Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين
إبان النزاعات المسلحة الدولية /
المؤلف
عمر، الهادي سالم محمد.
هيئة الاعداد
باحث / الهادي سالم محمد عمر
مشرف / حازم محمد عتلم
مناقش / أشرف عرفات أبو حجازة
مناقش / محمد رضا الـديب
الموضوع
القانون الدولى العام.
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
548ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
16/5/2016
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون الدولى العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 548

from 548

المستخلص

الملخص
لقد دأبت الدول منذ القدم على احترام المبعوثين الدبلوماسيين، باعتبارهم ممثلين دولهم، ولذا قامت بحمايتهم وأسرهم وممتلكاتهم وذلك لكفالة قيامهم بأعمالهم بعيدًا عن أي تأثير، كما أن الدول والشعوب على اختلاف ثقفاتها راعت على مر التاريخ الالتزامات المتبادلة بهدف ضمان الأمن الشخصي للدبلوماسيين لأنه من مقتضيات التمثيل الدبلوماسي، أن يتمتع المبعوثون الدبلوماسيون وأفراد أسرهم ودور سكناهم ومقر البعثة وأوراقها الرسمية بالحرمة والحصانة اللازمتين حتي يتمكنوا من أداء عملهم المنوط بهم على أكمل وجه.
وتأكيدًا على ذلك فقد أقر العرف الدولي مجموعة من الحصانات والامتيازات للمبعوثين الدبلوماسيين، ترتفع بهم عن مستوى الأشخاص العاديين وتضمن لهم الاستقلالية في القيام بمهامهم والاحترام اللائق لمركزهم، ولعل من أهم الحصانات المقررة، هي الحصانة ”الشخصية” والتي تعني حماية شخص المبعوث الدبلوماسي من كل اعتداء على شخصه أو حريته أو كرامته وكفالة عدم تعرضه لأية صورة من صور القبض أو الاعتقال.
وقد سعى المجتمع الدولي إلى إرساء حماية خاصة لهم، وذلك ببذل كل الجهود على المستوى المحلي والأقليمي والدولي لوضع آليات قانونية تؤسس لنظام قائم على رد فعل الجماعة الدولية، كبديل حقيقي في وجهة اعتداءات تطال تلك الفئة. وبما أن هدف الأمم المتحدة هو نبذ العنف والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، ولضمان منع الجرائم التي ترتكب ضد المبعوثين الدبلوماسيين والمعاقبة عليها، فقد أبرمت الأمم المتحدة الاتفاقية الدولية بشأن منع ومعاقبة الجرائم التي ترتكب ضد الأشخاص المشمولين بحماية دولية بمن فيهم المبعوثين الدبلوماسيين لعام 1973م، والموقعة في نيويورك، وقد نصت المادة ”الأولى” من هذه الاتفاقية على فئة الأشخاص المشمولين بالحماية الدولية وهم: كل رئيس دولة ويشمل ذلك أي عضو من التشكيل الجماعي الذي يؤدي وظائف رئيس الدولة بمقتضى دستور الدولة المعنية، رئيس الحكومة، أو وزير الخارجية، حال وجود أي من هؤلاء في دولة أجنبية، وبالمثل أفراد عائلاتهم الذين يصاحبونهم، وكذلك أي ممثل أو موظف رسمي آخر أو ممثل لمنظمة دولية ذات صفة حكومية ترتكب ضده جريمة في الزمان والمكان الذي تكون فيه مقاره الرسمية ومسكنه الخاص ووسائل انتقاله، فبمقتضى القانون الدولي تشمله حماية خاصة ضد أي اعتداء على شخصه أو حريته أو كرامته وكذلك أفراد أسرته الذين يعيشون في كنفه.
ومن مبادئ الاختصاص القضائي العالمي، فإن الأعمال التي توجه ضد المبعوثين الدبلوماسيين تعد جرائم دولية؛ لذلك سوف يتم القاء الضوء على الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين في إطار قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وما آلت إليه أوضاعهم إلى وضع سيئ نتيجة تصاعد وتيرة الاعتداءات التي طالتهم في أثناء النزاعات المسلحة.
وفي تلك الظروف يتمتع المبعوثون الدبلوماسيون، بحماية مزدوجة تنبثق جذورها من قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني الذي في نطاقه يندرج الدبلوماسيون ضمن مفهوم ”المدنيين” ومن ثم تثبت لهم الحماية المقررة للمدنيين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، بشأن حماية المدنيين وقت الحرب، والبروتوكول الإضافي الأول الملحق بها لعام 1977م، بشأن النزاع المسلح الدولي. كما تندرج المقرات الدبلوماسية ضمن ”الأعيان المدنية” التي يحظر على أطراف النزاع استهدافها بالعمليات العسكرية، انطلاقًا من مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية في أثناء النزاعات المسلحة، وفي حال تم الاستهداف فإن ذلك يعد جريمة حرب تترتب عليها المسئولية الدولية بما تنطوي عليه من انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وفي إطار القانون الدولي، فلا شك أن الدبلوماسيون يتمتعون ”بالحصانة الشخصية والحماية الدولية” وفقًا للاتفاقيات والقرارات الدولية ذات الصلة حيث نصت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961م، ”باستمرار وسريان هذه الحصانة والحماية حتى في أثناء النزاعات المسلحة، وعليه أوجبت على الدولة المضيفة أن تيسر ترحيل الدبلوماسيين الأجانب بأسرع وقت وأن تضع وسائل النقل اللازمة تحت تصرفهم، كما أوجبت عليها حماية المباني الدبلوماسية وصون حرمتها والحؤول دون اقتحامها واستهدافها بالعمليات العسكرية”.
إن انتهاك أعراف وقوانين الحروب والاعتداء على المبعوثين الدبلوماسيين يثير المسئولية الدولية، سواء كانت مسئولية الدولة أو الفرد، غير أن الوضع القانوني يقتضي ألا يتمتع المبعوثون الدبلوماسيون بالحماية المقررة لهم، إلا من وقت قيامهم بمهامهم رسميًا، ونتيجة للأهمية البالغة التي يثيرها موضوع الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، تم اختيار ذلك موضوعًا لهذه الأطروحة؛ لأجل تسليط الضوء على قواعد الحماية الدولية، وآليات التنفيذ القانونية من خلال مضمون الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ودور الأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسية في المحافظة على الأمن والسلم الدوليين، وكفالة حماية المبعوثين الدبلوماسيين، مع تحديد واجب الدولة المضيفة أو دولة الاحتلال في تلك الحماية.
يثير موضوع هذه الدراسة العديد من التساؤلات والاشكاليات، سواء على المستوى الدولي أو الداخلي، وفي مقدمتها اشكالية الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين في وقت الحرب، التي تفرعت منها عدة تساؤلات تم الاجابة عنها من خلال هذه الدراسة، وأهم التساؤلات هي:
- ما هو الأساس القانوني للحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين؟ وما هو مدلول لفظ المبعوث الدبلوماسي؟
- ما هي الحماية المكفولة للمبعوثين الدبلوماسيين في أثناء النزاعات المسلحة الدولية، بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؟
- ما هو التكييف القانوني للاعتداءات الواقعة على المبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية؟
- هل تتوافر المنظومة القانونية الدولية والداخلية ببعديها العرفي والمكتوب على ما يمكن رصده من جهود لمكافحة الاعتداءات على المبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية؟ وهل نجحت هذه الجهود في إقرار الآليات القانونية المناسبة والفعالة لإرساء الضمانات لتنفيذ نظم حماية المبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة على الصعيدين الوطني والدولي؟ وإلى أي مدى ساهمت هذه الآليات في تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال؟
وبخصوص المنهجية، فإن هذه الدراسة اعتمدت على المقاربة المنهجية، من خلال ثلاثة مناهج بحثية أولها: المنهج التاريخي الذي يعتمد على تتبع الأفكار والمبادئ القانونية الأساسية المعنية بموضوع البحث من خلال رصد تطورها التاريخي بغية الوقوف على أهم الأحداث وأوجه القصور التي شابت هذه الأفكار في مراحل تطورها المختلفة، وثانيها: المنهج الوصفي الذي مفاده وصف وتعريف كثير من المصطلحات والوظائف والمهام والنظريات والآراء والنصوص القانونية المتعلقة بموضوع الدراسة، أما ثالثها: فهو المنهج التحليلي الذي مفاده استعراض وتحليل الآراء الفقهية وجملة من النصوص الاتفاقية وبعض التطبيقات التي قررت الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين للوقوف على أوجه القصور التي عترتها والمقاربة فيما بينها.
ثم تناولت موضوع الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، وفقًا لخطة ثنائية مكونة من بابين يسبقهما فصل تمهيدي يتناول ماهية وتطور الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية.
متبعًا في ذلك سببًا منطقيًا يسير جنبًا إلى جنب مع تسلسل الفكرة حرصًا على بلوغ الغاية من هذه الدراسة، الباب الأول: يتعلق بقواعد الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، تم تناوله في فصلين الفصل الأول: تناول المعاهدات الدولية ذات العلاقة بالحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين، والفصل الثاني: تناول الحماية العرفية والتشريعية والمسئولية الدولية المترتبة على انتهاك نظم الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية.
الباب الثاني: من هذه الدراسة كان لآليات تنفيذ الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، وقد تم تقسيمه إلى فصلين أيضًا يحيث تناول الفصل الأول: الآليات الوطنية لتنفيذ حماية المبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، أما الفصل الثاني: فقد تناول الآليات الدولية لحماية المبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة.
ومن خلال دراستي لموضوع الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، تبين أن مفهوم الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين قد أخذ طريقه إلى التطبيق الدولي حديثًا، والحماية الدولية سواءً كانت في إطار الأمم المتحدة أو في إطار التنظيم الإقليمي تستند إلى جملة من الإجراءات والتي تتعدد بتعدد الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، والتي أكدت جميعها على تمتع المبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية بحماية مزدوجة تنبثق جذورها من قواعد القانون الدولي، وقواعد القانون الدولي الإنساني، كونهم ”مدنيين”.
وعلى الرغم من عدم وجود واجب يلزم الدول بالنص في تشريعاتها الوطنية على عقوبات خاصة توقع على مرتكبي الجرائم الواقعة على المبعوثين الدبلوماسيين، إلا أن وجود مثل هذه النصوص التجريمية يعزز من مهمة الدولة في حماية المبعوثين الدبلوماسيين، ويؤكد التزامها بحمايتهم بصورة جدية وفعالة.
إن المسئولية الجنائية الدولية لا تتحدد أو تطبق سوى على الشخص الطبيعي مع جواز مسائلة الدولة من الناحية المدنية، وبالتالي قد تكون المسئولية الدولية عن الجرائم الدولية مسئولية مزدوجة إحداها جنائية تقع على الفرد، والأخرى مدنية تقع على عاتق الدولة، ولا يجوز في المسئولية الدولية عن الجرائم الدولية التذرع بأمر الرئيس، وبالتالي فإن ذلك لا يعد سببًا للإباحة ومانع من العقاب في القانون الدولي الجنائي، وأن الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، والتي تعد بمثابة جرائم حرب، هي من أكبر الجرائم انتشارًا في الوقت الراهن.
يعد نظام تسليم المجرمين من أبرز صور التعاون الدولي لمكافحة الجريمة الدولية والذي تنظم شروطه وأحكامه الاتفاقات الدولية المبرمة في هذا الشأن لذلك يوصي بإيلاء العناية اللازمة لآليات تطبيق القانون الدولي الإنساني، من خلال حث الدول كافة على احترام وفرض احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وكذلك التعريف به والعمل على نشر قواعده لدى شرائح المجتمع كافة، زمن السلم والحرب، وفقًا لما نصت عليه المادة ”الثانية والثمانون” من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م، من خلال تقديم المشورة للقادة العسكريين بشأن التطبيق الأمثل لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977م، مع بيان الإجراءات الضرورية والتعليمات المناسبة الصادرة إلى القوات المسلحة لضمان تطبيق القانون الدولي الإنساني، والدور البارز الذي تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مجال التعريف به والعمل على نشر أحكامه.
تقوم مسئولية الدولة حينما يثبت تقصير سلطاتها المختصة في تسهيل ترحيل الدبلوماسيين الأجانب وأفراد أسرهم فور نشوب العمليات الحربية أو عند اخلالها بواجب الحيطة المتمثل باتخاذ الإجراءات الأمنية الكفيلة بحماية البعثات الدبلوماسية من أخطار العمليات العسكرية الجارية في إقليم البلد المضيف، كما ينبغي ترتيب المسئولية الدولية في حال ثبوت تقصير الدولة بالقبض على الجناة ومحاكمتهم ومعاقبتهم وفقًا لما تقتضي به قوانينها الجنائية.
يتعين على الدول كافة أن تقوم بإجراء التعديلات التشريعية لضمان توفير الحماية الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، ويكون ذلك عبر تضمين تشريعاتها الداخلية نصوصًا خاصة تفرض عقوبات مشددة ضد من ينتهك حرمة البعثات الدبلوماسية أو النيل من أمنها وسلامتها خلال العمليات العسكرية.
كما يجب تطوير نظام المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك نظام التكامل بها بإنزال العقوبات الصارمة والعادلة بحق مرتكبي الانتهاكات ضد المبعوثين الدبلوماسيين إبان النزاعات المسلحة الدولية، باعتبار ذلك يمثل خطوة مهمة في حماية هذه الفئة من المدنيين.
يتعين تدعيم فكرة الاختصاص الجنائي العالمي كبديل في حالات عجز مجلس الأمن عن تحقيق مهمته في وقف ومنع انتهاكات قواعد القانون الدولي الإنساني، بحيث لا يتقيد القضاء الوطني فقط بالجرائم التي تقع على إقليمه وإنما يمتد اختصاصه حتى خارج الإقليم ليشمل الجرائم التي ترتكب مخالفة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وهو ما نعلق عليه آمالنا في قضية معاقبة قادة إسرائيل من خلال المحاكمات الوطنية وفقًا لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، التي تعد إسرائيل طرفًا فيها، حيث تدعو الاتفاقيات المشرعين الوطنيين للأخذ بما يعرف بالاختصاص الجنائي العالمي.
كما يمكن معاقبتهم أيضًا من خلال محكمة جنائية دولية خاصة، على غرار محكمتي يوغسلافيا السابقة ورواندا، غير أن هذا الحل الأخير صعب تحقيقه لارتباطه بمجلس الأمن، حيث يجسد سياسة الكيل بمكيالين، كما أنه سيمثل عائقًا كبيرًا أمام هذا الحل.