الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقد انتهت هذه الدراسة، ولمّا تنتهي بعد وتيرة الانتهاكات والجرائم الدولية يقرع وقع صداها آذاناً صماً ويمتد آثارها الحية إلى بقاع شتى في الأرض. تنتهي، ولا يزال الأبرياء يُساقون إلى الموت زمراً ويلقون إلى التهلكة زُرافات بدعاوى شتى إثنية ومذهبية وعرقية وسياسية، أو يدفعون إلى مجهول بفعل التهجير القسرى نازحين عن ديارهم و أوطانهم يفتح لهم باب وتوصد دونهم أبواب. حاولت التأكيد، عبر هذا السِفر من الدراسة، على فكرة محورية مؤداها أن الفرد، وحده، هو المخاطب بأحكام القانون الدولي الجنائي. وأن السلم والأمن الدوليين لن يقوما حقيقة وواقعاً يعيشها المجتمع الدولي دون أن يصدع الأفراد بحكم القانون، وأن تقوم مسئوليتهم الجنائية بصفتهم تلك عن صور السلوك التي تشكل جرائم دولية. فإن الاقتناع العميق بألا مناص ولا عاصم للمجرم من العقاب هو الوسيلة الفعالة لمنع وقوع الجرائم واتقائها، على نحو ما عبر الفيلسوف الايطالى بيكاريا قديماً. أستطيع من جماع ما سبق استعراضه استخلاص عدد من النتائج: أولاً: أن مفهوم المسئولية الدولية الجنائية، على الرغم من طبيعته المركبة، يميل في تطبيقاته المختلفة إلى إعمال مبادىء وقواعد القانون الجنائي. والمحاكم الدولية الجنائية حين تفعل هذا لا تطبق نظاماً قانونياً بعينه، وإنما شكلت التطبيقات المختلفة في هذا الشأن نهجاً ذاتياً متفرداً ”مختلطاً” من النظم الوطنية الجنائية السائدة بمعايير تتسم بكثير من المرونة التي تتوافق مع طبيعة هذه المسئولية وطبيعة الجرائم الدولية على السواء. |