Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
العدالة الاجتماعية بين الملكية العامة والخاصة في الإسلام :
المؤلف
بلاسي، علي السيد علي.
هيئة الاعداد
باحث / علي السيد علي بلاسي
مشرف / ياسر عطية عطية الصعيدي
مناقش / حسن السيد خطاب
مناقش / سيف رجب قزامل
الموضوع
العدالة الاجتماعية.
تاريخ النشر
2017.
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
11/9/2017
مكان الإجازة
جامعة المنوفية - كلية الآداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 327

from 327

المستخلص

فمما لا شك فيه أن قضية العدالة الاجتماعية من القضايا المهمة, لذا ركَّز القرآن الكريم كثيراً
على أهمية تطبيق العدالة في المجتمع, فأشار إلى مختلف أنواع العدالة فيما يقرب من ثلاثين مرة
في القرآن الكريم؛ حظيت العدالة الاجتماعية بأكثر من نصف الآيات التي أشارت إلى العدل,
فالقرآن المجيد احتوى على ستة عشرة آية تختص بالعدالة الاجتماعية.
كوذلك كان للعدالة الاجتماعية في حياه النبي صلى الله سبحانه عليه وسلم نصيب وفير؛ لذا فإن
القارئ لسيرته المطهرة بعمق وتأمل يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ضرب أمثلة كثيره
مجسدة للعدل, وكان أكثر الأوابين إلى الحق, ليُعلِّم الأمة أن العدل فوق الجميع.
لذا كان موضوع البحث المتمثل في قضية العدالة الاجتماعية المترتبة على التطبيق السليم لفكرة
الملكية بنوعيها عامة وخاصة من المواضيع المهمة, والتي ينبغي أن تكون واضحة جلية في أي
نظام, وأن السياسات الاقتصادية المطبقة في الدول الآن وخاصة الدول الإسلامية تتبع النظم
الغربية فتارة تسير وفق النظام الاشتراكي الشيوعي وتارة وفق النظام الرأسمالي الفردي وفي كل
منهما قصور في تحقيق العدالة الاجتماعية, ولو أنهم طبقوا النظام الإسلامي لأمكن معالجة
الأخطاء أو المشكلات التي وقعت فيها البلاد مثل مشكلة التضخم والبطالة وعجز الموازنات
والديون المتراكمة وهكذا, وهذا ما حاول البحث إثباته في الإجابة على عدة أسئلة من أهمها:
ما معنى العدالة الاجتماعية ومدى جهد المفكرين الإسلاميين على بلورة هذا المعنى
ليكون منهج حياه.
كيف حقق الإسلام العدالة الاجتماعية بين الملكيتين العامة والخاصة؟
هل نجحت الفلسفات الغربية في إقامة مفاهيم احترام الإنسان كالعدالة الاجتماعية أم هي
دعوات خواء وأبواق تصم ولا تطرب؟
مدى كفاية العدالة الاجتماعية بالمطالب الإنسانية سواء في الفكر الإسلامي المعاصر أو
النظريات الغربية.
هل استطاعت النظريات الغربية تقديم حل يجمع بين العدالة الاجتماعية والإبقاء على
الملكية بأنواعها.
وجاء البحث في مقدمة اشتملت على تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة تكلم الفصل الأول في العدالة
الاجتماعية في الفكر الإسلامي والنظريات الوضعية, والثاني في الملكية في الفكر الإسلامي
والنظريات الوضعية, والثالث علي ثمار المقارنة ببيان الحلول الإسلامي المترتبة على موضوع
الملكية. وكان هدف البحث في المقام الأول محاوله تنظير المفاهيم المختلفة المتعلقة بالبحث,
لإثبات مدى كفاية العدالة الاجتماعية بالمطالب الإنسانية سواء في الفكر الإسلامي المعاصر أو
النظريات الغربية وأستطيع أن أقول إنها من أهم إشكاليات البحث, ليخلص إلى إثبات الفَذِّيَّة
التشريعية للنظام الإسلامي في حل القضايا المعقدة كالجمع بين إطلاق التملك بضوابطه وبين -
العدالة الاجتماعية -
وكان من أهم الحركات التي نادت بالعدالة الاجتماعية في العصر الحديث الاشتراكية, وكان
ظهو رها نتيجة للظلم الذي عاناه المجتمع من النظام الاقتصادي الرأسمالي وللأخطاء والمثالب
الكثيرة التي فيه, فكان منها دعوات إصلاحية معتدلة, ترى إمكان إصلاح النظم الرأسمالية القائمة
وتخفيف وطأتها.
لذا نرى أن هناك مواقف متعددة للمفكرين الإسلاميين من الاشتراكية بين القبول المطلق والرفض
المطلق وما نستطيع تسميته بالموقف النقدي وهو في منزلة بين المنزلتين السابقتين.
والواقع أن النظام الاشتراكي وإن عالج جملة من أدواء الرأسمالية الحرة, بمحوه للملكية الفردية,
غير أن هذا العلاج له مضاعفات طبيعية تجعل ثمن العلاج باهظا, وطريقة تنفيذه شاقة على النفس
لا يمكن سلوكها إلا إذا فشلت سائر الطرق والأساليب. هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى هو
علاج ناقص لا يضمن القضاء على الفساد الاجتماعي كله, لأنه لم يحالفه الصواب في تشخيص
الداء, وتعيين النقطة التي انطلق منها الشر حتى اكتسح العالم في ظل الأنظمة الرأسمالية, فبقيت
تلك النقطة محافظة على موضعها من الحياة الاجتماعية في المذهب الاشتراكي, وبهذا لم تظفر
الإنسانية بالحل الحاسم لمشكلتها الكبرى, ولم تحصل على الدواء
الذي يطيب أدواءها ويستأصل أعراضها الخبيثة
والملاحظ أن المفكرين الاشتراكيين قد نادوا بضرورة إلغاء الملكية الخاصة للأموال الرئيسة في
المجتمع, ولاسيما أدوات الإنتاج ووسائله المهمة, بحجة ضمان العدالة الاجتماعية والمنفعة العامة
للشعب, وينادي الفكر الاشتراكي أيضا بضرورة جعل الملكية الخاصة ملكية اشتراكية, ووضعها
تحت سيطرة الشعب, لأنها كانت السبب الرئيس للصراع بين الطبقات, كما أن ضمان الحرية
المطلقة للملاك يعني في الوقت ذاته الحكم على غير الملاك بالعبودية الواضحة...
وعلى النقيض فيما سبق من النظام الاشتراكي؛ فإن النظام الرأسمالي هو النظام الذي يقوم على
الملكية الفردية لعناصر الإنتاج والحرية الاقتصادية للأفراد في إدارة وتيسير وممارسة النشاط
الاقتصادي والتنافس فيما بينهم بهدف تحقيق المكسب المادي, ومن الاعتراف بالواقع فإنه يتمتع
إلى هذه اللحظة بقدرته علي التماسك الأمر الذي جعل أغلب دول العالم تتوجه نحو الاتجاه
الرأسمالي إلي الآن رغم عيوب الرأسمالية التي لا يستطيع أحد إنكارها, من نمو ظاهرة الاحتكار,
وسوء توزيع الدخل والثروة, وتزايد البطالة ووجود الأزمات الاقتصادية, والحرية المزعومة التي تغني
الرأسماليون عنها حرية وهمية مزعومة إذ لا تتمتع بها سوى فئة محدودة من الأفراد هي فئة
أصحاب روس الأموال.
أما في الشريعة الإسلامية فإن الوضع مختلف بالمرة. فقد راعت كل أنواع الملكية وأبقت عليها
ووازنت بينها جميعا.
وتتلخص طبيعة الملك في الفكر الإسلامي في أن المالك الحقيقي للمال هو الله سبحانه,
والإنسان مستخلَف في هذا المال ومؤتمن عليه, والمال في نظر الإسلام ليس غايةً مقصودةً
لذاتها, وإنما هو وسيلةٌ لتحصيل المنافع وتأمين الحاجيات.
ومن جوانب العدالة الاجتماعية في الفكر الإسلامي أن قرِّر في الأموال حقوقًا لذوي الحاجات
تحقيقا للعدالة الاجتماعية, كما يجب على الأغنياء المساهمة في دعم موارد الدولة للمحافظة
على كيان الأمة, من خلال) الزكاة, والصدقات المطلقة, النُّذور والكفَّارات.( وغيرها
ومما سبق يتضح أن الإسلام هو دين العدل والوسطية؛ فهو يقرر حقوق الفرد وقيمته, كما يقرر
حقوق المجتمع وقيمته, ويقيم توازنًا بينهما, فيمنح الفرد قدرًا من الحرية؛ بحيث لا يطغى على
كيان الآخرين, ويمنح المجتمع والدولة التي تمثِّله سلطة في تنظيم الروابط الاجتماعية والاقتصادية
وغيرها, على أساس من الحب المتبادل والتعاون بين الفرد والجماعة.
وبناءً على ذلك قرَّر الإسلام حق الفرد في التملك, ومنحه حق الانتفاع والاستثمار لماله,
والتصرف فيه طول حياته, وفي جزء منه بعد مماته أيضًا, ولكن بدون الربا والاحتكار, ولا أن تكون
الملكية سبيلاً للاستغلال الحرام والطغيان على الغير؛ كما أنه لا يسحق قيمة الفرد بدعوى
المصلحة العامة مثلما تفعل النظم الاشتراكية.
وتتجلى عظمة الإسلام ونظامه الاقتصادي العادل بحاجات الفرد وبتحقيق مصالح الجماعة في
المبادئ العادلة التي شرعها لتوزيع ثروة الأمة, والقواعد الحكيمة التي سنها لتحقيق التوازن بين
حرية الفرد ومصلحة المجتمع في هذا المجال, والشريعة الإسلامية كفلت هذه القواعد وحق الفرد
في الثروة التي كسبها بعمله, وقررت حماية كاملة للمال الذي حصله بجهده وكفاحه, وسوت في
هذه الحماية بين الأموال والثروات التي تعد من أدوات الإنتاج ووسائله, وبين الأموال التي تنتجها
هذه الأدوات.
إن الإسلام كان معج زا حقا عندما أقام نظامه في الملكية على هذين الأساسيين اللذان يمثلان
العدل والرحمة معا فالأساس الأول منح العامل ناتج عمله, وتمليكه ثمرة جهده وكفاحه في جمع
الأموال والثروات, وأما الأساس الثاني فهو كفالة القادرين على العمل للعاجزين عن العمل والذين
لا يجدون العمل
ومن هنا نري أن الحل الذي جاء به الإسلام لمشكلة الملكية لم تصل إليه البشرية إلى اليوم
فالرأسمالية بما أولته من اهتمام للفرد في حق التملك الفردي وما تحاول أن تشرعه من ضمان
اجتماعي, وتوفير رعاية اقتصادية للفقراء والعاجزين لم تستطع حل المشكلة على أرض الواقع.
والناظر بعمق وبحيادية في النظام الاقتصادي الاشتراكي الذي يسلب العامل ناتج عمله ويجعل
ملكية وسائل الإنتاج ومصادر الثروة ملكية جماعية للدولة, فإنه لا يضع من الضمانات ما يكفي
لحماية هذه الملكية وما يدفع إلى استثمارها وتنميتها فتكون الملكيات مجالا للنصب والسرقة
والإتلاف والتدمير ممن يقومون بحراستها؛ هذا ما يدفعنا أن نقول: لا يزال بينهما وبين الحلول
الإسلامية بون شاسع وأمد بعيد.
ومما سبق نخلص إلى عدة نتائج من بينها:
أ العدالة الاجتماعية هي غاية النشاط الاقتصادي في المجتمع المسلم, والاقتصاد -
الإسلامي يعتمد في بناء نظامه على الأشكال المتعددة للملكية, خاصة وعامة ودولة,
ولشتى أنواع الأموال أعيانا ومنافع وحقوقا وبذلك فالاقتصاد الإسلامي يخالف تماما
الاقتصاد الرأسمالي الجانح إلى الملكية الخاصة, كما يخالف الاقتصاد الاشتراكي الجانح
إلى الملكية العامة أو ملكية الدولة, لأنه يعترف بكل أنواع الملكية, ويعطي لكل نوع منها
حقه في النشاط الاقتصادي المحدد له في مجاله وحقله, وفق ضوابط وتصميمات
شرعية, الهدف منها تلبية حاجات الإنسان والبلوغ به مستوى الرفاهية والتكريم.
ب لم تستطع النظريات الغربية تقديم حل يجمع بين العدالة الاجتماعية والإبقاء على الملكية -
بأنواعها, فالنظام الاشتراكي مثلا, وإن عالج جملة من أدواء الرأسمالية الحرة, بمحوه
للملكية الفردية, إلا أن هذا العلاج له مضاعفات طبيعية تجعل ثمن العلاج باهظا, وطريقة
تنفيذه شاقة على النفس, وهو علاج ناقص لا يضمن القضاء على الفساد الاجتماعي كله,
وهي بذلك تنكر الفوارق الفطرية بين الناس, وتساويهم في التمليك وتتجاهل تفاوت
البشر في القدرات والمواهب, ومن هنا تتصادم بعنف مع فطرة الله سبحانه, التي فطر
الناس عليها.
ت من متطلبات المرحلة الآنية تنظير المفاهيم الإسلامية بطريقة تتماشى والواقع المعاصر -
وبذل جهد أكثير بكثير مما هو مبذول فيه, لذا يجب على علماء الفكر الإسلامي
المعاصر كل في مجاله ضرورة تنظير المفاهيم الإسلامية, وصياغة المعاني في قوالب - -
مباشرة يسهل علي الجميع فهمها خاصة العقلية الغربية وعدم ترك الآخرين يستنتجون - -
النتائج من الكلام المرسل, وإعداد نظرية اقتصادية ممنهجة قابلة وجاهزة للتطبيق,
وتقديمها بديلا عن النظريات الوضعية, ويقترح البحث أنه على المجامع الفقهية,
والمجالس الدينية في كل البلدان الإسلامية تقديم تصورات إسلامية محددة بديلة
للنظريات الوضعية, ويكون هذا الهم الأكبر, والشغل الشاغل بالنسبة لهم, وكذلك الأمر
تماما ينبغي في المرحلة الآنية كثرة الدراسات المقارنة بين الفكر الإسلامي وغيره من
الأفكار, كي يعلم العالم مدى وسطية وسماحة الإسلام المفترى عليه.