الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص بعدما إستقر المصرى القديم وأشبع حاجاته الأولية بدأ يتأمل الكون من حوله ، ولأن الإنسان إبن البيئة فقد تأثر المصرى بمعطيات بيئته عندما تخيل نشأة الكون والآلهة ، التى أضفى عليها بعضاً من سماته البشرية من حيث الهيئة والصفات مع إعطائها طابع القداسة ، تخيل المصرى أن آلهته يشكلون فيما بينهم عائلات مُقدسة تتكون أغلبها من ثلاثة أعضاء يمثلون الأب والأم والإبن ، وقد يزيد بعضها حتى يصل إلى تسعة أعضاء ينتمون إلى الإله الخالق ، الذى تتحدث مذاهب الخالق عن ظهوره فجأة على التل الأزلى الذى خرج من المياه الأزلية ، يتمتع الإله الخالق بصفات الذكورة والأنوثة معاً ، إختلفت المذاهب فى تحديد الوسيلة التى إستخدمها الإله فى خلق الكون ، فربما كان الكون كلمة تدبرها عقله ونطق بها لسانه أو لعله فى نطاق وحدته إستلهم النموذج البشرى ، لخلق الآلهة التى تمثل بعضها عناصر الكون والنظام وتتزوج الآلهة وتنجب أبناء ، ولبعض المعبودات مكان وتاريخ ميلاد ومدة حمل محددة . إحتلت الديانة مكانة كبيرة فى فكر وتصورات الإنسان المصرى القديم ، وكان ذلك نابعاً من تفكيره العميق فى كيفية نشأة الكون ، مما أدى إلى ظهور العديد من النظريات التى تحاول تفسير خلق الكون ، ومن ثم تخيل المصرى القديم أن للعناصر الكونية آلهة تمثلها وأن لبعضها هيئات وطبائع بشرية . يتضح من خلال الأساطير المصرية القديمة عدة صفات بشرية أعطاها المصرى القديم لمعبوداته ، حيث ميزهم ببعض الصفات التى تزيدهم عن البشر لإضفاء صفة الالوهية عليهم ؛ مثل قدرتهم على خلق الأشياء والمخلوقات فى الكون ، بالإضافة إلى تحكمهم فى أقدار البشر وأعمارهم ، لكنه فى نفس الوقت أسقط عليهم بعض مظاهر السلوك الإنسانى من حب وكره ووفاء وغدر ورحمة وقسوة وإنتقام ومرض وفرح وحزن ، حتى أن الآلهة تلجأ أحياناً إلى ساحة القضاء عند حدوث صراع بينهم ، ويكون القضاة من الآلهة أيضاً ، والذين يمكن خداعهم فى بعض الأحوال . لم تكن الآلهة والكون الذى تشغله تعتبر خالدة فى إعتقاد المصرى القديم ؛ فلقد تطلب المنطق المصرى وجود لحظة أزلية ما تخلقت فيها عناصر الكون والآلهة للمرة الأولى أطلق عليها ” بدء الخليقة ” ، بعدها ظهرت الآلهة المصرية القديمة على الأرض وعاشت حياة شبيهة بالبشر من تزاوج وتناسل وتكوين أسرة وتولى للعرش ، كما أقاموا علاقات فيما بينهم إتخذ بعضها شكل الصراع ، وإتخذ البعض الاخر شكل التوافق ، ثم إنتهى دورهم على الأرض لينتقلوا إلى السماء . إعتقد المصرى القديم أن الإنسان يتكون من عدة عناصر ، منها (الإسم والروح والقرين والجسد) ، وهى عناصر يشترك فيها الإنسان مع المعبودات ؛ فلكل معبود إسم خاص به ، وقرين تقدم له القرابين ، كما تخيل المصرى القديم بعض معبوداته فى صورة بشرية والبسها مثل ملابسه ، وقد يتعرض الجسد الالهى إلى الأذى أو القتل كما فعل ست بأوزير . تتكون الدراسة من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة ؛ وجاءت على النحو التالى : الفصل الأول : العلاقات الإجتماعية للآلهة ويتناول الحياة الإجتماعية للمعبودات والتى تشبه الحياة الإجتماعية للبشر ، من حيث الزواج وتكوين الأسرة والإنجاب ، وينقسم إلى نقتطين : أولا : الميلاد والتناسل وهو يعرض لكيفية نشأة وميلاد المعبودات المصرية القديمة والتناسل فيما بينهم ؛ ففى بعض حالات الزواج تتكون الأسرة الالهية من ثالوث عبارة عن (أب وأم وابن) ، مثل الثالوث الأوزيرى وثالوث طيبة ، وهناك ثالوث يتكون من (زوج وزوجتين) مثل ثالوث إلفنتين ، كما أن لدى بعض الآلهة أربعة أبناء وليس واحد فقط ، مثل أبناء نوت وأبناء حور الأربعة . يمثل الثالوث أسرة مكونة من (أب وأم وابن) على شاكلة الأسرة البشرية التى تعنى إستمرار الحياة ، والتثليث هو إتحاد ثلاثة عناصر معاً ليكونوا وحدة قوامها ثلاثة عناصر ، ويعد الثالوث ظاهرة فى الديانة المصرية القديمة إستمد منها المصرى القديم روابط الأبوة والبنوة والزواج ، وإفترض المصرى لمعبوداته حياة تماثل حياة البشر إلى حد كبير حيث تزاوجوا وتناسلوا ، وظلت هذه الظاهرة قائمة طوال التاريخ المصرى القديم وطوال العصرين اليونانى والرومانى . ثانياً : الزواج والأسرة ويتناول حالات الزواج بين المعبودات وما ينتج عنها من تكوين أسرة ، تتألف فى بعض الحالات من عدة أجيال ؛ المعبودات التى ظهرت فى بداية الخلق أوجدت نفسها من العدم حيث خرجت من الماء الأزلى وظهرت على التل الأزلى ، أما الجيل الثانى من المعبودات فقد ولد بشكل غير طبيعى من الجيل الأول ، أما الجيل الثالث فقد ولد بشكل تناسل طبيعى من الجيل الثانى . أثار الأسلوب الذى تم به ظهور الآلهة وخلق البشر والأشياء فكر المصرى القديم ، فظهرت العديد من النظريات لتفسير نشأة العالم ؛ وطبقاً لمذهب مدينة أون فقد بدأ معبودها أتوم وجوده من فوق قمة تل أزلى إنبثق من المياه الأزلية نون ، ثم نفخ فى يده وتفل من فمه شو إله الهواء وتفنوت إلهة الرطوبة ، اللذين أنجبا إله الأرض جب وإلهة السماء نوت من خلال ولادة طبيعية كالبشر . ومن أهم نتائج هذا الفصل ؛ أن هناك أربعة إتجاهات لميلاد المعبودات ؛ الأول : ظهور بعض الآلهة فجأة ، مثل ظهور الآلهة الخالقة فجأة من المياه الأزلية مثلما ظهر كل من أتوم وبتاح ونيت . الثانى : ولادات تمت بشكل خارق بدون حمل أو ولادة ، مثل ميلاد أبناء إله الشمس شو وتفنوت وحتحور وماعت . الثالث : ولادات تمت بشكل طبيعى بشرى ، مثل ميلاد جب ونوت . الرابع : ولادات تمت فى ظروف إستثنائية وهى ضرورة إنجاب وريث فى ظل عدم تلاقى الزوجين، مثل ميلاد أبناء نوت وحور . الفصل الثانى : العلاقات البشرية للآلهة ويتناول العلاقات داخل مجتمع الآلهة أى كيفية تعامل الآلهة مع بعضها البعض ، وإبراز العلاقات التى تنطوى على التوافق والأخرى التى تنطوى على العداء ، وينقسم إلى نقتطين : أولاً : العداء يتعرض لحالات العداء والصراع بين المعبودات المصرية القديمة ، ومن أهمها الصراع بين كلاً من (أوزير وست) و (حور وست) ؛ حيث دبر ست قتل أخيه أوزير ولكن إيزة أنجبت منه ابنهما حور الذى دخل فى صراع مع عمه ست لكى يسترد عرش أبيه ، وبعد مرور عدة سنوات ساعدته فيها إيزة حكمت محكمة المعبودات لحور بأحقيته فى عرش أبيه . ثانياً : التوافق يتناول العلاقات التى تنطوى على التوافق بين المعبودات ، حيث تخيل المصرى القديم أن معبوداته قد تطلب المساعدة من بعضها البعض ، وتتشارك أحياناً فى أداء مهمة معينة ، مثل إشتراك عدة معبودات فى عملية البحث عن جسد أوزير . ومن أهم نتائج هذا الفصل ؛ أن بتاح كإله للحرفيين صنع مقاصير وهيئات المعبودات من مختلف الخامات ، ويلاحظ تأكيد النص على أن ذلك تم وفق رغبتهم حتى أنهم تقبلوها وسكنوها بالفعل ، وكذلك توافق سشات مع كافة الآلهة حتى أنها تساعد الملك فى بناء معابدهم ، وعلى الجانب الأخر يمكن أن تحدث خلافات داخل المجتمع الإلهى قد يصل بعضها إلى القضاء ليفصل فيها . الفصل الثالث : صفات بشرية أخرى يتناول عدة صفات أضفاها المصرى القديم على الآلهة قد يتشابه بعضها أو يختلف البعض الأخر مع البشر ، وينقسم إلى ثلاث نقاط : أولاً : تولى عرش مصر حكمت الآلهة فوق الأرض بشكل مُتعاقب فيما يُسمى بـ ”العصر الذهبى” ، ولكن سرعان ماتمرد البشر وثاروا فصعدت الآلهة إلى السماء ، وألت الملكية فوق الأرض إلى خُلفاء حور الذين مهدوا لسلالة الملوك من البشر . قبل أن تترك الآلهة العالم للبشر حكمت على الأرض حُكماً يتسم بالوراثة والتتابع الأسرى ، وتُقدم البردية التى تحمل إسم ”القانون الملكى” قائمة بجميع الملوك الذين حكموا منذ نشأة الكون ، وبالرغم من ضياع بداية النص فكان من المفترض أن الآلهة التى تولت الحُكم هى تاسوع أون السُلالة المُنبثقة من أتوم ، وتذكر البردية أسماء هذه الآلهة وفترة حُكمها . ثانياً : الموت وأعمار الآلهة لم يكن وجود الآلهة المصرية سرمدياً ؛ فهى تولد ثم تموت ، فهى تعيش فى إطار الزمن وأن الأزمنة لها بداية ونهاية بالنسبة لها ، كما أن لها قدراً ومصيراً . تاريخ العالم الإلهى حدثت فى أجوائه حالات من الموت سواء الفردى أو جماعى ؛ وحتى عندما تتوفى هذه الآلهة وتُدفن فإن مقدرتها لا تنعدم ، ويمكن للبشر التوجه إليها بالدعاء . ثالثاً : البيئة نتصور الآلهة وهى تعيش فى قصور رائعة تحيط بها بيئة طبيعية فخمة ، ولكن الأماكن الخاصة بالآلهة المصرية القديمة لم توح بمثل هذه الأوصاف ، فالبيئة تكتفى بتواجدها للمنفعة ، ربما لأن الطبيعة التى يعرفها الجميع لا تتطلب كثير من الوصف . إذا كانت السماء تُعتبر بمثابة مقر طبيعى للآلهة الكوكبية كالشمس والقمر ، لكنها ليست بمثابة مكان الإقامة الدائم لكل المعبودات ، إنها تتفرق فى الكون وفقاً لوظيفة كل منها ، فمن الطبيعى أن يقيم جب فى الأرض تبعاً لوظيفته ، إذا فهناك تمييز قائم ما بين المعبودات التى تُقيم فى السماء والتى تُقيم على الأرض . تُقيم المعبودات فى السماء ولكنها تقتات فوق الأرض ، ولذا فهى تنتقل بسهولة من السماء إلى المجالات الأرضية والمائية ، وفى أغلب الأحيان فإن الأحداث التى تقلقل عالم الآلهة يكون إطارها البيئة الأرضية ، ويبدو مجال السماء أكثر هدوءاً . تبقى كل من منطقة المعبودات ومنطقة الأحياء مُنفصلتين عن بعضهما البعض ، إنهما ليستا بمثابة منطقتين مختلفتين عن بعضهما ، بل هما مجالان خاضعان لمستويات مُختلفة من الإدراك ، فالآلهة تتواجد عند مستوى معين لا تستطيع الكائنات الحية أن ترتاده حتى لو تواجدوا فى نفس المكان ، أما المجال الأرضى الخاص بالآلهة يحتل فيه وادى النيل أى أرض مصر مكاناً مركزياً ، ولا يعدو بقية العالم أن يكون سوى جزء خارجى قد يجاوز اللانظام المرتبط بالعدم ، لذلك لا تفضل المعبودات المصرية الخروج من وادى النيل . ومن أهم نتائج هذا الفصل ؛ أن بعض الآلهة تولت العرش بل وإحتفلت بالحب سد أيضاً مثلما فعل أوزير ، كما يمكننا الإستدلال على تولى بعض المعبودات العرش من خلال أسمائها وألقابها مثل خونسو الذى يعنى إسمه ” الطفل الملكى ” فى إشارة إلى دور والده أمون كملك فضلا عن لقبه ” ملك الآلهة ” ، ويُلاحظ أن هناك عدة أسس للملكية الإلهية حيث الخلافة من الأب للإبن هى القاعدة وإستثناؤها هو ما قام به ست ، كما تُمارس السلطة على كل عناصر الكون ، ولم تعرف الآلهة الشراكة فى الحُكم بعكس ما قام به بعض الملوك المصريين فيما بعد ربما لأن حالات الشراكة فى الحُكم لم تحدث إلا نتيجة ظروف سياسية مُعينة ، بالإضافة إلى أن الآلهة لا يمكنها تجنب قدر الموت ، حتى أنها تحنط وتدفن كما حدث مع جثمان أوزير . الخاتمة إشتملت على أهم النتائج التى توصلت إليها الباحثة من خلال دراسة الموضوع ؛ ومن أهمها : • تؤثر البيئة فى الفكر الدينى لأصحابها ؛ حيث المشهد السنوى لخروج الأرض من مياه الفيضان جعل من فكرة المياه والتل الأزليين متكررة فى مذاهب خلق الكون لدى المصرى القديم ، كما تخيل المصرى السماء كسيدة لأنها تلد النجوم والخصوبة ترتبط بالنيل بينما تخيلها أصحاب الحضارات الأخرى رجل ربما لإعتمادهم على مياه المطار فالخصوبة لديهم مرتبطة بالسماء التى تلقح الأرض ، بينما تعكس طبيعة بلاد اليونان التى تتميز بوجود الجبال والجزر فتخيل اليونانيين آلهتهم يسكنون جبل الأولمب وأن أفروديت خرجت من صدفة داخل البحر . • يتمتع الفكر الدينى المصرى القديم بالمرونة والتسامح ؛ حيث سمحت له المرونة بالحفاظ على ثوابت الديانة المصرية مع إمكانية قبول الإضافات المختلفة فى كل عصر من العصور ، كما أعطى التسامح الفرصة للديانة المصرية بالاستمرار لآلاف السنين رغم الصعود والهبوط للمُنحنى السياسى والحضارى ، كما لاقت قبول أصحاب الحضارات الأخرى . كما إشتملت الدراسة على الملاحق التالية : • قائمة بالصور والأشكال . • قائمة المراجع العربية والأجنبية . |