![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لكي تسمّى أي دولة ”الدولة القانونية” لابُد أن يكونَ فيها احترامٌ للقواعدِ القانونيةِ وخُضوعٍ لمبدأ المشروعيةِ الذي يُعَدُ حجر الأساس في بناءِ الدولِ الديموقراطيةِ الحديثةِ، إذ إن مبدأ المشروعيةِ يُضفي على الدولةِ وصف الدولةِ القانونيةِ، وينبني على ذلك خضوعُ جميع السلطاتِ العامةِ في الدولة للقانونِ، وذلك بأن تتقيَدَ السلطةُ التشريعيةُ والتنفيذيةُ والقضائيةُ في جميعِ أعمالِها بالقواعدِ القانونيةِ، وهذا ما يُميزُها عنِ الدولة البُوليسيَةِ، التي لا تتقيدُ السلطةُ الإداريةُ فيها بقيودِ، فهي تَملِكُ اتخاذَ ما تراهُ من إجراءاتٍ وتدابيرٍ في مواجهةِ الأفرادِ، دون أن ترى نفسَها ملزمةً بالخضوعِ للقانونِ. وحينما نتحدثُ عن القرارِ الإداري فإنهُ يُمثِلُ وسيلةَ الإدارةِ في تسييرِ النشاطِ الإداري بما يُحقِقُ الصالِحُ العامَ، وتُعَدُ الرِّقابة القضائية على هذا النشاط - القرارِ الإداري- ضمانةً مهمة للحفاظِ على حرياتِ وحقوقِ الأفرادِ وحمايتهم في مواجهةِ الدولةِ التي تتمتعُ السلطةُ العامةُ فيها بقوةٍ قهريةٍ قد تنحرِفُ إذا لم تخضع للقوانينِ، فتُهدِرُ حقوقَ الأفرادِ، وتَقضي على حرياتهمُ العامةُ( ). وعندما نَتحدثُ عن اصطلاحِ ”الرِّقابة القضائية” فإنَ الذِهنَ يَجِبُ أن يَنصرِفَ إلى نظامِ مجلسِ الدولةِ، الذي يُمثِلُ الجِهةَ القضائيةَ المستقلةَ عن جِهةِ القضاءِ العادي، تختصُ بنظرِ المُنازعاتِ الإداريةِ، التي تثورُ بين الإدارةِ العامةِ التابعةِ للسلطةِ التنفيذيةِ وبين الأفرادِ، وقد ظهر نظامُ مجلسِ الدولةِ في فرنسا منذ عهد الثورةِ الفرنسيةِ الشهيرة، واستقرت دعائمُهُ منذ عامِ 1872م، حيثُ أصبحَ مجلسِ الدولةِ الفرنسي قاضيًا عامًا في المنازعاتِ الإداريةِ، يقومُ بدورهِ في حماية حقوقِ الأفراد إزاءَ الإدارة، وهو في جهده لتوفير الحماية يَسلُكُ مسلكَ القاضي العادلِ المحايد. |