الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص وتجدر الإشارة إلى أن جوهر هذا البحث يقع في دراسة وتحليل مقالة جالينوس في ”عن أصناف الحميات” De Differentiis Febrium – περ‹ Διαφορας Πυρετ«ν. كما يقع في الجزء السابع ضمن مجموعة أعمال جالينوس المعروف Claudii Galeni Opera Omnia ، والتي جمعها الأستاذ كارلوس جوتلوب كون Carlous Gottlob Kühn سنة 1824 وترجمها إلى اللاتينية – إلا أن هذه المقالة لم تترجم إلى أي من اللغات الحديثة ، لذا قامت الباحثة بمقابلة هذه المقالة بمخطوطة ”في أصناف الحميات ” التي ترجمها إلى العربية حنين ابن إسحاق، ونسخها إبراهيم بن نصير بن محمد بن الحسن الكلبي في دمشق، عام 1184م / 580ه ، وقامت الباحثة بقراءة المخطوطة ، وتقسيمها إلى فصول ، ثم التعليق عليها. والواقع أن صعوبة هذا الموضوع لم تكمن في قلة المصادر أو المراجع ، أو عدم وفرة المادة العلمية ، كعادة موضوعات تاريخ الطب بصفة عامة ، أو الكتاب الكلاسيكيين بصفة خاصة ، فكلا الشخصيتين ذاع صيتهما وطافت شهرتيهما الآفاق. ولكن تكمن صعوبة هذا الموضوع في كونه يتناول علم أسباب الأمراض Aetiology ، إضافة إلى علم الأمراض Pathology ، والذي تطلب الخوض في هذه التفاصيل الطبية غاية في الدقة التقنية والفنية. ولقد أعاق استيعاب الكثير من هذه الأمور عدم توافر أسس وقواعد علم وظائف الأعضاء ، وهو الفسيولوجيا التي عليها تأسس الطب الحديث ، سواءً في كتابات جالينوس أو أبو بكر الرازي. أما عن حجر العثرة في هذا البحث فتعُده الباحثة في قراءة مخطوطة ”في أصناف الحميات” وأيضًا عقد مقابلة النص اليوناني والعربي ، ثم تفسيرها والتعليق عليها ، مع مقارنة ما جاء به جالينوس من معلومات تشير إل حقائق علمية سليمة ، وما جاء به أبو بكر الرازي في ”الحاوي”. وفي مرحلة المقابلة بين النصوص واجهت الباحثة عقبة المصطلحات وتغييرها عبر التراجم المتنوعة ، من اللغة اليونانية إلى السريانية فالفارسية ، وأخيرًا العربية. وتغيير مفاهيم ومعاني بعضها عبر الأزمنة والعصور المعرفية المختلفة أيضًا ، فصار من الصعوبة بمكان التوصل إلى فهم ألفاظ وتشبيهات جالينوس ، حيث استخدم بوضوح أسلوب التمثيل في التجربة ، ” وهو نقل حكم من ظاهرة إلى ظاهرة أخرى في أمر من الأمور” ، هذا فضلًا عن ما عرف عن أسلوب جالينوس من إطناب وإسهاب ، علاوة على مناقضته لآرائه الخاصة في بعض الأحيان. أما عن الرازي فلقد تجسدت صعوبة تناول نص ”الحاوي” في غرابة الألفاظ ، وغزارة المعلومات إلى حد التشويش في بعض الأمور. وبعد هذا العرض الذي ترجو الباحثة أن يكون قد قدم لموضوع هذه الأطروحة بصورة وافية ومركزة ، تحاول أن تلخص مساعي هذا البحث في عدة نقاط ؛ أولًا : إلقاء الضوء على تأثر جالينوس بآراء ومفاهيم أطباء وفلاسفة اليونان السابقين في مجال السببية بمنظورها الأوسع والأشمل ، ثم أسباب الحميات بصفة خاصة. ثانيًا : دراسة تحليلية لآرائه من خلال مقاله : ” في أصناف الحميات” ، مع محاولة الوقوف على مدى تقدم هذه المفاهيم ومتابعة صداها في الطب الحديث ، وذلك من خلال علمين ، هما : علم أسباب الأمراض Aetiology ، وعلم الأمراض Pathology. أما عن المحور الثالث والأخير لهذه الأطروحة فهي محاولة تتبع تأثر أبي بكر الرازي وجالينوس في مجال أسباب الأمراض بصفة عامة ، وأسباب الحميات وأصنافها بصفة خاصة ، ثم ذكر ملامح هذا التأثر، وإبراز الإضافات أو الابتكارات الفكرية التي أضافها الرازي في مجال الطب السريري على وجه الخصوص ، والذي تبلور في كتابه ”الجدري والحصبة” ، حيث ظل هذا الكتاب حجة لهذين المرضين حتى القرن التاسع عشر الميلادي. |