Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
النظرية الرمزية في الفن عند نيلسون جودمان :
المؤلف
محفوظ ؛ ولاء محمد علي.
هيئة الاعداد
باحث / ولاء محمد على
مشرف / رمضان بسطويسى محمد
مشرف / حسين على حسن
مناقش / مجدى الجزيرى
عدد الصفحات
409ص.
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2009
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 441

from 441

المستخلص

تميز فلسفة جودمان. تلكَ هيَ نقطةُ البدايةِ في تجربتي معه، عندما كانتْ فكرةُ بحثي حولَ النظريةِ الرمزيةِ في الفنِّ عندَهُ وجودًا بالقوةِ أدركتُ أنَّ ثمةَ اختلافًا يميزُ جودمان عنْ غيرِهِ منَ الفلاسفةِ التحليليين في النصفِ الثاني منَ القرنِ العشرينَ، فكانَ البحثُ في هذا الاختلافِ، وقضيةُ كيفَ انعكسَ على نظريتِهِ في الأنساقِ الرمزيةِ هو الدافعُ وراءَ تمسكي ببحثي هذا حتى صارَ وجودًا بالفعلِ .
يعَدُّ الفيلسوفُ الأمريكيُّ نيلسون جودمان إحدى العلاماتِ البارزةِ فى النصفِ الثاني من القرنِ العشرينَ في الفلسفةِ التحليليةِ بشكلٍ عامٍّ، وفي علمِ الجمالِ المعاصرِ بشكلٍ خاصٍّ. فضلاً عن ذلك فإنَّ إسهاماتِه تغطي مجالاتٍ عدةًّ؛ منها: المنطقُ التطبيقيُّ، والميتافيزيقا، ونظريةُ المعرفةِ، وفلسفةُ العلمِ. ويُعَدُّ كتابُهُ ” لغاتُ الفنِّ” Languages of Art (1968) - بالإضافةِ إلى كتابِ ”الفنِّ والوهمِ ”Art an Illusion (1960) لأرنستْ غومبريتش Ernst Gombrich (1909-2001م)، وكتابِ ”الفنِّ وموضوعاتِه” Art and its Objects 1968م لريتشارد وليم Richard Wollheim- نقطةَ تحولٍ أساسيةً في النظرةِ التحليليةِ إلى القضايا الجماليةِ في الفلسفةِ الإنجليزيةِ الأمريكيةِ. إن نظرتَهُ غيرَ التقليديةِ إلى الفنِّ جزءٌ منْ نظرتِه العامةِ إلى المعرفةِ والحقيقةِ والميتافيزيقا، والتي تعلنُ بشـكلٍ واضحٍ عن مذهبِهِ الاسميِّ و نزعتِهِ النسبيةِ والتركيبيةِ و نظريتِهِ في المعرفةِ وموقفِهِ منَ الميتافيزيقا.
عمِلَ جودمان بمبدأِ ما لا يُدركُ ويُؤْخَذُ كلُّه لا يُترك كلُّه، فقدْ جنَى ثمارَ الفكرِ الوضعيِّ المنطقيِّ متأثرًا ومحللاً ومفندَا آراءَ ذلك الفكرِ، آخذًا منه ما يتناسبُ ومذهبَهُ الاسميَّ المتشددَ الذي كان المحكَّ الذى اختارَ على أساسِهِ الأفكارَ التي تتسقُ معه، تاركًا منها ما لا يتناسبُ معه. أثَّرَ على كواين ونعوم تشومسكي و كاثرن إلجن. فهو يُعَدُّ أفضلَ مَنْ عبَّرَ عن وجهةِ نظرِهِ في المشكلاتِ الفلسفيةِ التي شغَلتْ الفكـرَ الفلسفيَّ المعاصـرَ، وذلكَ منْ خلالِ كتابِهِ ”طرقِ صنعِ العالمِ”، الذي وفقَّ فيه بسهولةٍ بينَ بعضِ المذاهبِ الفلسفيةِ بالشكلِ الذي يخدمُ أفكارَهُ ويدعِّمُها. كما قدمَ لنا منْ خلالِ هذا الكتابِ عرضًا موجزًا ودقيقًا لموقفِهِ من المذاهبِ التي كان على خلافٍ معَها. ونظرَ جودمان إلى ”طرقِ صنعِ العالمِ” بوصفِهِ انتقالاً منَ الحقيقةِ الأحاديةِ والعالمِ الموجودِ الثابتِ إلى تنوعِ الرؤَى المتلائمةِ والمتعارضةِ والصحيحةِ في صنعِ العالمِ وتشكيلِهِ، فما كانتْ تلكَ النظرةُ إلا ترجمةً حقيقيةً عن نزعتِهِ النسبيةِ.
والواقعُ أنَّ تياراتٍ فلسفيةً وفكريةً عدَّةً ساعدتْ على إثراءِ فكرِ جودمان الفلسفيِّ، مما وضعني في حيرةٍ شديدةٍ، من أين أبدأُ ؟؟؟
هل أبدأُ من نزعتِهِ الاسميةِ المتشددةِ؟ أم من مقوماتِ منهجِهِ البِنيويِّ؟ أم من إفادتِهِ من مذهبِ الظواهرِ ودفاعِهِ عن النسبيةِ؟ وإذا أردتُ أنْ أكشفَ ”الوجعَ النقديَّ” لجودمان في رفضِهِ واعتراضِهِ على المذاهبِ والتياراتِ الفلسفيةِ المختلفةِ فهل أبدأُ من رفضِهِ الواقعيةَ، أم من مدِّهِ وجزرِهِ معَ الوضعيةِ المنطقيةِ؟ وإذا أردتُ أن أكشفَ عن وجهِهِ الاستاطيقيِّ، فهل أبدأُ من اهتمامَِهِ بالفنِّ في مرحلةٍ مبكرةٍ من حياتِهِ؟ أم أنَّه لجأَ إلى الفنِّ لكي يكونَ تربةً خصبةً لتطبيقِ مبادئِ فكرِهِ المنطقيِّ ورأيِهِ في الميتافيزيقا؟ أم أَنطلقُ مباشرةً من تأسيسِهِ نظريتَهُ الرمزيةَ في الفنِّ؟
في الحقيقةِ إنَّ موضوعَ بحثي وإشكاليتَهُ هما اللذانِ حددا لِي من أينَ أبدأُ وإلى أين أنتهي، أما عن موضوعِ بحثي فهو:يتمحور حول دراسـةٌ جماليةٌ لكتاباتِ الفيلسـوفِ والمنطقـيِّ والفنانِ الأمريكـيِّ ” نيلسون جودمان ” Nelson Goodman ( 1906- 1998م) في نظرتِهِ للفنِّ بفروعِهِ المختلفةِ منْ خلالِ ما تركَه من مؤلفاتٍ عدةٍ، إذ قدَّمَ نظريةً استاطيقيةً في الفنِّ يطلقُ عليها ”نظريةَ الأنساقِ الرمزيةِ” والتي في إطارِها يمكنُ قراءةُ العملِ الفنيِّ بوصفِهِ نسقًا رمزيًّا، ومنْ ثمَّ تكونُ المرجِعِيَّةُ الأساسيةُ في قراءةِ هذا العملِ هي: تحليلَ شروطِهِ النحويةِ والسيمانطيقيةِ بوصفهِ نسقًا رمزيًّا. مما يتيحُ إمكانيةَ التمييزِ بينَ أنواعِ الفنونِ المختلفةِ كالرسمِ والموسيقى والأدبِ والرقصِ والعمارةِ وغيرِها.
كانَ هدفُ جودمان من وضعِ هذه النظريةِ تقديمَ رؤيتِهِ للقضايا المطروحةِ في الفكرِ الجماليِّ المعاصرِ والناتجةِ عن الخلافاتِ المثارةِ بينَ أصحابِ النزعةِ العلميةِ التحليليةِ وأصحابِ الاتجاهاتِ التقليديةِ في تفسيرِ الأعمالِ الفنيةِ وقراءتِهَا، وذلكَ عن طريقِ استعمالِ مفهومِ الرمزِ في التعبيرِ عن فروعٍ عدةٍ من فروعِ المعرفةِ الإنسانيةِ كالمنطقِ واللغةِ والفنِّ ...الخ. أما عن مدى جدوى هذه النظريةِ الرمزيةِ الجديدةِ فهذا ما سوف نعرضُ له خلالَ هذه الدراسةِ.
إنَّ أهميةَ امتيازِ جودمان وإسهامَهُ لا ينبغي فَهمُهما على أنهما يتمثلانِ في بناءِ نظريةٍ رمزيةٍ في الفنِّ لم تكنْ موجودةً من قبل، فالحقيقةُ أنَّ النظريةَ الرمزيةَ في الفنِّ التي قدمَهَا لنا جودمان في الفكرِ المعاصرِ لها أصولُها عند ليفي شتراوس الذي جاءتْ فلسفتُهُ الجماليةُ وليدةَ فَهمٍ حقيقيٍّ لطبيعةِ الفنِّ بوصفِهِ رافدًا مهمًّا من روافدِ الحضارةِ البشريةِ، ومظهرًا حيويًّا من مظاهرِ الوعيِ الإنسانيِّ في سعيِهِ نحوَ إظهارِ الحقيقةِ الخارجيةِ. كما أن نظريةَ جودمان الرمزيةَ لها جذورٌ أيضًا عندَ سوزان لانجر التي استطاعتْ أن تُظهرَنا علي العلاقةِ الوثيقةِ التي تجمعُ بينَ الشكلِ والوجدانِ، فلم تجعلْ منَ الفنِّ مجردَ أداةٍ للمتعةِ الحسيةِ؛ بلْ جعـلتْ منه وسيلةً رمزيةً للمعرفةِ. وكما أن العلمَ نشاطٌ ذهنيُّ نستطيعُ بمقتضاهُ أنْ نستقدمَ بعضَ مضامينِ العالمِ إلى مملكةِ المعرفةِ الموضوعيةِ، فإنَّ من شأنِ الفنِّ أيضًا أنْ يقـومَ بدورٍ مماثلٍ، وذلك من خلالِ الربطِ بينَ النشاطِ الفنيِّ والفاعليةِ الرمزيةِ.
على الرغمِ منَ اتفاقِ جودمان معَ السابقينَ الذينَ تناولوا النظريةَ الرمزيةَ بشكلٍ عامٍّ ومعَ سوزان لانجر بشكلٍ خاصٍّ في الكثيرِ منَ النقاطِ فإنه يعترضُ على بعضِ النقاطِ الأخرى والتي تعدُّ – منْ وجهةِ نظرِهِ - نقاطًا جوهريةً، فهو يعترضُ بشكلٍ خاصٍّ مثلاً على بيرس الذي يقدمُ تمثيلَ المفهومِ في مقابلِ الإشاراتِ التي تشبهُ ما تشيرُ إليه، ويعترضُ أيضًا على مقالةِ لانجر عن ”التمثيلِ الرمزيِّ” وهو يقولُ مع أنَّ اللوحةَ تشبهُ ما تشيرُ إليه إلا أنَّ هذا لا يعني ـ ولا يلزمُ ـ أنْ تكونَ اللوحةُ مجردَ نسخةٍ لما تشيرُ إليهِ.
كانَ لجودمان موقفٌ واضحٌ من مسألةِ الفصلِ بينَ المعرفةِ العلميةِ والمعرفةِ الفنيةِ التي أُثيرتْ في الفكرِ الجماليِّ المعاصرِ. ويتلخصُ هذا الموقفُ في تأكيدِهِ الطبيعةَ المعرفيةَ والإدراكيةَ للفنِّ، وبالتالي لا بدَّ أنْ ننظرَ إليهِ بوصفِهِ شريكًا للعلمِ في السعيِ إلى معـرفةِ العالمِ المحيطِ بنا. وبالتالي فإنَّ كلَّ محاولاتِ الفصلِ بينَ المعرفةِ العلميةِ والمعرفةِ الفنيةِ محاولاتٌ زائفةٌ.
إنَّ الصورَ والفنونَ المسرحيةَ والنصوصَ الأدبيةَ والشعريةَ وتشكيلَ خبراتِنا تتمُّ بالضبطِ – من وجهةِ نظرِ جودمان – بالشكلِ الذي يتمُّ به التمثيلُ اللغويُّ والعلميُّ، ويحكمُ هذه الأشكالَ الرمزيةَ التعبيريةَ والتمثيليةَ والتصويريةَ شكلُ النسقِ الرمزيِّ الذي تُنْسَبُ إليهِ. إنَّ وجهةَ نظرِ جودمان هذه قد حولتِ السؤالَ من: ما الفنُّ ؟What is Art ? إلى: متى الفنُّ؟ When is Art ? . كما يؤكدُ أنَّه لا جدوى من محاولاتِ تحديدِ الصفاتِ النوعيةِ للجميلِ، ويفضلُ بدلاً من ذلك البحثِ في خصائصِ الأنساقِ الرمزيةِ أشكالَها تلك التي تساعدُنا على قراءةِ ميزاتِ الأعمالِ الفنيةِ وفَهمِ خصائصِها.
حاولَ جودمان أن يتجاوزَ بنظريةِ الأنساقِ الرمزيةِ مجالَ الفنِّ إلى مجالاتِ المعرفةِ الإنسانيةِ الأخرى التي تتعلقُ بالعلومِ والتكنولوجيا والمعرفةِ العلميةِ والممارسةِ، مستخدمًا في ذلك مفاهيمَ لا توجدُ بها – من وجهةِ نظرِهِ – أيةُ ثغرةٍ لدحضِها، هي مفاهيمُ مُعرفةٌ بشكلٍ واضحٍ ضمنَ إطارٍ تحليليٍّ، ويمكنُ تطبيقُها على فروعِ المعرفةِ الأخرى مـثلَ :”الامتثالِ” و ”الماصدقِ” و ”التمثيلِ” ” و ”التمفصلِ” و ”التدوينِ”. مثلَ هذه المفاهيمِ تلخصُ نظريةَ الترميزِ بشكلٍ عامٍّ. كما قدمَ لنا جودمان نظريةً في الاستعارةِ لكي يبلورَ من خلالِها المقصودَ بالتمثيلِ المجازيِّ أو التعبيرِ، إلى جانبِ استخدامِه الثنائياتِ الجدليةَ مثلَ ”الفقرةِ وصورةٍ” و” التمثيلِ اللفظيِّ والتصويريِّ” التي تشيرُ إلى إعادةِ بلورةِ الاختلافاتِ الكلاسيكيةِ للرموزِ اللفظيةِ والبصريةِ.
ولقد تنوعتْ تفسيراتُ الخبرةِ الجماليةِ، واختلفتْ باختلافِ المذاهبِ والاتجاهاتِ: فقد قدمَ لنا كانط التفسيرَ النقديَّ الذي يقومُ على تحديدِ شروطٍ ومعاييرَ قبليةٍ للحكمِ على الجميلِ، وقدمَ لنا آخرونَ ـ من أمثالِ كولنجوود وسوزان لانجرـ تفسيراتٍ متنوعةً لهذه الخبرةِ بوصفِهَا تعبيرًا عن انفعالٍ، ورأى آخرونَ ـ من أمثالِ سانتيانا ـ أنها لذةٌ من نوعٍ خاصٍّ، وراحَ ديوي يصالحُ بينَ الخبرةِ الجماليةِ وبينَ شتى أنواعِ الخبرةِ، وفسرَها إدوارد بولو على أنها مسافةٌ نفسيةٌ علاوةً على أنه قدمَ مع آخرينَ صورًا منَ التفسيرِ العلميِّ السيكولوجيِّ الذي يقيمُ فيهِ أصحابُه نظرياتِهم الجماليةَ على أساسٍ من منهجٍ تجريبيٍّ خالصٍ.
أما الخبرةُ الجماليةُ - من وجهةِ نظرِ جودمان - هي خبرةٌ متغيرةٌ متناميةٌ وليستْ خبرةً سلوكيةً ساكنةً، وإنها تشتملُ على القيامِ بتمييزاتٍ دقيقةٍ، وكذلكَ على التنبهِ إلى العَلاقاتِ المرهفةِ الدقيقةِ، وعلى التحديدِ للأنظمةِ الرمزيةِ والخصائصِ المميِّزةِ لها داخلَ الأنساقِ الفنيةِ، وكذلك ما تشيرُ إليه هذه الخصائصُ وما تقومُ بتمثيلِه وتفسيرِه من أعمالٍ، ومن ثمَّ يُعادُ تنظيمُ العالمِ في ضوءِ الأعمالِ الفنيةِ، ويُعادُ تنظيمُ الأعمالِ الفنيةِ في ضوءِ العالمِ أيضًا .
إشكاليةُ البحثِ:
إن نظريةَ جودمان بديلٌ للتفسيراتِ الأحاديةِ والثنائيةِ الخارجةِ عن العملِ الفنيِّ، إنَّ التفسيرَ الرمزيَّ للعملِ الفنيِّ – من وجهةِ نظرِ جودمان - يجعلُنا نفسرُ العملَ الفنيَّ منْ داخلِه ولا يحكمُ هذا التفسيرَ إلا شكلُ النسقِ الذى يُنْسَبُ إليه العملُ الفنيُّ.
مِن هنا جاءَ هذا البحثُ ليضعَ فرضَهُ الأساسيَّ على النحوِ التالي:
هل نجحَ نيلسون جودمان بالفعلِ في تقديمِ تحليلٍ وتصنيفٍ للأنماطِ الرمزيةِ المميزةِ للأشكالِ المختلفةِ من الفنونِ من خلالِ نظريتِهِ في الفنِّ ”نظريةِ الأنساقِ الرمزيةِ”؟
هذا الفرضُ الأساسيُّ للبحثِ يثيرُ في أذهانِنَا الكثيرَ من التساؤلاتِ التي لا بدَّ من الإجابةِ عنها من خلالِ فصولِ بحثِنَا هذا، من هذهِ التساؤلاتِ:
- إلى أيِّ مدى تأثرَ جودمان بالسابقينَ عليْهِ ”الوضعيينَ المناطقةِ” ؟ وكيفَ نجحَ في تجاوزِهم؟
- ما المقصودُ بنظريةِ الإشارةِ وأنماطِها مثلَ التعبيرِ والتمثيلِ والتمثلِ والماصدقِ؟
- ما المقصودُ بنظريةِ الأنساقِ الرمزيةِ في الفنِّ؟ وما هيَ القراءةُ الجديدةُ التي قدمَها جودمان للأعمالِ الفنيةِ بوصفِهَا أنساقًا رمزيةً؟
- هل كانتْ نظريةُ جودمان الفنيةُ ”نظريةُ الأنساقِ الرمزيةِ” ترجمةً حقيقيةً ومتسقةً مع نزعتِه التحليليةِ والماصدقيةِ ومذهبِهِ الاسميِّ؟
- كيف انعكستْ نظريةُ ”الأنساقِ الرمزيةِ” في معالجةِ جودمان أنواعَ الفنِّ المختلفةَ من موسيقى ورسمٍ ونحتٍ وتصويرٍ وغيرِها؟
- قراءةُ جودمان مفهومَ التعبيرِ قراءةٌ جديدةٌ وذلكَ من خلالِ نظريتِهِ في الاستعارةِ، فكيف كانَ التعبيرُ تمثيلاً مجازيًّا من وجهةِ نظرِ اسميةٍ ذاتِ نزعةٍ ماصدقيةٍ؟
- ما المقصودُ بالخبرةِ الجماليةِ؟ كيف عالجَ جودمان إشكاليةَ الفصلِ بينَ المعرفةِ العلميةِ والمعرفةِ الفنيةِ؟
- هل هناك علاقةٌ بينَ هُويةِ العملِ الفنيِّ بوصفه نسقًا رمزيًّا وبينَ أصالتِه؟
هدفُ الدراسةِ :
تهدفُ دراستُنا لنظريةِ الأنساقِ الرمزيةِ وتطبيقِها على الأعمالِ الفنيةِ عندَ جودمان إلى تحقيقِ التالي:
- توضيحِ إلى أيِّ مدًى كانتْ نظريةُ جودمان قائمةً على ثوابتَ منطقيةٍ أساسيةٍ استمدَّها من فلسفتِهِ التحليليةِ ومذهبِهِ الاسميِّ ونزعتِهِ الماصدقيةِ، وبيانِ ما إذا كانتْ نظريتُه في الفنِّ بمثابةِ تطبيقٍ لنظريتِهِ في المنطقِ الرمزيِّ.
- إظهارِ إلى أيِّ مدًى تأثرَ جودمان بأصحابِ النظرياتِ الرمزيةِ السابقةِ عليه وكيفَ حاولَ التوصلَ إلى نتائجَ جديدةٍ متجاوزًا بها مجالَ الفنِّ إلى فروعِ المعرفةِ الأخرى.
- إبرازِ دورِ نظريةِ الأنساقِ الرمزيةِ في فَهمِ العملِ الفنيِّ بوصفِهِ نسقًا رمزيًّا، وذلك من خلالِ تحليلِ نصوصِ جودمان.
- بيان الكيفية التى طبق بها جودمان ”نظريةَ الأنساقِ الرمزيةِ” على فروعِ الفنِّ المختلفةِ مثلَ الموسيقى والرسمِ والفنونِ المسرحيةِ والنصوصِ الأدبيةِ والتمثيليةِ وغيرِها.
- توضيحِ نظريةِ الاستعارةِ وتحليلِها من وجهةِ نظرِ جودمان، وكيفَ كانَ التعبيرُ من وجهةِ نظرِ جودمان يعدُّ تمثيلاً مجازيًّا.
- بيانِ كيفَ كانَ لجودمان موقفٌ واضحٌ من مسألةِ الفصلِ بينَ المعرفةِ العلميةِ والمعرفةِ الفنيةِ التي أُثيرَتْ في الفكرِ الجماليِّ المعاصرِ بتأكيدِهِ على الطبيعةِ المعرفيةِ للفنِّ التي تساعدُنا على فَهمِ العالمِ المحيطِ بنا.
منهجُ الدراسةِ:
لقدِ اعتمدتُ على منهجينِ أساسيينِ من أجلِ تحقيقِ أهدافِ بحثي هذا؛ هما المنهجُ التحليليُّ النقديُّ، وذلكَ بهدفِ تحليلِ أفكارِ جودمان اعتمادًا على مؤلفاتِهِ الأساسيةِ، ونقدِ هذه الأفكارِ وتحليلِها بغية الوقوفِ على التصوراتِ والمفاهيمِ المختلفةِ التي توصلَ إليها جودمان من خلالِ نظريتِه الرمزيةِ وقراءتِه للأعمالِ الفنيةِ بوصفِها أنساقًا رمزيةً.
ومنْ هنا وجدتُ لزامًا عليَّ أنْ أستخدمَ المنهجَ التحليليَّ المقارنَ وذلك لمقارنةِ أفكارِ جودمان الرمزيةِ ببعضِ الأفكارِ الأخرى المعاصرةِ، فعلى سبيلِ المثالِ استخدمَ كلٌّ من سوزان لانجر و جودمان التحليلَ المنطقيَّ (الرموزَ المنطقيةَ) لقراءةِ الأعمالِ الفنيةِ قراءةً رمزيةً، وعلى الرغمِ من أنَّ كلاً منهما انطلقَ من ثوابتَ أساسيةٍ منطقيةٍ إلا أنَّ لكلٍّ منهما مقدماتِه ونتائجَه التي انتهى إليها.
سادسًا: تبويبُ البحثِ:
المقدمةُ : أطرحُ فيها إشكاليةَ البحثِ والمنهجَ المستخدمَ، كما أعرضُ فيها الهدفَ من البحثِ ثم أقدمُ اقتراحًا بتبويبِ البحثِ.
الفصلُ الأولُ : موقعُ جودمان على خريطةِ الفكرِ التحليليِّ المعاصرِ
حاولتُ أنْ أقدمَ من خلالِ هذا الفصلِ تعريفًا بجودمان (حياتَه – أعمالَه – عصرَه)، فما كان لي أن أعرضَ نظريتَهُ الرمزيةَ في الفنِّ وأحللَها ما لم أوضحِ الأساسَ الفلسفيَّ والمنطقيَّ المتمثلَ في طبيعةِ مذهبِهِ الاسميِّ ونزعتِهِ الماصدقيةِ والنسبيةِ، فكانَ لا بدَّ أنْ أوضحَ موقفَ جودمان منَ الفكرِ التحليليِّ الوضعيِّ السابقِ عليه، ونظريتَه التحليليةَ المنطقيةَ في المنطقِ الرمزيِّ بوصفِ ذلك أساسًا معرفيًّا لفَهمهِ الفنَّ بوصفِهِ أنساقًا رمزيةً. هذا إلى جانبِ توضيحِ موقفِ جودمان من الفنِّ والميتافيزيقا.
الفصلُ الثاني نظريةُ الإشارةِ وأنماطُها:
انطلاقًا منْ كلِّ مقدماتِ مذهبِ جودمان الاسميِّ وهى : لا وجودَ إلا للأفرادِ العينيةِ الموجودةِ في زمانٍ ومكانٍ محددينِ و المفسرةِ بشكلٍ ماصدقيٍّ ، ورفضُ الاعترافِ بالفئاتِ حيثُ إنَّهُ لا امتيازَ للكياناتِ دونَ امتيازٍ للمحتوى. وإنكارُ أنْ تكونَ الخواصُّ موجودةً بوصفِهَا كِياناتٍ توجدُ بشكلٍ مستقلٍّ عنِ الفردِ . ورفضُ المفاهيمِ المجردةِ والكليةِ، ورفضُ الكِياناتِ الخياليةِ، ورفضُ القصديةِ التي تشيرُ إلى امتلاكِ الأفكارِ والمعتقداتِ والرغباتِ بوصفِها كياناتٍ أو موضوعاتٍ مجردةً. باتَ واضحًا أنَّ نظريةَ المعنى خيارٌ غيرُ مقبولٍ بالنسبةِ لجودمان، وكانَ لا بدَّ لنظريةِ المعنى منْ أنْ تُترَكَ.
لذلك قمت في هذا الفصلِ بتوضيح عَلاقةَ الإشارةِ بالمعنى مُبينةً الأسبابَ التي أدتْ بجودمان إلى التحيزِ إلى الإشارةِ دونَ المعنى اتساقًا مع رؤيتِهِ لعلمِ الجمالِ بوصفِهِ توظيفًا إشاريًّا ضمنَ التفسيرِ السيمانطيقيِّ للفنِّ، كما تناولتُ بالشرحِ والتحليلِ أنماطَ الإشارةِ مثلَ التمثيلِ والتعبيرِ والماصدقِ والتمثلِ موضحةً كيفَ أنَّ الاختلافَ بينَ هذه الأنماطِ هو اختلافٌ في اتجاهِ الإشارةِ وليسَ في مجالِها. كذلك أوضحتُ كيفَ أنَّ تحليلَ جودمان للأنساقِ الرمزيةِ في الفنِّ يعدُّ نقطةَ الانطلاقِ الأساسيةَ التي ميزتْ وجهةَ نظرِ جودمان في علمِ الجمالِ المعاصرِ عن وجهاتِ النظرِ التقليديةِ الأخرى، إنهُ قد حلَّ إشكاليةً كبيرةً فيما يمكنُ تسميتُها بعلمِ الجمالِ التحليليِّ، وهو الأساسُ لعلمِ الجمالِ التجريبيِّ. كذلكَ عرضتُ النظريةَ الاصطلاحيةَ في التمثلِ عندَ جودمان.
الفصلُ الثالثُ: رمزيةُ جودمان وعلاقتُها بالفنونِ:
حاولتُ أنْ أجيبَ في هذا الفصلِ عن سؤالٍ مهمٍّ ومحوريٍّ وهو: هل نجحَ جودمان في تقديمِ قراءةٍ تحليليةٍ رمزيةٍ جديدةٍ للفنِّ من خلالِ نظريةِ الأنساقِ الرمزيةِ؟ وبالتالي كانَ لا بدَّ أنْ أوضحَ المقصودَ بالنظريةِ الرمزيةِ في الأنساقِ الفنيةِ موضحةً الشروطَ النحويةَ والسيمانطيقيةَ لهذه النظريةِ، كذلكَ تناولتُ الموسيقى والصورةَ بوصفِهما نموذجينِ حتى أستطيعَ أنْ أوضحَ كيفَ نظرَ جودمان إلى العملِ الفنيِّ بوصفِهِ نسقًا رمزيًّا، مما يتيحُ إمكانيةَ التمييزِ بينَ أنواعِ الفنونِ المختلفةِ كالرسمِ والموسيقى والأدبِ والرقصِ والعمارةِ وغيرِها. هذا بالإضافةِ إلى توضيحِ خصائصِ كلٍّ منَ الأنساقِ التمثيليةِ والتصويريةِ.
الفصلُ الرابعُ: نظريةُ الاستعارةِ:
برهنتُ في هذا الفصلِ كيفَ أنَّ نظريتَهُ في الاستعارةِ ـ بوصفِها تحولاً ـ أتتْ ترجمةً لمبادئِ مذهبِ جودمان الاسميِّ المتمثَّلِ فى: رفضِ الكلياتِ، فلا وجودَ لما لا كِيانَ له، وإنكارِ الموضوعاتِ الخياليةِ والمفاهيمِ المجردةِ، ورفضِ الفئاتِ. ليسَ ذلك فقطْ؛ بل دللتُ على أنَّ نظريتَه في الاستعارةِ كانتْ متسقةً مع نزعتِهِ الماصدقيةِ، وذلك من خلالِ توضيحِ دورِ التمثيلِ في الاستعارةِ وعَلاقةِ الاستعارةِ بالماصدقِ. كذلكَ عرضتُ النظريةَ الاصطلاحيةَ في الاستعارةِ، هذا بالإضافةِ إلى توضيحِ دورِ الرمزِ في عمليةِ التمثيلِ المجازيِّ أوالاستعارةِ.
الفصلُ الخامسُ: الفنُّ بينَ الفَهمِ والأصالةِ:
عرضتُ في هذا الفصلِ أعراضَ الاستحقاقِ الجماليِّ، والعَلاقةَ بينَ الفَهمِ والفنِّ، كذلكَ عرضتُ المقارنةَ التي وضعَها جودمان بينَ الفنونِ الأوتوجرافيةِ والفنونِ الأولوجرافيةِ موضحةً أثرَ ذلك في الحكمِ على أصالةِ العملِ الفنيِّ. هذا بالإضافةِ إلى عرضِ رأيِ جودمان في الأساليبِ الفنيةِ وعَلاقتِها بهُويةِ الأعمالِ الفنيةِ. وأخيرًا أوضحتُ العَلاقةَ بينَ العملِ الفنيِّ بوصفِهِ نسقًا رمزيًّا و طرقِ صنعِ العالمِ، وكيفَ يُعادُ تنظيمُ العالمِ في ضوءِ الأعمالِ الفنيةِ، ويُعادُ تنظيمُ الأعمالِ الفنيةِ في ضوءِ العالمِ أيضًا.
الخاتمةُ: أوجزت فيها النتائج التى توصلت إليها فى البحث .