![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص ثمّة علاقة وطيدة تربط بين الاقتصاد والجرائم، فالجرائم تؤثر تأثيرًا سلبيًّا على الاقتصاد, وخاصةً لو كانت جرائم اقتصادية، أي: اعتداءات تقع على اقتصاد الدولة؛ فتدمر دخل الأفراد والمجتمع، فالجرائم الاقتصادية تمثل هدمًا لأعمدة المجتمع, وقد عرف الإنسان الجرائم الاقتصادية منذ فجر التاريخ, ولا يزال كل يوم تُستحدث جرائم اقتصادية جديدة، فقديمًا كانت الجرائم الاقتصادية تتمثل في (الاحتكار, ورفع الأسعار, والتهرب الضريبي, .... وغيرها)، أما حديثًا فقد ظهرت جرائم اقتصادية أخرى جديدة, مثل: جرائم غسل الأموال, وجرائم الشيكات, وجرائم البناء والإسكان, .... وغيرها( ), ومرجع ذلك إلى النهضة الاقتصادية التي سيطرت على العالم أجمع، بل دخلت في مجالات كثيرة (اقتصادية وسياسية واجتماعية)؛ نتيجة سهولة المواصلات والاتصالات، وزيادة التعاون بين الدول، وهذا التوسع الاقتصادي الذي شهدته البشرية، أدى إلى توسع آخر في السلوك الإجرامي، فاستُحدِثت جرائم وأساليب لم تكن معروفة من قبل، بل تنوعت هذه الأساليب بتنوع المجالات الاقتصادية المختلفة، فبدأ الإنسان بجمع ثمار التقدم الصناعي الذي استغله لينطلق باحثًا عن الأرباح بشتى الوسائل، فالغاية عنده تبرر الوسيلة( ). ونظرًا لتعاظم دور الاقتصاد في عالمنا اليوم بحيث أصبح هو الأداة الأولى في حسم بعض الصراعات السياسية الدولية والإقليمية، وبات يشكل – إلى جانب القوة العسكرية – الكفة الثانية لميزان القوى السياسية في العالم، فإن العديد من الدول لجأت - من أجل حماية اقتصادها القومي الذي يُعد في عالم اليوم ضرورة لحياة شعوب هذه الدول – إلى تجريم كل فعل أو امتناع يقع بالمخالفة للقوانين الاقتصادية في كل دولة، وتتفاوت شدة العقوبة حسب نوع المصلحة الاقتصادية المعتدى عليها وأهميتها، فإذا كانت هذه المصلحة الاقتصادية ذات أهمية كبيرة في الدولة، كانت عقوبتها على درجة كبيرة من الجسامة، وإن كانت هذه المصلحة الاقتصادية في مرتبة أقل من حيث الأهمية، كانت عقوبة الفعل أو الامتناع الذي يشكل اعتداءً عليها أيضا أقل من العقوبة المقررة على المصلحة الأولى. |