Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
خصوصية اتفاق التحكيم في القانون الدولي الخاص /
المؤلف
عبد الرزاق،علي سهيل .
هيئة الاعداد
باحث / علي سهيل عبد الرزاق
مشرف / عصام الدين مختار القصبي
مشرف / أبو العلا علي أبو العلا النمر
مشرف / عبد المنعم محمد زمزم
الموضوع
قانون دولى خاص
تاريخ النشر
2015
عدد الصفحات
550ص.؛
اللغة
الإنجليزية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون الدولى الخاص
الفهرس
Only 14 pages are availabe for public view

from 16

from 16

Abstract

إن اللجوء للتحكيم ليس حديث عهد بل أنه يعود الى زمن بعيد في تاريخ البشرية والمجتمع الدولي. فقد تم اللجوء اليه قبل اللجوء الى القضاء لأن الأفراد والجماعات ظهرت قبل تكوين الدولة فقد تم اللجوء اليه سواء للفصل في المنازعات التي تنشب بين الأفراد الطبيعيين أو المعنويين في إطار القانون الداخلي ، أو للفصل في المنازعات بين أشخاص القانون الدولي. وإذا كان التحكيم الدولي لم يتم اللجوء اليه بكثرة لتسوية المنازعات الدولية ، إلا أنه قد تم اللجوء اليه للفصل في المنازعات التي تتصف بطبيعتها الفنية ، والتي يتطلب في تكوين الجهاز المحكم أشخاصاً ذوي خبرات معينة: فنية أو اقتصادية أو علمية أو مالىة أو جغرافية ... إلخ.
ولما كانت الدول الآخذة في النمو تقوم بطلب الاحتىاجات الرأسمالىة والفنية. نظراً للحاجة الكبيرة جداً لذلك والماسة لها ، من مصادر أجنبية نظراً لعدم قدرتها في الوقت الحاضر على توفيرها من الموارد المحلية ونظراً لاستحالة مثول الفرد وبصفته الشخصية أمام المحاكم القضائية الدولية ، أدى ذلك الى قناعة كثير من الدول بضرورة وفائدة التحكيم كوسيلة بديلة للفصل في المنازعات الاستثمارية.
والتحكيم له الدور الهام في تسوية المنازعات الدولية ، سواء كانت منازعات بين الدول ، أو بين الدول وبين أشخاص القانون الدولي الأخرى ، أو بين هذه الأخيرة ، أو بين شخص عادي وشخص من أشخاص القانون الدولي. وبما أن نظام التحكيم ، يقوم على أساس تبسيط إجراءات الفصل في النزاع المعروض عليه داخلياً كان أم دولياً ، والتحرر من الشكليات ، وذلك لأن التحكيم يمكن الأطراف من تفادي اختلاف الإجراءات والقواعد الوطنية التي تختلف من دولة لأخرى ، والتي تؤدي الى إهدار حقوقهم وتوقعاتهم فإن ذلك يعتبر عاملاً أساسياً لسرعة الفصل في النزاع خلال مدة قصيرة ، وهو ما لا يوجد في الإجراءات المعتادة أمام المحاكم. ومن جانب آخر فالقضاء ملزم بتطبيق القانون ، أما التحكيم قد يصدر حكماً يتضمن حلاً وسطاً يرتضي به الطرفان ، لذلك تستمر العلاقة بينهما ، إذ يضمن هذا التحكيم قواعد العدالة والإنصاف.
وينشأ التحكيم بإدارة الخصوم وهي التي تخلقه ، وهي أساس وجوده ، وبغيرها لا يوجد ، وتلك الإرادة لا تكفي فالمشرع يجب أن يقر اتفاق الخصوم ، أما إذا كان المشرع لم ينص على جواز التحكيم وجواز تنفيذ أحكام المحكمين لما كانت إرادة الخصوم كافية لخلقه، فالتحكيم يقصد به في الأساس منع القضاء الوطني في الدول من نظر منازعات عقود التنمية الاقتصادية وبالإضافة الى التطورات الاقتصادية المعاصرة والتي أدت الى تزايد الاتجاه نحو تشجيع الاستثمارات الأجنبية ، ولم يكن ذلك محدود على الدول النامية فحسب ، بل لقد أمتد الى غيرها من الدول المتقدمة.
والتحكيم كنظام لحل المنازعات لا يختلف كثيراً عن القضاء العادي ، فكلاهما يهدفان الى الفصل في النزاع بحكم عادل وملزم ، إلا أن التحكيم يتميز عن القضاء العادي بالسرعة وتفادي بطيء الإجراءات المعهودة أمام القضاء العادي ، حيث ان بطيء الإجراءات وإن كان محتملاً ومقبولاً نوعاً ما في المعاملات المدنية ، فإنه لا يكون مقبولاً في المعاملات التجارية التي هي بطبيعتها مستعجلة لارتباطها بحركة الأموال وتداولها.
وعرف المشرع المصري التحكيم باتفاق الطرفين على الالتجاء الى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية كما يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقاً على قيام النزاع ، سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين ، كما يجوز أن يتم الاتفاق على التحكيم بعد قيام النزاع ، ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية.
ان اتفاق التحكيم هو عقد كسائر العقود ويخضع في شروط صحته وانعقاده الى ذات الشروط الخاصة بالعقود – واتفاق التحكيم بهذا المعنى ، هو تصرف قانوني إرادي ، بل هو عقد حقيقي كسائر العقود المعروفة في القانون المدني حيث يتوفر له أركان: أطراف محل ، سبب وهو عقد أي كان الوقت ، والشكل ، الذي تم فيه. إن لصحة اتفاق التحكيم شروطاً شكلية وأخرى موضوعية ، ان كل ما هو تعاقدي يكون عادلا لان جوهره هو الارادة الحرة للانسان ،والحق او الالتزام الذي يصدر منه ان هو الا تعبير عن استقلال الارادة الانسانية ،فالاتفاق او العقد لا قيمة ادبية او قانونية له ،الا بعتباره مظهر للتراضي والحرية ،ومن التراضى يستمد ذلك الاتفاق او العقد قوته الملزمة والقاعدة أن من يملك حرية التصرف في حقوقه يملك الحق في الاتفاق على التحكيم ، فلا يملك الحق في الالتجاء الى التحكيم إلا الشخص كامل الأهلية الذي يملك حرية التصرف في الحق محل النزاع.
أن من التشريعات المقارنة ما جعل من اتفاق التحكيم اتفاقاً شكلياً باستلزامه الكتابة ركناً في الاتفاق ، لازماً لوجوده ، لا يقوم بدونه ، ولا يصح من غيره ولا ينتج آثاره إلا به وعلى العكس من ذلك يتجه جانب آخر من التشريعات المقارنة الى جعل الكتابة مع استلزامها في كل حال مجرد وسيلة لإثبات اتفاق التحكيم بحيث إذا انعدمت الكتابة لا يستتبع ذلك انعدام الاتفاق أو بطلانه بل يجعله عند إنكاره غير ذي فاعلىة ويتعين البحث عن وسيلة أخرى لإثباته.
ومع ذلك يتضح ، الأهمية والضرورة لإفراغ اتفاق التحكيم في قالب شكلي إذ أن التشريعات المقارنة استلزمت ضرورة كتابة اتفاق التحكيم سواء لوجود اتفاق التحكيم أو لإثباته ويبدو أن السبب في ذلك يكمن في الآثار الجوهرية التي تترتب على اتفاق التحكيم فمن ناحية أولى سلب اختصاص قضاء الدولة بشأن المنازعات المتفق على عرضها على التحكيم فكان لابد من التأكد من وجود اتفاق التحكيم حتى تتمكن الدولة من رقابة أنظمة التقاضي الموازية والخاصة باعتبارها المهيمن والمسئول عن أداء العدالة. كما يلزم اتفاق التحكيم الأطراف بأن تعهد بالمنازعة الناشئة بينهم والمتفق على حلها بواسطة التحكيم الى المحكم.
إن اتفاق التحكيم بوجه عام لا يتناول أثره إلا المتعاقدين ولا يجاوزهما إلا في حالات استثنائية ولذلك إذا تم اتفاق التحكيم صحيحاً ، وبناء على توافق إرادتين صحيحتىن وتراضٍ تام بين أطرافه وتوفر فيهم جميع الشروط المطلوب توافرها قانوناً فإن اتفاق التحكيم يصبح ملزماً لأطرافه ، وتصبح أحكامه بمثابة القانون الذي يحكم علاقاتهم مع بعضهم البعض ، ولا يجوز لأحدهما أن يتحلل من التزامه بإرادته المنفردة ، إلا في الأحوال الاستثنائية التي يجيزها القانون ، ولذا يقال أن العقد شريعة المتعاقدين ويقصد بهذا أن العقد منذ تمامه تصبح أحكامه هي القواعد المنظمة للعلاقة بين طرفيه ، وأيضاً بالنسبة لموضوعه.
وإذا قلنا أن اتفاق التحكيم لا يتناول أثره إلا المتعاقدين ، فيجب أن يكون ذلك مقروناً بالتوسع في فهم كلمة المتعاقدين حيث أنه ليس المقصود بهذه الكلمة المتعاقدين فقط ، بل المقصود هما ومن يمثلانهم في التعاقد ، أي أن أثر العقد ينتقل الى خلفهما سواء كان الخلف العام أو الخلف الخاص وينصرف أثر العقد أيضاً الى دائنوا المتعاقدين وذلك بطريق غير مباشر، عن طريق ما يتم إبرامه من عقود ، لأنها يترتب عليها زيادة أو نقص الذمة المالىة للمتعاقدين والتي تؤثر على الضمان العام للدائنين . والقاعدة العامة أنه يترتب على انصراف أثر العقد الى الخلف العام ، أنه يسري في حقه ما يسري في حق السلف أي أنه يصبح في حكم الطرف بالنسبة للعقد ، إلا أن هذه قاعدة ليست مطلقة ، لوجد استثناءات يكون فيها الخلف العام من الغير ، ولا يكون العقد حجة عليه، والخلف الخاص هو من يخلف سلفه في ملكية شئ أو في حق معين ومثال ذلك مشتري العقار الذي انتقلت له الملكية يعتبر خلف خاص.
اما حوالة الحق هي عبارة عن اتفاق بمقتضاه ينقل الدائن ماله من حق قبل المدين الى شخص آخر يصبح دائناً مكانه ، ويسمى الدائن الأصلي في هذه الحالة (المحيل) والدائن الجديد (المحال له) ، والمدين (المحال عليه). وبناءً عليه فإن حوالة الحق ما هي إلا اتفاق بين المحيل والمحال له ينقل الحق من المحيل الى المحال له ، وهي تتم برضاء كلا من المحيل والمحال له أطراف عقد الحوالة أما بالنسبة للمدين (المحال عليه) فهو ليس طرفاً في اتفاق الحوالة ولا يشترط رضاه لانعقادها. اما حوالة الدين هي عبارة عن اتفاق يتم به نقل عبئ الدين بجميع مقوماته حيث يبقى للدين المحال به ضماناته وخصائصه من المدين الأصلي الى شخص آخر من الغير. وهذا الاتفاق يتم بين ثلاثة أشخاص المدين الأصلي (المحيل) والمدين الجديد الذي يتحمل الدين والدائن.
ان اختيار هيئة التحكيم ركن جوهري في التحكيم ولا يتصور قيامه بدونها،والاصل ان يتفق طرفا التحكيم على هيئة التحكيم ،لكن عدم اتفاقهما عليها لا يؤدي الى بطلان الاتفاق نظراًلان القانون قد رسم الطريق الى تحديدها في حال تخلف هذا الاتفاق ،واختيار هيئة التحكيم لا يكفي وحده لقيام واجبها بالفصل في النزاع الذي اختيرت له ،وانما يلزم لذالك قبولها لهذه المهمة ،ثم ان هيئة التحكيم تقوم بمهمة قضائية يعهد بها الطرفان اليها ،فاذا كانت فكرة التحكيم تقوم على الثقة ،فهي ليست ثقة من احد المتعاقدين في المتعاقد الاخر على نحو ما نعرفه في عقود الاعتبار الشخصي، وانما هي ثقة من المتعاقدين معاً في هيئة التحكيم من حيث خبرتها وحياديتها ،ومن ثم قدرتها على اعطاء النزاع حلا قانونياًاو عادلاً.
ويعد موضوع القانون الواجب التطبيق من أهم موضوعات التحكيم وذلك لأن عملية التحكيم هي سلسلة من القواعد المتداخلة التي يعرف بعضها بأنها قواعد موضوعية وبعضها قواعد إجرائية ، يكون الغرض منها صدور حكم تحكيم صحيح من الناحية القانونية، سواء في الدولة التي صدر فيها التحكيم أو في الدولة التي ينفذ فيها بما يحقق الهدف من التحكيم ، وهو فض النزاع القائم بين أطرافه. والأصل أن تيسير العملية التحكيمية وفقاً للإجراءات التي وضعها الأطراف والمحكمون ووفقاً للائحة المنظمة أو الجهة المشرفة على التحكيم. ولكنها قد تكون قاصرة عن الإحاطة بجميع مسائل الإجراءات أو قد يحدث خلاف حول الكيفية التي تتم بها بعض الإجراءات ، لذلك يلزم في مثل هذه الحالات الرجوع الى القانون الواجب التطبيق على الإجراءات.
ولما كان القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع هو الأساس في إصدار حكم التحكيم ومن ثم حسم النزاع وإنهائه ، فإنه من الضروري معرفة المعايير التي يستند اليها المحكم للبحث عن القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع وتحديد هذا القانون له أهميتة أمام هيئة التحكيم أو المحكم عندما يراد تحديد القواعد الواجبة التطبيق على موضوع النزاع، وأمام القاضي عندما يتدخل – ليس فقط – عند تنفيذ حكم التحكيم بل كذلك عندما يتدخل قبل بدء إجراءات التحكيم أو إثنائها كأن يعترض أحد الأطراف على صحة اتفاق التحكيم ويطلب إبطاله.
الاصل في اتفاق التحكيم انه يخضع للقواعد العامة في انهاء العقود،غير ان الطبيعة المتميزة لموضوع هذا الاتفاق تجعل له خصوصية في هذا المقام يظهر اثرها احياناً في اسباب انتهائه واحياناً اخرى في الاثار المترتبة على الانتهاء وينتهي اتفاق التحكيم بانتهاء تنفيذ العقد الأصلي دون إثارة أية منازعات بين الطرفين وبالتالى لم يتم إعمال شرط التحكيم أو اتفاق التحكيم الذي قد تضمنه العقد، وينتهي ايظاً بإثارة النزاع في تنفيذ أو تفسير العقد وبالتالى يتم إعمال شرط التحكيم وصدور الحكم في موضوع النزاع.
ان تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية غالبا ما تخضع لأحكام اتفاقية نيويورك للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها،حيث إن هذه الإتفاقية قد لاقت قبولاً واسعاً فى العديد من الدول وانضمت اليها العديد من دول العالم، وتهدف أتفاقية نيويورك بشكل أساسي الى تشيجع الدول الأعضاء على الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها بالإضافة الى توحيد وتبسيط قواعد وإجراءات تنفيذ أحكام المحكمين الصادرة فى الخارج. وكذلك تسعى الاتفاقية الى توحيد نطاق رقابة القضاء على تلك الأحكام، بحيث لا يجوز رفض تنفيذها إلا لواحد من الأسباب المحددة فى الاتفاقية.