حتى العدد القليل من الباحثين الذين عنوا بالمرحلة الأمريكية من حياته قد طغت على أطروحاتهم الظلال الأوروبية، في حين لم يبد الباحثون الذين عنوا بجهوده الأوروبية أي اهتمام بأثر خبراته الأمريكية عليها. فقد تعرضت العديد من الكتابات لحياته وبعض من أفكاره بدرجات متفاوتة من الموضوعية، لكنها ركزت بشكل عام على التفاصيل الجزئية في حياته، ولم تستكشف، من ثم، الجوانب الأعمق من أفكاره. كذلك لا يمكننا أن نفهم الأهمية الكبرى لـ ”بين” سوى في حدود علاقته بأحد أهم التحولات التي حدثت في التاريخ الحديث وهو التحول الذي يمكن أن نشير إليه بدقة بـ ”عملية تحديث الوعي السياسي”.
فقد اتسم هذا التحول بتغيرات جوهرية في طرق الفهم والتعبير والتقييم ضمن الحقل السياسي، وهي في جملتها تغيرات يعد كل منها مهماً لدرجة توازي التغيرات التي أحدثتها حركات الإصلاح في المجال الديني في القرنين السادس عشر والسابع عشر، تغيرات نتج عنها تكوين عقلية سياسية جديدة تماما لكل المشاركين على كل مستويات العملية السياسية، عقلية لا تتقبل التغيير وحسب بل تواقة إليه أيضا، عقلية تتطلع إلى الحاضر والمستقبل ولا تستغرق في الماضي، عقلية واثقة في قدرة الفهم الإنساني على تشكيل ذلك الحاضر وذاك المستقبل وهي ملتزمة بالمعتقدات الثورية بأن معيار العضوية ضمن أمة سياسية يجب أن يكون عاماً وليس تقادمياً، وأن التطور الاجتماعي والسياسي يجب أن يؤسس على الإنجاز وليس على النسب. وحيث أسهم هذا التحول بدور كبير في إحداث تطورين حاسمين وهما تعبئة فئات واسعة من المجتمع كانت – فيما مضى– خامدة سياسيا، وكذلك إسقاط القداسة عن
النظام السياسي التقليدي.
وقد لعب”بين” دورا حاسما في المراحل الأولية من هذا التحول أثناء العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر، كما كانت الأحداث الاجتماعية والسياسية في أمريكا – كما عايشها ”بين” خلال المرحلة الأمريكية من حياته – مهمة للغاية في تحديد شكل ومحتوى إسهامه الخاص في ذلك التحول.
ولهذه الدراسة الفلسفية للمجتمع المدني والدولة عند ”توماس بين” غرضان رئيسيان: أولهما: محاولة كشف النقاب عن التناول الفريد الذي قدمه ”بين” لإشكالية العلاقة بين المجتمع المدني والدولة وما تتضمنه هذه الإشكالية من بحث في الطبيعة البشرية وحقوق الإنسان ومفهوم المجتمع المدني وأصله ومبادئه وطبيعة الملكية، وأصل الحكومة ووظيفتها وأنواعها وبخاصة الحكومة الجمهورية، فضلا عن مفهوم ”بين” للإرادة العامة، وتمييزه بين المجتمع المدني والدولة، والآليات التي طرحها لتأسيس مجتمع مدني يدبر شئونه دون حكومة، ومفهومه للحريتين السياسية والاقتصادية، وأخيرا متطلبات بناء مجتمع مدني عالمي قائم على علاقات دولية تراعي مصالح الأنا والآخر. وحيث تمثل تلك الافكار المشبعة بروح التفاؤل والأمل في المستقبل والتي تجعل من الفعل والعمل والمواطنة المستنيرة القوة الدافعة إلى تغيير المجتمعات وإقامة دولة الحرية والرفاهية والسلام، حاجة ملحة لمجتمعاتنا في العصر الحاضر. وثانيهما: أن هذه الدراسة تأمل في جلب ”بين” إلى بؤرة الاهتمام عبر مقارنة فكره بالتقاليد الأخرى للفكر السياسي، وبالتحديد التنوير الأمريكي والفكر الفوضوي. فبسد بعض الفجوات، يمكن أن نؤسس بعض العلاقات، ونبدد بعض التحيزات التي يمكن أن تكون مدخلا لإخضاع ”بين” للمعالجة المدرسية الصارمة التي تمت مع غيره من مفكري عصره الآخرين أمثال توماس جيفيرسونT. Jefferson ووليام غودوين W. Godwin .
وتأتي أهمية هذه الأطروحة من الإسهامات التي تقدمها لحقل الدراسات في الفلسفة السياسية، وأهمها:
أولا: أنها تقدم رؤية جديدة لعلاقة ”بين“ بتقليد التنوير الأمريكيThe American enlightenment بطريقة أكثر شموليةً من الدراسات السابقة. حيث يمثل ”توماس بين”– في حد ذاته – إشكالية في الفكر السياسي. فمن المعروف بشكل عام، مع أن ذلك غير مدعوم بمعالجة علمية دقيقة، أن ”بين” ناطق نموذجي باسم ليبرالية التنوير. غير أننا نجد أنه بينما تدين فرضيات ”بين” حول الحقوق الطبيعية والمذهب الجمهوري والدين والتاريخ بالكثير لعصر التنوير، فإن أفكاره الخاصة بالفرد والمجتمع المدني والحكومة تتباعد بشكل كبير عن ليبرالية التنوير التقليدية، وتبرز اقترابه بشدة من أكثر مدارس الفكر السياسي شهرة والمعروفة بالفوضوية.
ثانيا: أنها تبرز إلى أي مدى كان ”بين” مدافعا عن الفرد والمجتمع المدني والحكومة المقيدة. حتى أنه جعل المقصد الحقيقي للحكومة وغايتها هو تمكين الأفراد من تتبع مصالحهم الخاصة، وأن الحكومة عندما تكون حقا ديمقراطية وتستجيب لإرادة الشعب وتؤسس على مبادئ طبيعية أهمها:
1- يولد البشر أحرارا متساوين في الحقوق.
2- هدف كل الكيانات السياسية هو المحافظة على الحقوق الطبيعية للإنسان.
3- الأمة هي المصدر الأساسي لكل سيادة.
فلن تكون ثمة حكومة على الإطلاق.
ثالثا: أنها تقدم رؤية متماسكة لفلسفة ”بين“ السياسية متجاوزة التناقضات الشكلية التي قد تطل علينا من كتاباته. فقد أكد بعض الشراح أن رفاهية ”بين” لا تتطابق وإصلاحاته الزراعية والتعليمية مع محاولته الحد من تدخل الدولة في حياة الفرد، لكننا نؤكد أنه رآها فقط كخطط قصيرة الأجل تهدف إلى تزويد الفرد بالمناخ الملائم وسبل العيش في مجتمع مدني فردي.
رابعا : أنها تقدم - من خلال ”بين“- خطة محكمة لإنقاذ العالم من الرأسماليةCapitalism المتطرفة الجشعة التي أدخلت الأفراد بل والدول في صراعات مادية أنانية جعلتنا نصل إلى وضع أشبه بحالة الطبيعة عند ”هوبز“، حيث ”حرب الكل ضد الكل ” من أجل البقاء أو لنقل من أجل إذلال الآخرين واستعبادهم .
خامسا: الإجابة على مجموعة من التساؤلات المهمة، ومنها: لماذا تم تجاهل ”بين” في الفكر الغربي؟. هل بسبب آرائه الجريئة الرافضة للدين الرسمي أم لأن أفكاره التي تأسس عليها المجتمع الأمريكي لم يعد لها وجود الآن داخل المجتمع الغربي؟. وإذا كان ”توماس بين” يرفض القول بأن الديمقراطية هي نتاج التجربة الإنسانية على مر العصور، ويرى أن الديمقراطية كتجسيد للحكم النيابي هي صناعة أمريكية خالصة، فماذا عن مفهوم الديمقراطية المعاصرة، وهل حافظ المفكرون والساسة الأمريكيون على المفهوم الذي نسبه للديمقراطية أم أن هذا المفهوم قد تغير؟. وهل أصبحت الولايات المتحدة، التي منحها ”بين” إسمها وأسسها، لا تعني بالتحقق الفعلى لمبادئها التي تأسست عليها بقدر ما تعني بالدعاية لها.