Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التأثيرات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر في المجتمع الليبي :
المؤلف
فوزية عبد العاطي بوبكر ناصف الزليتني
هيئة الاعداد
باحث / فوزية عبد العاطي بوبكر ناصف الزليتني
مشرف / مصطفى مرتضى علي محمود
مشرف / منى السيد حافظ عبد الرحمن
مناقش / اجلال حلمى إسماعيل
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
311ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
علم الاجتماع والعلوم السياسية
تاريخ الإجازة
8/7/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم علم الاجتماع
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 311

from 311

المستخلص

مقدمة:
يعاني المجتمع الليبي كغيره من المجتمعات كثيرًا من المشاكل التي تُعرقل مسيرته التنموية، ومن بين أخطر هذه المشاكل انتشارًا الجرائم الجنائية ضد الأفراد، خاصةً إذ ما تعلق الأمر بظاهرة القتل العمد، وما يترتب عنها من قتل ثأري ” ومع ازدياد عدد جرائم القتل الثأري تتشكل ظاهرة الأخذ بالثأر، وتُسهم تركيبة المجتمع الليبي القبلية، وسيادة روح التعصب القبلي، وضعف دور مؤسسات الضبط الرسمي، بأجهزتها الأمنية والقضائية في تزايد حجم الظاهرة، وما يترتب عنها من تأثيرات على المستوى الاجتماعي والثقافي، تهدد الأمن والسلام الاجتماعي للمجتمع بصفةٍ عامة، وتؤثر مباشرةً على أُسر الجناة والمجني عليهم بصفةٍ خاصةً؛ ونتيجة لازدياد حالات القتل العمد، وما يترتب عنها من قتل ثأري حسب الإحصائيات المجمعة خلال فترات زمنية تمتد من (1973-2017م) على مستوى المجتمع الليبي، ومدينة بنغازي بالتحديد وارتفاع معدلات جرائم الأخذ بالثأر في المجتمع، ومعاناة المجتمع الليبي من تأثيرات تواجه كل من الفرد والأسرة والمجتمع وتهدد كيانه الأمني.
ونظرًا لأهمية هذا الموضوع جاءت هذه الدراسة بوصفها محاولة لمعرفة التأثيرات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن الأخذ بالثأر في المجتمع الليبي؛ من خلال اتباع أساليب البحث العلمي المتعارف عليها في مجال العلوم الاجتماعية وعلم الاجتماع تحديدًا.
أولًا: إشكالية الدراسة وأهميتها:
صيغ عنوان الدراسة بالشكل التالي: التأثيرات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر في المجتمع الليبي ”دراسة ميدانية في مدينة بنغازي نموذجًا”
وتنطلق الأهمية النظرية للدراسة من خلال محاولة الاستفادة من تعدد الاتجاهات النظرية والتفسيرية لعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، لتحليل مشكلة الدراسة، ومحاولة إثراء المكتبة العربية من خلال تصور مقترح لتحليل بيانات الدراسة والخاصة بالتأثيرات الناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر في المجتمع الليبي وتحديدًا في مدينة بنغازي.
وتبرز الأهمية التطبيقية للدراسة من خلال محاولة الاستفادة من تقنيات البحث الاجتماعي والأنثروبولوجي وتوظيفها التوظيف العلمي المناسب لدراسة عينة نأمل أن تكون ممثله لمجتمع الدراسة ومحققة لأهدافها، ومحاولة الإفادة من دراسة الحالة في تكوين إطار نظري وصفي لمجتمع الدراسة من جوانبه وقضاياه المختلفة، ومحاولة دراسة التأثيرات الاجتماعية والثقافية لظاهرة الأخذ بالثأر، في المجتمع الليبي في ضوء ما يعرض من تراث نظري ومحاولة ربطه بالجانب التطبيقي والتحليلي للدراسة.
ويتجسد الهدف الرئيس للدراسة في: معرفة التأثيرات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر في المجتمع الليبي وتحديدًا مدينة بنغازي، وتنبثق عن الهدف الرئيس مجموعة من الأهداف الفرعية تتمثل في:
1. محاولة الإلمام بطبيعة ظاهرة الأخذ بالثأر وحجمها في المجتمع الليبي ومدينة بنغازي تحديدًا.
2. الكشف عن العوامل المسببة للأخذ بالثأر ومعرفة موقف المجتمع من الظاهرة.
3. معرفة موقف كلٍ من عينة البحث، وحالات الدراسة نحو ظاهرة الأخذ بالثأر.
4. البحث عن التداعيات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر.
5. الكشف عن أدوار وسائل الضبط الرسمي وغير الرسمي في مواجهة ظاهرة الأخذ بالثأر.
6. تقديم مقترحات، ورؤى استشرافية بالحلول المُستقبلية المطروحة لمواجهة ظاهرة الأخذ بالثأر في المجتمع الليبي-تحديدًا-في مدينة بنغازي.
وانطلقت الدراسة الراهنة من عدد من التساؤلات منبثقة عن أهداف الدراسة وتحاول الباحثة الإجابة عنها وتفسيرها لإثراء البناء النظري والتحليلي للدراسة.
أما فيما يخص نوع الدراسة ومنهجها، تعد هذه الدراسة من الدراسات الوصفية التحليلية، وتعتمد الدراسة الراهنة المنهج العلمي من خلال أحد مناهجه والمتمثل في المنهج الوصفي التحليلي، وفق أُطر نظرية تفسيرية، معتمدة على التحليل الكمي والكيفي موضوع الدراسة، كما استخدمت الباحثة لمنهج دراسة الحالة.
وقد اعتمدت الدراسة الراهنة على مجموعة من الأدوات في تجميع المادة العلمية تتمثل في دليل المقابلة المتعمقة، وقيس صدق وثبات الدليل من خلال تطبيقه على عينة اختبارية قيس من خلالها صدق وثبات الدليل، وعرضت أداة الدراسة على محكمين متخصصين من ذوي الخبرة المنهجية والعلمية في ذات التخصص، كما استعانت الباحثة بدراسة الحالة حيث تم بناء أربع أدلة دراسة حالة متمثلة في: (دليل دراسة خاص بأسر الجناة والمجني عليهم و أسر الجناة والمجني عليهم في الوقت نفسه/ دليل دراسة خاص بالعاملين في الجهات الأمنية/ دليل دراسة خاص بالعاملين في الجهات القضائية/ دليل دراسة خاص بأعضاء لجان المصالحة)، أيضًا استعانت الباحثة بالملاحظة و الإخباريون.
أما عينة الدراسة وطرق اختيارها فقد كان نوع العينة المستخدمة في الدراسة هي عينة قصدية بوصفها أحد أساليب جمع البيانات وأكثرها شيوعًا ومناسبتها لطبيعة موضوع الدراسة، وقد تمثلت وحدة المعاينة في ” الفرد” العضو في الأسرة وكان حجم العينة 270 مفردة وفق طريقة جمع المتغيرات جُمعت منهم 253 مفردة، واستُبعدت (17مفردة) لوجود عدد من المشاكل والصعوبات أثناء التطبيق.
وقد جاءت هذه الدراسة في ست فصول يسبقها مدخل نظري للدراسة، يتناول الفصل الأول الدراسات السابقة ومفاهيم الدراسة، ويتناول الفصل الثاني بعض مقولات التوجهات النظرية ( السوسيوأنثروبولوجية ) المفسرة للأخذ بالثأر، ويهتم الفصل الثالث بدراسة ظاهرة الأخذ بالثأر بين التطور التاريخي والإحصائي في المجتمع الليبي رؤية سوسيولوجية تحليلية، ويتناول الفصل الرابع الإجراءات المنهجية المتبعة في الدراسة، أما الفصل الخامس يهتم بعرض ظاهرة الأخذ بالثأر في مدينة بنغازي، ويهتم الفصل السادس بتناول ظاهرة الأخذ بالثأر مدينة بنغازي بين التداعيات والحلول المقترحة، وتختم باستنتاجات واستخلاصات الدراسة، ثم تعرض الباحثة لعدة مقترحات كحلول للظاهرة.
وتوصلت الدراسة إلى الاستنتاجات والإستخلاصات الآتية:
1. ارتفاع حجم الظاهرة في المجتمع الليبي بشكل واضح ومدينة بنغازي على وجه الخصوص، أكدت بيانات الدراسة بخصوص التاريخ الجنائي لأسرة كل من الجاني والمجني عليه، انخفاض نسب من لديهم قضايا جنائية من الجناة والمجني عليهم، وتلك إشارة إلى عدم ارتباط قضايا القتل الثأري بوجود قضايا جنائية مسجلة في حق الجناة والمجني عليهم، وإن وجدت فهي بسيطة في الغالب لا تتجاوز القضية الواحدة، وتكاد تنحصر هذه القضايا في قضايا القتل العمد والسرقة إلى جانب وجود أنواع أخرى من القضايا وتظل نسبة تمثيلها بسيطة جدًا.
2. فيما يتعلق بالعوامل المسببة للأخذ بالثأر في المجتمع الليبي، فقد تبين أن الثأر لقتل سابق، وضعف القوانين، وبطء الإجراءات القانونية، والدفاع عن الشرف والعرض من أهم الدوافع المسببة للأخذ بالثأر، كما أثبتت الدراسة عدم وجود علاقة معنوية بين هوية الأسرة والأسباب والدوافع المسببة للأخذ بالثأر، وأن هناك علاقة بين المستوى التعليمي وأسباب الأخذ بالثأر.
3. أما فيما يخص الموقف من ظاهرة الأخذ بالثأر، فقد توصلت الدراسة إلى تقارب الاتجاهات المقيمة لموقف الأسرة لارتباطها بفكرة رد الفعل، وهي نتاج طبيعي لتقصير الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى عده الحل الأمثل في حالات القتل العمد، ويؤكد ذلك ترسيخ الفكر الثأري والثقافة الثأرية.
5. أما عن التأثيرات الاجتماعية الناجمة عن ظاهرة الأخذ بالثأر، فقد توصلت نتائج الدراسة إلى أن الخوف من الثأر المفاجئ كان أكثر التأثيرات الاجتماعية الناجمة عن الأخذ بالثأر، ويترتب عنه من وجود حالة من القلق والخوف، كما ينجم عنه تغير في أنماط الحياة الاجتماعية الاعتيادية، مثل الإقدام على أفعال استباقيه بقتل عنصر فعال في أسرة المجني عليه لاتقاء إقدامه على الأخذ بالثأر، أيضًا من ضمن التأثيرات فإن هناك اضطراب في طبيعة حياة الأسرة مسببةً بذلك، تغير في شكل الحياة الطبيعية، وما يترتب عنه من تغير في نمط التنشئة المتبع والسلوكيات المرتبطة بالظاهرة، وتأكيد أغلب مفردات الدراسة على انهيار الوحدة الأسرية، واستباحة ممتلكات الأسرة وحرق بيوتها، والخوف من الثأر المفاجئ واضطراب طبيعة الحياة الأسرية. كما أثبتت الدراسة وجود علاقة ذات دلاله إحصائية بين هوية الأسرة والتأثير الاجتماعي لظاهرة الأخذ بالثأر في محيط الأسرة.
6. أما فيما يتعلق بالتأثير الاجتماعي الناجم عن الأخذ بالثأر على مستويات” الفرد والأسرة، والمجتمع” فقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن التأثير الاجتماعي الناجم عن الأخذ بالثأر يؤدي إلى تعطيل فئة من المجتمع عن ممارسة حياتها بالشكل الطبيعي، وكانت نسبة التأثير الأعلى من نصيب الأسرة بأفرادها، ويؤدي ذلك إلى مردودات سلبية تُعيق الفرد عن أداء دوره بالشكل الطبيعي والاعتيادي، ويسهم في إطالة أمد الحقد والضغينة بين الأطراف المتنازعة.
7. أما بخصوص التأثيرات الثقافية فقد تناولت من خلال تأثير ثقافة المجتمع في نمو الثقافة الثأرية وتزايدها وما يترتب عنها من أخذ بالثأر، وتوصلت الدراسة إلى التأثير الفعال لثقافة المجتمع بوصفها المسئولة عن العملية الثقافية بمكوناتها، والمتمثلة في الثقافة الثأرية المتداولة في الأدب الشعبي والموروث الثقافي، ووجود عقليات محرضة على ضرورة أخذ القصاص من الجاني وعائلته، كما أن لعامل الانتماء القبلي بالغ التأثير في ترسيخ فكر التعصب القبلي، وما يؤدي إليه من إذكاء للثأر الجماعي والتضامن الجمعي، ويُعد تنامي وترسيخ ثقافة امتلاك السلاح من ضمن محركات الفكر الثأري، ومن مغذيات الثقافة الثأرية، المسببة لنمو الثقافة الثأرية وتزايدها والفعل الثأري هو سبب وجود الثقافة الثابتة أو الجامدة.
8. أما عن دور وسائل الضبط الرسمي وغير الرسمي في الحد من ظاهرة الأخذ بالثأر، فقد تناولته الدراسة من خلال دور الجهات الأمنية والقضائية والأسرة ولجان المصالحة في مواجهة ظاهرة الأخذ بالثأر، وقد تبين أن كل هذه التنظيمات تبذل قصارى جُهدها للحد من الظاهرة، رغم الصعوبات التي تواجههم على المستوى الشخصي والأسري والاجتماعي، كما تواجه العاملين في الجهات الأمنية العديد من الصعوبات منها صعوبة السيطرة على أهل الجاني، وصعوبة توفير الحماية لأسر الجناة وممتلكاتهم، وحماية الجاني في السجن وعند عرضه للمحاكمة؛ خاصةً في ظل انتشار السلاح وضعف المؤسسات الأمنية في الدولة.
وللتغلب على الظاهرة والحد منها تقترح الباحثة العديد من الاقتراحات أهمها التأكيد على الدور الفعال للجهات الرسمية للحد من تمادي واستفحال الظاهرة في المجتمع الليبي، ضرورة السرعة في تنفيذ الأحكام القضائية والتأكيد على فاعلية دور الوعظ والإرشاد الديني في الحد من ظاهرة الأخذ بالثأر وتوضيح مخاطر ومساوئ الظاهرة في الدنيا والآخرة، والعمل على نشر ثقافة التسامح والتصالح كبديل للثقافة الثأرية.