Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
آليات مقترحة في ضوء مفاهيم الاقتصاد الأخضر لمواجهة الفقر
في الريف المصري/
المؤلف
عبد الهادي، ولاء عثمان عبد الفتاح.
هيئة الاعداد
باحث / ولاء عثمان عبد الفتاح عبد الهادي
مشرف / محمد كامل ريحان
مشرف / هشام إبراهيم القصاص
مناقش / سعيد نبوي السيد على
مناقش / محمد السيد الننه
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
517ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
العلوم البيئية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - معهد البيئة - قسم العلوم الزراعية البيئية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 517

from 517

المستخلص

الملخص
تمثل قضية الفقر خاصة في دول العالم الثالث احد اكبر التحديات التى تواجة العالم المعاصر، ويعد الفقر من الظواهر الاجتماعية الخطيرة ذات الأبعاد المتعددة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية .لذا فإن قضية الفقر من أهم القضايا التي تشغل صانعي القرار خاصة في الدول النامية. وعلى الرغم من الإهتمام بقضية الفقر خاصة منذ منتصف القرن العشرين، إلا أنها مازالت مستمرة إلى الآن، مما يعنى ضرورة وجود سياسات فاعلة لخفض الفقر تتبنى استراتيجيات بديلة.
ففي السبعينيات كان يشار للفقر علي إنه إنخفاض في مستويات الدخل والإستهلاك ومن ثم الفشل في إشباع الحاجات الأساسية. وعليه وضعت كل دولة لنفسها حداً أطلقت عليه خط الفقر الوطني. وتم تحديده بمبلغ مالي بالعملة المحلية. فإذا ما وقع دخل الفرد تحت هذا الخط أعتبر فقيرًا. واتسع المفهوم في الثمانينيات والتسعينيات، فلم يعد مقتصرا على مبدأ الافتقار للموارد بل تطور إلى الحرمان النسبي، والذي يعرف الفقر على أنه الفشل في الحفاظ على المعايير السائدة في مجتمع معين. وفي الآونة الأخيرة، تم تعميق هذا المفهوم ليشمل فكرة حرمان القدرات المتمثلة في الحرمان من جوانب غير نقدية مثل حرية الأفراد اللازم توفرها من أجل توسيع وتنمية القدرات البشرية وأي قدرات أخرى وذلك في إطار مدخل القدرة Capability approach للاقتصادي Sen;2005)).
ويمكن قياس الفقر عن طريق التعبير عن عدد الفقراء كنسبة من السكان أو عن طريق قياس مستوى المعيشة معبرا عنها بدخل العائلة أو متوسط نفقات الفرد. ومعامل جيني الدال علي عدم المساواة، بالإضافة إلي مؤشر الفقر البشري و الفقر متعدد الأبعاد. ففقر الدخل هو أحد المقاييس المستخدمة في استراتيجيات تخفيف حدة الفقر، وهو يعين مستوى محدد من الدخل أو الإنفاق أو الأرقام القياسية، وخط الفقر هو الحد الفاصل بين الفقراء وغير الفقراء، وهو الذي يحدد الحد الأدنى من الدخل اللازم لتلبية النفقات الضرورية للأغذية والبنود غير الغذائية للفرد أو الأسرة. حيث يمثل ذلك 1.90 دولار للفرد في اليوم وفقا لآخر تقاریر البنك الدولى.
وينتشر الفقر بشكل أوسع في المناطق الريفية، ويعتمد معظم السكان الريفيين علي الزراعة، ولكن نتيجة الأضرار البيئية التي تلحق بها مثل قلة مساحة الأراضي الزراعية؛ نتيجة التوسع العمراني، والتجريف، التبوير، التصحر وملوحة الأرض، وقلة المياه المؤدية لتدهور الإنتاجية، والتزايد في عدد السكان وزيادة الإستهلاك تكون عائق أمام التنمية. فإن الفقر في
الأرياف يرتبط ارتباطاً مباشراً بتدهور الأراضي والموارد الطبيعية؛ فالتدهور يتسبب في الفقر، وفي حالات كثيرة، يجعل الفقر من إصلاح الموارد الطبيعية أمرأً صعباً جداً(الأمم المتحدة 2005). ومن جهة أخرى فإن البيئة الفقيرة ليست عائقا حتميا أمام التنمية، ما دام هناك رأسمال بشري مؤهل وكاف لتوظيف القدرات البشرية في عملية التنمية، فالفقر يرتبط ببيئة غير صحية فقيرة من الرأسمال البشري والثقافي، أكثر مما هي ببيئة محدودة الموارد المادية. ويلاحظ أن التمكين القانوني للأشخاص والجماعات الفقيرة، ومنحهم حقوقًا تتعلق بالأراضي و تكافؤ فرص حصولهم على الأراضي سيؤديان إلى نتيجة ثلاثية الأبعاد، وهي: زيادة تأمين سُبُل المعيشة، وتحفيز التنمية الاقتصادية، والحد من تركيز غازات الدفيئة. ومن ثم، يمكن أن يسهم التمكين القانوني للفقراء في الحد من الفقر على نحو مستدام.
كما ظهر حديثا ما يسمي بالاقتصاد الاخضر الذي يساهم في علاج مشكلة الفقر بأشكاله المختلفة، وليس فقط الفقر في الدخل، من خلال إدراج الاعتبارات البيئية في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والإستهلاك بل في جميع الأنشطة الحالية (أي أنشطة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر)، والأنشطة المستقبلية (أي إطلاق المشاريع الخضراء). وبهذه الطريقة يمكن تصحيح الخلل الإجتماعي والاقتصادي والحد من التدهور البيئي، نتيجة انخفاض محتوى الكربون ومجموع الانبعاثات من الأنشطة الاقتصادية، وتؤدي الآثار المضاعفة لهذه الأنشطة إلى تعزيز الاستثمار، وتحفيز النمو الاقتصادي وتحسين إيجاد فرص العمل. ويسهم تحسين الدخل بدوره في الحد من الفقر.
ولقد عرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة الاقتصاد الأخضر بأنه ”الاقتصاد الذي ينتج عنه تحسناً للوجود الإنساني الذي يحقق الرفاه والعدالة الاجتماعية، ويقلل المخاطر البيئية وندرة الموارد الإيكولوجية”، أما تعريفه البسيط فإنه ”هو الاقتصاد الذي يوجد به نسبة صغيرة من الكربون ويتم فيه استخدام الموارد بكفاءة، الاحتواء الاجتماعي. فالاقتصاد الاخضر وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة ولا يعد بديلا لها.
ومما سبق يتبين أن الفقر بصفة عامة من أكبر التحديات التي تواجه البشرية، وأسبابها متشابكة مابين أسباب سياسية واقتصادية وإجتماعية وثقافية وبيئية ولذلك فإن القضاء عليه أو الحد منه ضرورة اقتصادية وسياسية؛ سوف يؤدي إلي وقف التدهور البيئي والاستنزاف لموارد الأرض والمياه، وبالتالي الوصول للتنمية المستدامة، فضلًا عن أنها ضرورة إنسانية أولًا

ولهذا تهدف الدراسة إلي توضيح إمكانية مواجهة الفقر في الريف المصري من خلال مفاهيم الاقتصاد الأخضر، وتقديم آليات مقترحة لسبل مكافحة الفقر في مصر من خلال البيانات المختلفة، والتجارب الناجحة في التعامل مع الفقر في دول أخري.
استخدامت الدراسة أساليب التحليل الإحصائي الوصفي والكمي، كما إستخدامت الدراسة أسلوب الإنحدار المتعدد وإتباع طريقة المربعات الصغري العادية”OLS” في التقدير لبيانات زمنية مقطعية(Panel Data) . كما اعتمدت الدراسة علي البيانات الثانوية المنشورة من قبل بعض الأجهزة المحلية كالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء واستخدام بيانات بحث الإنفاق والإستهلاك والدخل لأعداد متفرقة خلال الفترة من 1990-2015 للوقوف علي الوضع الراهن لمستويات الفقر في مصر، وبيانات بعض المنظمات الدولية كالبيانات الواردة بتقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي عن التنمية في العالم.
وترتيباً علي ذلك تم استخدام منهجية بيانات زمنية مقطعية(Panel Data) ؛ وهي التي تعتمد علي بيانات السلاسل الزمنية والبيانات المقطعية معاً؛ للتغلب علي مشكلة توافر البيانات عن مشكلة الفقر بصفة خاصة، سواء من خلال العينة العشوائية أو السلاسل الزمنية فكلاهما يتطلب متطلبات تعجز الدراسة الحالية عن مواجهتها، وقد تم اختيار السلاسل الزمنية خلال فترة زمنية معينة (2015-1990) وكذلك لمدة عامين (2014، 2015) كأحدث سنتين توافر بهما البيانات الخاصة بالفقر لعينة الدراسة لإنعكاس البعد الزمني (أثر زمن العينة)؛ فأصبحت درجات الحرية عالية بعد أن أصبحت N مرتفعة. كما شملت عينة الدراسة علي 14 دولة لبعض مناطق الدول المختلفة، وكذلك 28 محافظة علي مستوي مصر؛ الممثلة للبيانات المقطعية وهي تعكس البعد المقطعي (أثر مناطق العينة). لمعرفة المحددات التي تؤثر علي نسبة الفقر في مصر وبعض الدول النامية التي تتضمنها الدراسة.
هذا بالإضافة إلى استمارة استبيان تشمل الأبعاد الأربعة للتحليل الرباعي، لتقييم العوامل المؤثرة علي الفقر، حيث تم الحصول عليها من خلال المقابلات الشخصية مع بعض القيادات المحلية ذات الصلة بمشكلة الدراسة، و بعض الدراسات والرسائل العلمية ذات الصلة بموضوع الدراسة.
واشتملت الدراسة علي أربعة أبواب، بالإضافة إلي المقدمة وملخص للنتائج والتوصيات ثم في النهاية الموجز والخاتمة والملاحق والمراجع العربية والأجنبية، ملخص باللغة الانجليزية.
وقد تضمن الباب الأول فصلين حيث تناول الفصل الأول الإطار النظري حول بعض الأسس والمفاهيم ذات العلاقة بموضوع هذه الدراسة، وبخاصة ما يتعلق بالفقر، الاقتصاد الأخضر والتحليل الرباعي. في حين اختص الفصل الثاني باستعراض البحوث والدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة، وذلك بهدف تحديد الأسلوب البحثي لدراسة آليات مقترحه في ضوء مفاهيم الاقتصاد الاخضر لمواجهة الفقر في الريف المصري.
ويتناول الباب الثاني أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة من خلال فصلين، تناول الفصل الأول مستوي الفقر في العالم، وأوضحت الدراسة أن منطقتي جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء هي أكثر المناطق فقراً وتمثل أكبر النسب في الخصائص عن باقي المناطق بنسبة 103.6%، 102.4% من إجمالي الفقر المدقع بالعالم علي الترتيب؛ فلابد من زيادة الاهتمام بهم لتحسين خصائص الفقراء والرقي بهم، وبخاصة زيادة الإهتمام بالمناطق الريفية عن الحضر حيث تتركز بها النسبة الأكبر من الفقراء. وفي المقابل تمثل منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي أفضل النسب من حيث حصة الفقراء من الخصائص المذكورة بنسبة 66.2% من إجمالي الفقر المدقع بالعالم.
وتناول الفصل الثاني التجارب الناجحة للتقليل من الفقر والاقتصاد الأخضر في العالم، حيث أوضح أن تمكنت ماليزيا من مكافحة الفقر باعتمادها على استراتيجيات وسياسات أثبتت نجاحها، كما اعتمدت على مشاركة القطاع غير الحكومي في القضاء على الفقر. كما أن مؤسسة الزكاة في ماليزيا لعبت هي الأخرى دوراً كبيراً في منح قروض للفقراء، مع المساهمة في تقديم برامج تنموية تخص الفقراء، وحرصت على تقديم قروض للطلبة من أجل مساعدة الفقراء على مواصلة الدارسة لكي يسهل لهم الحصول على مناصب شغل، كما لعبت دوراً تمويلي لإيرادات الدولة، باعتبار أن الذي يدفع الزكاة يعفي من دفع الضرائب، وكان هذا حافزاً للماليزيين المسلمين على دفع الزكاة. واعتمدت ماليزيا كذلك على التعليم المهني بكافة مستوياته وكافة مدخلاته، وعملت على ربط مخرجات التعليم بمتطلبات السوق، حيث اعتبرت التعليم أساس النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
كما أثبتت كل المعطيات نجاح تجربة بنك الفقراء في بنغلاديش فقد نجحت بنجاح المقترضين، حيث كان يعتقد أن الفقراء المقترضين غير قادرين على التسديد، غير أن معدلات التسديد بلغت 97% في المتوسط، وكان يعتقد أن النساء الريفيات الفقيرات غير قادرات على تحمل المسؤولية عند أخذ القرض، إلا أن نسبتهن كانت تمثل 94% من المقترضين في أوائل سنة 1992، وبلغت نسبتهن في 2009 ب 96% مما يدل على نجاحهن في هذا الميدان، وكان يعتقد أن الفقراء غير قادرين على الادخار. إلا أن التجربة أثبتت نجاحهم في الإقراض الجماعي، كما أن بنك جرامين أثبت نجاحه من خلال ارتفاع عدد أعضائه من 15000 عضو سنة 1980 إلى 7 مليون عضواً سنة 2009، هذا أدى إلى انخفاض عدد أعضاء بنك جرامين الذين يعيشون تحت خط الفقر، إذ انخفض معدل الفقر من 70.22% عام 1992 إلى أقل من 35.5% عام 2011. وتمكنت البرازيل و الصين هي الأخرى من تخفيض نسبة الفقر من خلال اعتمادها على إستراتيجية تطوير القطاع الزارعي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والقدرة على التصدير، كما اعتبرت الصين التعليم وتنمية الموارد البشرية الحل الأمثل للحد من الفقر. كما تم عرض استخلاص لبعض الدروس التي قد تساهم في تطوير السياسات الاجتماعية، وخاصة المتعلقة بتخفيض حدة الفقر والتغلب على مشكلات سوء توزيع الدخل. بالإضافة إلي أن الاقتصاد الاخضر يؤدي إلي استحداث المزيد من الوظائف الخضراء في العديد من القطاعات الذي من شأنه؛ أن يسهم في منح الفئات المحرومة و الفقيرة الفرصة لزيادة مداخيلها و بالتالي التخفيف من حدة الفقر من جهة وحماية البيئة من جهة أخرى.
أما الباب الثالث فتناول أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة من خلال فصلين، تناول الفصل الأول دراسة تحليلية لظاهرة الفقر في مصر خلال الفترة (1990-2015)، واتضح أن هناك تحسن مستمر في دليل التنمية البشرية علي مستوي الجمهورية حيث بلغ نحو 0.691 عام 2015 مقابل 0.547 عام 1995، وذلك وفقاً لتقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة لدولة مصر. ولكن ازداد عدد ونسبة الفقراء تحت خط الفقر القومي في مصر من سنة لأخري، علي الرغم من الجهود التنموية المبذولة. فقد تزايد عدد ونسبة الفقراء من 12.5 مليون نسمة، 24.3% عام 1990 إلي 30 مليون نسمة، 27.8% عام 2015 علي الترتيب.
كما تبين التذبذب الشديد في نسبة السكان تحت خط الفقر المدقع خلال فترة الدراسة، حتي أن وصل إلي نحو 5.4% عام 2015، وقد يرجع هذا الارتفاع إلي ارتفاع أسعار المواد الغذائية في مصر. كما تبين تزايد حدة الفقر في الوجه القبلي عن الوجه البحري، وفي الريف عن الحضر. ومازالت محافظات صعيد مصر المستحوذة علي النسبة الأكبر من نسبة الفقر، ووصلت إلى أعلى مستوياتها بمحافظتى سوهاج وأسيوط بنسبة بلغت نحو 66%، تليهما محافظة قنا بنسبة 58%، وتبعاً لقيمة خط الفقر المطلق والمدقع عام 2015، فإن الفرد يحتاج إلي حوالي 482 جنيه، 322 جنيه في الشهر علي الترتيب. حتي يستطيع الوفاء بإحتياجاته الأساسية.
وفيما يخص خصائص الفقراء اتضح وجود علاقة طردية بين عدد أفراد الأسرة ومستوى الفقر، حيث يرتفع معدل الفقر كلما زاد عدد أفراد الأسرة، كما لوحظ أن الأسر التي تترأسها النساء لأي سبب تكون أفقر من الأسر التي يعولها الرجال. وهناك علاقة عكسية بين المستوى التعليمي والفقر. فكلما ارتفع المستوي التعليمي للفرد كلما انخفضت نسبة الفقر لديه. وهناك علاقة إرتباط واضحة بين العمل في الحكومة أوالقطاع العام والأعمال وبين نسبة الفقراء مستوي الرفاهية؛ حيث أن العمل بالحكومة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال يوفر للأفراد وظائف ثابتة ودائمة مما يقلل من تعرضهم للوقوع في الفقر.
كما تبين من خلال التقدير القياسي لمحددات الفقر أن المتغيرات التي تسهم إسهاما معنويا في تفسير التغير في مستوي الفقر هي: نسبة صادرات السلع والخدمات من الناتج المحلي الإجمالي ، معدل التضخم، سعر الصرف، ومعدل البطالة. وأن 99% من التغيرات التي تحدث في نسبة الفقر تعزي إلي هذه المتغيرات المستقلة، حيث أن انخفاض نسبة معدل البطالة في مصر بنسبة 1% سيؤدي إلي خفض نسبة الفقر بنسبة 0.5%.
كما تبين من خلال التقدير القياسي لمحددات معدل النمو الاقتصادي أن المتغيرات التي تسهم إسهاما معنويا في تفسير التغير في مستوي الفقر هي: نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر، صافي التدفقات الوافدة من الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل البطالة ثم نسبة واردات السلع والخدمات من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي علي الترتيب وذلك وفقاً لمعنوية التأثير الخاصة بكل منهم. وأن 79% من التغيرات التي تحدث في معدل النمو الاقتصادي تعزي إلي هذه المتغيرات المستقلة، حيث أن زيادة نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلي مصر بنسبة 1% سيؤدي ذلك إلي زيادة معدل النمو الاقتصادي بنسبة 0.5%.
وتناول الفصل الثاني التحليل الرباعي للبيئة الداخلية والخارجية لظاهرة الفقر، حيث أوضح أن هناك نقاط القوة يمكن استغلالها، ونقاط ضعف لو أمكن معالجتها يمكنا من تقليل نسبة الفقر بين السكان، كما يوجد العديد من الفرص وفي المقابل يوجد تهديدات تواجه مشكلة الفقر في مصر لابد من الوقوف عليها ومواجهتها. وبلغت النسبة المئوية لمتوسط إجمالى نقاط القوة 67.5% وكان أكثر نقاطها تواجدا توافر الأعمال الحرفية بدرجة متوسطة قدرها 1.90 درجة وكان اقلها وجود مؤسسات علمية وأكاديمية تسهم فى صياغة السياسات للحد من ظاهرة الفقر بدرجة متوسطة قدرها 0.65 درجة. وبلغت النسبة المئوية لمتوسط إجمالى نقاط الضعف 71.3% وكان أكثر نقاطها الهجرة من الريف للحضر، بدرجة متوسطة قدرها 1.80 درجة وكان اقلها تدنى مستوى المهارات لدى أفراد المجتمع المحلى بدرجة متوسطة قدرها 0.90 درجة.
بينما بلغت النسبة المئوية لمتوسط إجمالى نقاط الفرص المتاحة 76.3% وكان أكثر نقاطها تواجدا زيادة قدرة الأنظمة الصحية على تقديم خدمات الرعاية الصحية والإيجابية مثل علاج فيرس سى بدرجة متوسطة قدرها 1.85 درجة وكان اقلها المنح والهبات من الخارج بدرجة متوسطة قدرها 0.50 درجة. في حين بلغت النسبة المئوية لمتوسط إجمالى نقاط التهديدات 64.7% وكان أكثر نقاطها تواجدا تحرير سعر الصرف بدرجة متوسطة قدرها 1.60 درجة وكان اقلها ندرة المياه والتغيرات المناخية بدرجة متوسطة قدرها 1.0 درجة. كما تم الوصول إلي بعض الاستراتيجيات البديلة لمكافحة الفقر، من خلال ملائمة النقاط الأربعة والوصول إلي أفضل تؤائم لمكافحة الفقر.
أما الباب الرابع فتناول أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة من خلال أربعة فصول، تناول الفصل الأول محددات الفقر بمحافظات مصر، وتبين من خلال التقدير القياسي لمحددات الفقر أن المتغيرات التي تسهم إسهاما معنويا في تفسير التغير في مستوي الفقر خلال الفترة من 2008/2010 هي نصيب أدني 40% من الأشخاص من الدخل والنسبة المئوية لقوة العمل في الصناعة، معدل الإعالة، معدل البطالة وأطفال خارج التعليم الأساسي والثانوي. وإذا تمكنت مصر بتحقيق الافتراضات الموضوعه لكل من هذه المحددات بمحافظات مصر تستطيع تخفيض الفقر في وقت قصير. فمثلاً الاسكندرية تستطيع أن تخفض نسبة الفقر من 6.4% عام 2008 إلي 5.12% فقط (وهذا ناتج من انخفاض نسبة الفقر بقيمة قدرها نحو 1.28 بعد تحسن مستوي المحددات مقارنة بمحددات المستوي القياسي)، إذا تمكنت من تخفيض معدل الإعالة بها من 43.2% إلي 33.3% وخفض معدل البطالة من 12.2% إلي 9.4%، وتقليص نسبة الأطفال خارج التعليم الأساسي والثانوي من 1.27% إلي 1.03%. بالإضافة إلي زيادة كل من نصيب أدني 40% من الدخل بها من 22.6% إلي 42.4%، وزيادة العاملين في الصناعة بها من 33.7% إلي 37.5%.
وتبين من خلال التقدير القياسي لمحددات الفقر أن المتغيرات التي تسهم إسهاما معنويا في تفسير التغير في مستوي الفقر خلال الفترة من 2013/2015 هي عدد المشروعات الصغيرة نسبة المساحة المأهولة للمساحة الكلية، العاملين في الزراعة، معدل وفيات الأطفال دون الخامسة ومعدل التزاحم بالحجرات. وإذا تمكنت مصر بتحقيق الافتراضات الموضوعه لكل من هذه المحددات بمحافظات مصر تستطيع تخفيض الفقر في وقت قصير. فمثلاً الاسكندرية تستطيع أن تخفض نسبة الفقر من 11.6% عام 2015 إلي 0% إذا تمكنت من؛ تخفيض معدل التزاحم بالحجرات بها من 1.13% إلي 0.97% وخفض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة بها من 29.6% إلي 15.23%، وتقليص نسبة العاملين في قطاع الزراعة في المساحة المنزرعة من 1.16% إلي 0.93% بنقلهم إلي مساحات أخري أكبر وإدخال الصناعات التحويلية علي منتجاتهم بالإضافة إلي تجميع الحيازتهم المفتته وعمل رابطة للمزارعين الصغار. وزيادة كل من عدد المشروعات الصغيرة بها من 943 إلي 1289 مشروع، من خلال زيادة المساحة المأهولة بها من 72.8% إلي 77.14% عن طريق الظهير الصحراوي لكل محافظة واستصلاح الأراضي.
وتناول الفصل الثاني محددات الفقر في بعض الدول النامية، وتبين من خلال التقدير القياسي لمحددات الفقر أن المتغيرات التي تسهم إسهاما معنويا في تفسير التغير في مستوي الفقر خلال الفترة من 1990/2015 هي نسبة القيمة المضافة للتصنيع من الناتج المحلي الإجمالي، نسبة مخزون الدين الخارجي من الدخل القومي الإجمالي، الكثافة السكانية نسمة/كم2، عدد السكان بالمدن الكبري بالمليون، نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية، نسبة الإنفاق الاستهلاکي النهائي من الناتج المحلي الإجمالي، نسبة الإنفاق الاستهلاکي النهائي من الناتج المحلي الإجمالي، نسبة الأراضي الزراعية من إجمالي الأراضي.
وبإستخدام هذه المعادلة تبين أن مصر بإمكانها التقليل من نسبة الفقر من خلال هذه المحددات؛ إذا تمكنت من زيادة القيمة المضافة للتصنيع بنسبة 10% بحيث تصبح 17.6% بدلاً من 16%، وفي نفس الوقت تقوم بخفض نسبة السكان الذين يعانون من سوء التغذية بنسبة 10% بحيث تصبح 4.05% بدلاًمن 4.5%، وفي نفس الوقت تقوم بخفض نسبة الانفاق النهائي بنسبة 10% بحيث تصبح 84.78% بدلاًمن 94.2%، وفي نفس الوقت تقوم بزيادة مساحة الأراضي الزراعية بنسبة 10% بحيث تصبح 3.52% بدلاًمن 3.2% ستكون النسبة التقديرية للفقر 21.2%، بدلاً من 27.8% بنسبة انخفاض 23.73%.
كما تم عمل سيناريوهات للعوامل المؤثرة علي الفقر وتبين من خلال إستخدام السيناريو الأول أن المتغيرات التي تسهم إسهاما معنويا في تفسير التغير في مستوي الفقر خلال الفترة من 1990/2015 هي نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي ومعدل وفيات الأطفال دون الخامسة، نسبة الذين يعانون من نقص التغذية و نسبة الإنفاق الاستهلاکي النهائي من الناتج المحلي الإجمالي وأن مصر تستطيع أن تخفض نسبة الفقر من 27.8% عام 2015 إلي 14% فقط (وهذا ناتج من انخفاض نسبة الفقر بقيمة قدرها نحو 13.8 بعد تحسن مستوي المحددات مقارنة بمحددات ماليزيا كدولة قياسية)، إذا تمكنت من زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي بها من 10.7% إلي 18.3%. وعلي الجانب الأخر تقليل نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية بها من %4.5 إلي3.7%، وخفض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من 23.7% إلي 22.8%، وتقليص نسبة الإنفاق الاستهلاکي النهائي من الناتج المحلي الإجمالي من 94.2% إلي 53.7%.
كما تبين من خلال التقدير القياسي لمحددات الفقر خلال عامي 2014/2015 أن المتغيرات التي تسهم إسهاما معنويا في تفسير التغير في مستوي الفقر هي: نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية، معدل البطالة، معدل التضخم، سكان المناطق الريفية، القيمة المضافة للزراعة ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وأن 98% من التغيرات التي تحدث في نسبة الفقر تعزي إلي هذه المتغيرات المستقلة حيث أن زيادة السكان الذين يعانون من نقص التغذية بنسبة 1% يترتب عليه زيادة معدل الفقر بنسبة 1.01%. أن مصر تستطيع أن تخفض نسبة الفقر من 27.8% عام 2015 إلي 15.95% فقط (وهذا ناتج من انخفاض نسبة الفقر بقيمة قدرها نحو 11.85 بعد تحسن مستوي المحددات مقارنة بمحددات المستوي القياسي)، إذا تمكنت من زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بها من 10.8% إلي 14.7%. وزيادة نسبة القيمة المضافة للزراعة بها من 11.3% إلي 17.81%. وعلي الجانب الأخر تقليل نسبة سكان المناطق الريفية من 56.9% إلي 24.01%، وتقليل نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية بها من %4.5 إلي4.38%، وخفض معدل البطالة من 12.8% إلي 5.22%، وتقليص معدل التضخم من 10.4% إلي 8.62%.
في حين تناول الفصل الثالث من الباب الرابع عرضاً للاستراتيجيات الممكنة للحد من الفقر في مصر، وأظهرت النتائج المتحصل عليها وجود العديد من الجهود المبذولة لمكافحة الفقر، وتمثلت الجهود الرسمية لمكافحة الفقر في وزارة التضامن الإجتماعي التي تشمل عدة جهات منها بنك ناصر الإجتماعي، برنامج مبارك للتضامن الإجتماعي و الصندوق الإجتماعي للتنمية. بالإضافة إلي جهود غير رسمية ومثل الجمعيات الأهلية، أو المنظمات التطوعية. وكان من أهم السياسات الموجهة لتحفيز الاقتصاد ومن ثم انخفاض نسبة الفقر؛ تمكين المجتمع وأفراده وتدربهم وتأهيله، والتوسع في الأنشطة الصغيرة ومتناهية الصغر بالإضافة إلي التنسيق بين الجهات المختلفة.
وتناول الفصل الرابع آليات مقترحة لمواجهة الفقر في الريف المصري في ضوء تفهمات الاقتصاد الأخضر، وأظهرت النتائج المتحصل عليها؛ أن هناك ثلاثة محاور يمكن الإعتماد عليها لمواجهة الفقر مرتكزه علي ثلاثة محاور وهي، أولا: لابد من تحقيق التنمية الزراعيه عن طريق تجميع الحيازات الصغيرة المتجاورة من خلال وضع قوانين منظمة لإدارة الحيازات الزراعية التي تضمن عدم تفتتها، عن طريق تحديد حد أدني للحيازة الزراعية ولتكن10 أفدنه؛ للتعامل مع الجهات الحكومية وغيرها وتفعيل الإنتاج الجماعي، ثانياً: استصلاح الأراضي وثالثاً: إقامة العديد من المشروعات الصغيرة.
كما كان هناك ثلاثة مقترحات لتمويل أنشطة مكافحة الفقر، وهما سن قانون بجمع أموال الزكاة مع الإعفاء من دفع الضرائب، استخدام عوائد استثمار أموال الأوقاف بالإضافة إلي الإعانات والمساعدات الإنمائية، وكان إجمالي التمويل المقدر المقترح للثلاثة مصادر يقدر بنحو207.25 مليار جنية سنوياً يمكن من خلاله القضاء تماما علي الفقر.
وفيما يخص عدد وتكلفة إقامة المشروعات واستصلاح الأراضي للقضاء علي الفقر اتضح أن مصر بحاجة إلي إقامة 1.6 مليون مشروع صغير بتكلفة إجمالية مقدرة بنحو 254.8 مليار جنيه لابد من توفرها للفقراء لجعلهم من العاملين المنتجين وخروجهم من دائرة الفقر، وتكلفة إقامة هذه المشروعات مثلت نسبة 122.7% من إجمالي مصادر التمويل الثلاثة المقترحة أي أن خلال أقل من سنتين يمكن القضاء علي الفقر تماماً، إذا اعتمدنا فقط علي المشروعات الصغيرة وتمويلها من خلال مصادر التمويل المقترحة بالدراسة بداية من تجميعها. وللقضاء علي الفقر من خلال القضاء علي مشكلتي البطالة والإعالة فتبين أن مصر بحاجة إلي إقامة 794 ألف مشروع صغير بتكلفة إجمالية 126 مليار جنيه، وهي تمثل نحو 61% فقط من مصادر التمويل المقترحة، وهنا يمكن القضاء علي الفقر في أقل من سنة بداية من تجميع ما لا يقل عن 61% من مصادر التمويل المقترحة.
أما فيما يخص القضاء علي الفقر من خلال استصلاح الاراضي وعمل منظومة زراعية متكاملة، فتبين أن مصر بحاجه إلي استصلاح 6 مليون فدان؛ وذلك لإخراج 30 مليون فرد من الفقر والقضاء عليه تماما في مصر. وطبقاً لبيانات البنك الدولي، فإن الأراضي القابلة للزراعة في مصر عام 2015 تبلغ نحو 6.95 مليون فدان قابلة للزراعة يمكن استصلاحها بتكلفة إجمالية تساوي 152 مليار جنيه، وهي تمثل حوالي 74% فقط من مصادر التمويل المقترحة؛ وهذا سيمكننا من التغلب علي الفقر في مصر خلال أقل من عام واحد بدايه من تمليك الفقراء وتقديم التسهيلات اللازمة لهم، مع أهمية المراقبة والمتابعة علي تنفيذ المشروعات التي ستقام علي الأراضي المستصلحة. بل أن عائد استثمار أموال الأوقاف الذي بلغ نحو 88 مليار جنيه بمفردها تستطيع القضاء علي الفقر خلال عامين، وبخاصة أن أموال الأوقاف خصصت لذلك.