![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لا يستطيع أحدٌ إنكارَ أهمية العقد في حياتنا اليومية؛ لكونه الركيزة الأساسية الذي تقوم عليه المعاملات المالية في المجتمع، على الصعيدين الدولي والمحلي، فمن خلاله تُنظم العلاقات المختلفة ما بين الأشخاص، كما تنشأ من خلاله غالبية الحقوق والالتزامات، ولذلك أصبح العقد يحتل الصدارة في النظم القانونية المختلفة، وقد عُني المشرع بتنظيم أحكامه، وجعله المصدر الأول للالتزام، هذا ما دفع بدوره الفقه إلى الاهتمام بنظرية العقد وإعطائها أهمية خاصة بين نظريات القانون الأخرى، ولذلك فإن من الطبيعي أن يكون هناك اهتمامٌ خاصٌّ بالعقد بجميع مراحله، بصورة خاصة المرحلة السابقة على إبرامه؛ لكونها مرحلةً أساسيةً من مراحل حياة العقد.في السابق كان العقد يُبْرَمُ بطريقة بسيطة وسريعة، تتمثل بتوجيه إيجاب بسيط من أحد المتعاقدَيْنِ إلى الطرف الآخر، الذي ما يلبث بدوره بقبول هذا الإيجاب الذي يؤدي إلى إنهاء الأمر بانعقاد العقد، وفي الحقيقة نجد أن هذه الطريقة البسيطة في التعاقد التي كانت سائدةً تتناسب وبساطة المعاملات والعقود التي كانت سائدة آنذاك، إذ كانت الزراعة تشكِّل النشاطَ الرئيسَ للمجتمع.إلا أن هذه الطريقة التقليدية البسيطة في التعاقد وإن كانت تتلاءم حاليًا مع العقود البسيطة والمألوفة في حياتنا اليومية، التي تقتضي السرعة في إبرامها، كعقود الاستهلاك اليومي، إلا أنها لم تَعُدْ تتناسب والعقود المركبة الحديثة التي أوجدتها أساليب ووسائل التعامل الحديثة.فإذا ما نشأت فكرة العقد لدى أحد الأشخاص، وعزم على إبرامه، فإنه يقوم بالبحث عن طرفٍ آخَرَ للتعاقد معه، بحيث يعرض عليه الفكرة، فإذا ما قبلها الآخر واتفقا من حيث المبدأ على التعاقد، فإنهما يدخلان في المفاوضات حول تفاصيل العقد وشروطه، التي تدفع بهما إلى خلق العقد بتحديد نقاطه كمشروع عقد يجسد الإرادة المشتركة للطرفين، ثم يصار إلى تبادل التعبير الباتِّ عند الرضا به أو يجري التوقيع عليه، وبذلك يصبح عقدًا نهائيًّا ليدخل حيز التنفيذ. |