Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحماية القانونية للبيئـة الزراعيـة :
المؤلف
خليفة، عبدالسلام بلعيد.
هيئة الاعداد
باحث / عبدالسلام بلعيد خليفة
مشرف / فيصل ذكي الدين عبدالواحد
مشرف / محمد محمد محمد أبوزيد
مناقش / محمد محي الدين إبراهيم سليم
الموضوع
القانون المدني.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
428ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
30/9/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قســم القانون المدني
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 428

from 428

المستخلص

الحماية القانونية للبيئة الزراعية
ملخص الرسالة
في إطار تطور الفكر القانوني المعني بمجال الحفاظ على البيئة الزراعية، وحمايتها من التلوث، نجد بين الفقه الحديث من يدعو بحق إلى تجديد نظرية القانون، تجاوزاً عن أفكارها التقليدية الاجتماعية والأيديولوجية، وإلا بقيت هذه الأفكار بما فيها الخاصة بالبيئة صعبة وغير يسيرة من حيث تعريفها، وغامضةً من حيث مبادئها، وشاقة من حيث دراستها القانونية، وغير محددة الأبعاد من حيث تحليلها، وإزاء تزايد الاهتمام العالمي بمحيط الإنسان وتزايد المؤتمرات والاعلانات الدولية في هذا المجال فقد تمت الاستجابة لكل ذلك بوسائل قانونية جديدة كفيلة بحماية البيئة من التلوث، والحفاظ عليها من أضراره، سواء في ذلك مصر وليبيا، وغيرهما من دول العالم الأخرى.
وتتعدد وسائل حماية البيئة من التلوث، ومن أهم هذه الوسائل القوانين والتشريعات البيئيّة، فلا يمكن إنكار دورها في صيانة البيئة، والمحافظة عليها، والواقع أن حماية البيئة هي مسئوليّة المجتمع بأسره وليست فئة معينة، فإذا كانت القوانين والتشريعات قد وضعت الحدود والقواعد المنظمة للتعامل مع البيئة، فإن تنفيذ تلك القوانين، وعــدم التهاون بشأنها لا يقل أهمية عن سن هذه القوانين، وتتعدد الجهات التي تقوم بتنفيذ القوانين واللوائح والتشريعات المعنية بحماية البيئة الريفية، ويختلف نشاط الجهات المعنية بحماية البيئة ما بين القيام بأعمال تنفيذية، أو استشارية أو تخطيطية أو بحوث ودراسات علميّة، وهى تشترك جميعاً فى هدف واحد هو حماية البيئة من التلوث، أيا كانت أشكال هذا التلوث، بالمبيدات أو مياه الصرف المختلطة بالأملاح أو صرف المصانع المختلط بالمواد الكيميائية وغيرها من أشكال التلوث.
وتتعدد صور التلوث وتختلف آثارها، ولكنها جميعها تتفق في أنها تجعل الشئ محل التلوث فاسد وغير صالح للقيام بمهامه الطبيعية التي خُلق لها، فالماء الملوث لايصلح للشرب أو الري وغيرها من الاستخدامات، والهواء الملوث قد يؤدي استنشاقه لأمراض خطيرة تصيب الجهاز التنفسي، وقد تودي بحياة الإنسان، والتربة الملوثة لا تصلح للانتاج، وإن حدث كانت المنتجات ملوثة وخطر على حياة الإنسان وصحته.
ويعتبر الارشاد الزراعي من أهم الأجهزة التي يمكنها مقاومة تلوث الأرض الزراعية من خلال دوره في بناء القوى البشرية العاملة في المجال الزراعي، وتنميتها ونشر الوعي بين أعضائها، ومن الناحية الشرعية دائما ما كانت الشريعة الإسلامية سباقة، وصاحبة الفضل الأول في الحفاظ على البيئة الزراعية (بما فيها التربة والمياه والمنتجات الزراعية)، وحمايتها من التلوث،.
وكان للدولة دور هام في مجال الرقابة على المبيدات وتنظيم تداولها واستخدامها في الانتاج الزراعي، حيث قامت بسن العديد من التشريعات، والتي تراوحت بين القوانين والقرارات الوزارية، بغية حماية المنتجات الزراعية من التلوث بتلك المواد الكيماوية المستخدمة في عمليات مكافحة الآفات، أو تحفيز وتسريع نمو المنتجات الزراعية، في محاولة منها للحد من الأضرار التي تصيب الإنسان بسببها، ومن أهم تلك التشريعات، قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966، وقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، والقرارات الوزارية أرقام 215 لسنة 1985، 663 لسنة 1998، 3209 لسنة2002، 3059 لسنة 2004، إلى جانب تأسيسها العديد من الأجهزة التي تسهر على تطبيق تلك التشريعات بغية حماية البيئة الزراعية من التلوث.
وتعد الهندسة الوراثية من أهم التطبيقات العلمية للتكنولوجيا الحديثة في مجال الزراعة، تعمل على تغيير التركيب الجيني للنبات، ومن ثم تغيير المواصفات والخصائص، وربما الشكل والطعم له، ورغم فوائدها في هذا المجال، إلا أن الواقع العملي كشف عن مخاطر وأضرار هائلة ترتبت على هذه التكنولوجيا في المجال الزراعي، وقد اتجهت مصر لاصدار التشريعات المنظمة لإنتاج واستيراد وتسويق المنتجات الغذائية والدوائية المُهندسة وراثياً، وفي مجال الأمان الحيوي والنواحي الاخلاقية والقانونية، وكذلك المشرّع الليبي في القانون رقم 7 لسنة 1982 بشأن حماية المواد الغذائية، وضع الضوابط والمعايير المنظمة لاستيراد الأغذية والمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا، ووضع الكثير من الضوابط لحماية المجتمع من خطرها.
وإزاء خطورة آثار الأنشطة التي تؤدي إلى تلوث البيئة الزراعية، كان من الضروري البحث في المسئولية المدنية عن تلك الأنشطة، مع مراعاة عدم التقيد بالقواعد التقليدية للمسئولية، حيث أن القواعد التقليدية للمسئوليّة، وإن اشترطت وجود علاقة السّببيّة المباشرة بين الفعل المنتج للضرر وبين الضّرر الحادث، إلا أنه وبصدد المسئوليّة عن تلوّث البيئة الزراعيّة هناك العديد من الأفعال المنتجة للضرر، وإن كانت لا تتصل بالضّرر برابطة السّببيّة المباشرة، إلا أن تلك الأفعال ذات خطورة شديدة، وتؤدي لأضرار غير تقليدية، ومن ثم تستلزم تطوير قواعد المسئولية المدنية في هذا المجال، خاصة وأن الأضرار الناتجة عن تلوث البيئة الزراعية تتميز بالخصوصية، فهي غالبا تكون أضرار غير منظورة، وتحتاج إلى عشرات السنين لتتبلور بصورة نهائية، وتتميز بالاستمرارية، وتتعدد الأسباب المنتجة لها، ويصعب تقديرها، كما أن التعويض العيني فيها قد يكون مستحيلا.
ويبدو أن عملية الإثبات فيما يتعلق بعلاقة السببية بين الفعل الضار بالبيئة (التلويث) والضرر الناجم عن التلوث، ليست بالعملية اليسيرة، خاصة في ضوء ما سبق وأوضحناه من خصوصية الأضرار الناجمة عن التلوث، وغالبا ما يكون هو السبب الرئيسي لاثارة المنازعات في مجال المسئولية عن تلوث البيئة، فقد اختلفت آراء الفقهاء بين أي من نظريات السببية تكون أكثر مناسبة للتطبيق في مجال المسئولية عن تلوث البيئة الزراعية، فمنهم من قال بنظرية تعادل الأسباب جميعها في احداث النتيجة الضارة، وأخرون قالوا رجحوا السبب المنتج أو الملائم لاحداث هذه النتيجة، ونظرا لخصوصية البيئة الزراعية وصعوبة إثبات خطأ المتسبب في احداث التلوث، أو أي من الأسباب الذي أدى إلى النتيجة الضارة، ذهب للقول بنظرية المسئولية الموضوعية المطلقة، قياسا على المسئولية في مجال الأنشطة الخطرة مثل المجال النووي وأنشطة الفضاء الخارجي، كما ظهرت ما عرفت بالسببية العلمية، حيث رأى البعض الاستناد إلى أقصى ما وصل إليه العلم في إثبات رابطة السببية بين أفعال التلويث والأضرار التي تصيب البيئة الزراعية، وتجدر الإشارة إلى أن نظرية الفقه الإسلامي للسببية كانت مادية بحتة، حيث لابد من اتصال الفعل بالنتيجة اتصالا ماديا ومباشرا.
وتعد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، صوره من صور المسئولية التضامنية، إذ يمكن تقرير مسئولية مرتكب الخطأ والمتبوع في ذات الوقت، ويمكن مقاضاة الاثنين معا، ويكون من حق المضرور الخيار بين أيهما يختار لمطالبته بتحمل مسئولياته إزاء اصلاح ما أصابه من أضرار نتيجة خطأ التابع.
والجدير بالذكر، أنه وإن كان التعويض النقدي في الكثير من الحالات يحتل مكان الصدارة في جبر الأضرار، إلا أنه وفي مجال التعويض عن الأضرار الناتجة عن تلوّث البيئة، فإن التعويض العيني يكون أكثر تحقيقا للعدالة، وقبولاً من ناحية المنطق، فقواعد العدل والمنطق تفترض جدلاً أن يكون الأصل في التعويض عن الأضرار هو التعويض العيني، وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضّرر، فمن ناحية، نجد أن طبيعة الأضرار البيئيّة تفرض مثل هذا النوع من الجزاء، فالضّرر البيئي ذو طبيعة مستمرة ومتكررة، لذا لابد من وسيلة تضمن وقف هذا الضّرر، ومنع تفاقمه، وليس فقط التعويض النقدي عنه، ومن ناحية أخرى، فليس من المقبول بالمطلق ان تقضي المحكمة للمضرور بيئياً بالتعويض النقدي عن الضّرر البيئي الذي لحق به، ومصدر هذا الضّرر مازال قائماً وموجوداً.
قد يكون التعويض العيني بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الضّرر، مستحيلا – من الناحية المادية – أي أنه لا يمكن إعادة الشئ المضرور إلى الحالة التي كان عليها، فقد يكون الضّرر عادما للبيئة المضرورة، وبالتالي من الاستحالة إعادتها إلى سابق عهدها، ومثال ذلك تلك الأضرار التي تصيب البيئة نتيجة لاستخدام اليورانيوم، فأصاب الإنسان بالتشوهات والأمراض، وكذا هلاك الموارد الحية نتيجة التّلوّث بالمواد السّامة أو المشعة، أو هلاك المزروعات واتلاف التربة، كل ذلك مما يجعل إعادة الحال إلى ما كانت عليه مستحيلا، وتعد عملية وقف الأعمال الضارة عنصرا من عناصر التعويض العيني.
وقد تكون هناك صعوبة في تقرير التعويض النقدي عن الأضرار البيئية المحضة، وترجع هذه الصعوبة إلى الجدل الدائر بين الفقهاء في مسألة ملكيّة البيئة وعناصرها، كما قد تتعلق هذه الصعوبة بعدم إمكانية التقييم النقدي لعناصر البيئة، والتي قد تكون قيمتها معنوية أو ثقافية أكثر منها مادية.
وقد جرى العمل مع قدر من الخجل على تعويض أضرار التلوث في البيئة الزراعية من خلال صناديق التعويضات ، أو عن طريق نظام التأمين، إلا أنه، ونظرا للنقائص التي يمكن أن تعتري نظامي صناديق التعويضات والتأمين، فقد سعى كل من رجال القضاء والفقه القانوني، سواء على المستوى المحلّي أو على المستوى الدولي، إلى البحث عن أساليب الضمان البديلة، وذلك انصافاً للمضرور وحماية للبيئة، حيث وجدت مجموعة من الأفكار المبتدعة من قبل هؤلاء، تبنتها بعض القوانين، مثل فكرة إدارة الأخطار الصناعيّة، كوسيلة من وسائل الضمان المالي.
كما أن موضوع من يكون مسئولاً بموجب نظام المسئوليّة في إطار بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الأحيائية هو موضوع حيوي، فالعرف الدولي يثبت حتى الأن وجود لبساً محسوس إزاء نظم المسئوليّة المدنيّة، فبعض أحكام البروتوكول تبدو في الواقع أنها تفرض إلتزامات وترتب حقوقاً، ليس فقط على الأطراف، بل كذلك على طائفة من الكيانات الداخلة في التحركات عبر الحدود للكائنات الحية المحورة، ويمكننا القول بأن قيام شخص طبيعي أو اعتباري، خاص أو عام، بتلويث الهواء أو الماء أو التربة، أو التعدي الجائر على موارد البيئة الطبيعيّة على نحو يهدد بقائها، ويعرض نظامها الأيكولوجي للاخلال والتهدّم، أو امتناعه عن اتخاذ ما يلزم من تدابير لمنع حدوث التّلوّث، أو النشاط الضار بالبيئة، يعرضه لتحمل تبعة المسئوليّة، والتعويض عن الأضرار التي تحدث للغير، وتكمن الاشكالية في تحديد الآليات التي يمكن عن طريقها تحديد المسئوليات، وبيان المسئول عنها، وتقرير التعويض الجابر لهذا الضّرر.