الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص التمييز بين السرد والتاريخ يتعارض وطبيعة كليهما، فسرد أيِّ نص روائي التاريخ جزء منه، وفي الرواية الشفهية من قديم الزمن يحكي الكبير حكايته مع الحياة؛ لأنها مع الوقت تتحول إلى تجربة زمنية، والتاريخ أحداث شكلت تجربة زمنية تستحق السرد والتسجيل، فالتاريخ في جوهره شكل غير فني أو مكتمل من أشكال السرد، فعناصر التاريخ هي نفسها عناصر الرواية (حدث وزمان ومكان وأشخاص وحبكة وراوٍ). ”والرواية التاريخية تقوم أصلاً على إحياء مرحلة تاريخية لم يَعُدْ لها وجود، وبعثها من جديد من خلال شخصياتٍ تاريخيةٍ ذات شهرة غالبًا، وشخصيات موضوعة يبتكرها الكاتب ويحملها بما يحيي في خواطرنا صورة العصر المراد بعثه، بأبعاده المختلفة النفسية والسياسية والاجتماعية”( )، فتعرض التجربة الإنسانية في سيرورتها الممتدة والباقية بقاء المقدمات والنتائج والحياة، للوصول لحاضر ومستقبل ببصمات تاريخ يرمي بظلاله على طبيعة المجتمع وتكويناته. في بداية القرن التاسع عشر ومع انتشار الثورات في أوروبا نشأت الرواية التاريخية الغربية، باللجوء إلى التاريخ والاستفادة منه، وظهور والتر سكوت الأب الروحي للرواية التاريخية، مزاوجًا بين التاريخي والمتخيل، مستعرضًا ثقافة العصر المستهدف، فينتقي فترات الأزمات البارزة في التاريخ الاسكتلندي والإنجليزي والأوروبي، يختار منها ما يُلبسه ثوبًا تاريخيًّا في الوصف والزمان والمكان، ويصنع حبكة لا تلتزم بالتاريخ قدر ما تلتزم بقصةٍ وحكايةٍ مشوقةٍ، بأحداثٍ تستلهم البطولات والفروسية والأسلحة والمغامرات وقصص الحب، وتَبِعَ سكوت الكثير من الروائيين الغربيين في كتابة الرواية التاريخية ”أمثال ألفريد دي فيني، وماريميه وفيكتور هيجو وستاندال، وفي إيطاليا مانزوني، وفي ألمانيا رنكيه، وفي روسيا تولستوي، وغيرهم كثير حتى ليمتد تأثيره إلى الرواية التاريخية العربية ممثلة بجرجي زيدان في بدايتها”( ). |