Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
النخبة الوطنية في أفريقيا الرومانية في القرنين الثاني والثالث الميلاديين :
المؤلف
العلواني، أكريم الجارح محمد.
هيئة الاعداد
باحث / أكريم الجارح محمد العلواني
مشرف / السيد محمد جاد
مناقش / السيد محمد جاد
مشرف / أميمة علي أحمد زهرة
الموضوع
افريقيا - تاريخ - العصر الباكر. تاريخ.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
153 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/5/2015
مكان الإجازة
جامعة المنوفية - كلية الآداب - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 153

from 153

المستخلص

يعد مفهوم النخبة
وبالرغم من الحداثة النسبية لاستخدامه، إلا أن معناه تردد في الفكر الاجتماعي منذ زمن بعيد. ولأن
نظرة مفكري علم الاجتماع لهذا المصطلح تختلف باختلاف المنطلقات الفكرية التي ينطلقون منها،
وباريتو (Karl Marx) مروراً بكارل ماركس (Aristotales) وأرسطو (Plato) ابتداء من أفلاطون
لذلك سوف نجد أن هؤلاء المفكرين يستخدمون .(Wright Mills) وصولاً إلي رايت ميلز (Pareto)
مفاهيم مختلفة للتعبير عن وجود جماعة أو جماعات تتحكم في القرارات الأساسية وممارسة السلطات
علي نطاق واسع مثل مفاهيم ”الطبقة الحاكمة” و”النخبة السياسية” و”النخبة الدينية” و”القلة المسيطرة أو
المؤثرة”.
ومن المعلوم أن النخبة تكون في الطبقة الحاكمة، ولكن قد تظهر نخبة في الطبقة المحكومة تقود
التيار الشعبي و تطالب بالتغيير، و تحاول تغيير الأوضاع لصالحها، بما في ذلك تحقيق العدالة
الاجتماعية وتوزيع الثروات، خصوصاً إذا انتظمت تحت إطار مرجعية أو أيديولوجية واحدة ، ذات
هدف مشترك ومعتقد واحد، يؤهلها لأن تمارس دوراً قيادياً في المجتمع وربما تصل إلي أن تصبح
هي صانعة القرار إذا هي كافحت وناضلت. فالمسيحية كدين سماوي توحيدي، قدمت بدورها
مشروعاً قائماً علي عبادة الله الواحد الأحد، المبني علي التسامح، والحب الأخوي والمساواة في الله،
في مجتمع وثني يؤمن بالتعددية والعبودية قائم علي مفهوم عبادة روما والإمبراطور و السياسة
الخارجية. وهكذا فإن مفهوم المسيحية كان يتناقض مع قيم ومبادئ (البراجماتية) الإمبراطورية
الرومانية. هذا التعارض والتناقض الفكري كان لابد أن يصل في النهاية إلي التصادم. فالمسيحية
عندما ظهرت وبرزت في ظل الدولة الرومانية، فهي لم تكتف بجلب قيم و أفكار جديدة للمجتمع
الوثني، وإنما كانت ترمي لإرساء نظام اجتماعي حياتي جديد، يرافقه نموذج فكري، حل آخر الأمر
محل الأنماط التي كانت سائدة آنذاك.
في القرن الثاني الميلادي دخلت المسيحية إلي ولاية أفريقيا، اعتنقها في البداية بسطاء الناس،
ثم ما لبثت في القرن الثالث أن انتشرت بين النخب والمثقفين وبين جميع شرائح المجتمع الأفريقي،
من بين هذه النخب التي اعتنقت المسيحية في القرن الثاني ترتولليانوس الذي كان قادراً علي سماع
خطب أبوليوس المادوري ومرافعات المحامي الأفريقي فرونتو، ومعاصرة حكم الإمبراطور
سبتميوس سيفيروس، كما كان القديس كوبريانوس أيضاً من بين الذين اعتنقوا المسيحية في القرن
الثالث قبل اضطهاد الإمبراطور دكيوس بفترة وجيزة، فكل من ترتولليانوس وكوبريانوس اعتنقا
المسيحية في كهولتهما، وعلي الرغم من أن لكلٍ من الرجلين أسلوبه الخاص، والفترة الزمنية التي
عاشاها إلا أنهما ظلا في حالة من التكامل، فالأول يعد من أول المدفعين عن المسيحية كدين،
والمسيحيين كمعتنقين، وحاول إرسال الرسائل للحكام لتوضيح موقف المسيحيين من الإمبراطور
والإمبراطورية، أما كوبريانوس فقد ظهر في فترة مليئة بالمشاكل والتعقيدات، سواء علي مستوي
الكنيسة، أو علي مستوي الإمبراطورية، إلا أن الرجلين كانا متفقين علي أن روما هي سبب خراب
العالم ونهايته، فكان ترتولليانوس يري أن روما هي حاضنة التطرف ضد المسيحية، ويقول إن هذه
الدولة آيلة للسقوط لا محالة؛ لأنها تعبر البحار لتنشر الظلم على الأرض، لذلك تراه يطالب في
أعماله المتأخرة العصبة المؤمنة من المجتمع الأفريقي بالعودة إلي عراقته وأصالته التي فقدها بسبب
(الرومنة)، لأن روما سواء وثنيها أو مسيحيها يرفضون أي أفكار جديدة، حتى أن كنيسة القديس
بطرس التي أنشئت في روما لم تسلم من هذا التعصب وكانت ترفض أي جديد من الأفكار، حتى ولو
كانت صحيحة وكانت تنطلق من خلال روح تعصبية مسيحية، ويميل هؤلاء المتعصبون الرومان
أحياناً إلى فكرة المسيحية التقليدية التي تشبه إلى حد ما الوثنية القديمة التي تتمثل في مدح البابا ،
ورهبان الكنيسة.
فيما حاول كوبريانوس اتخاذ خطوات أوسع بنقل جماعته من تبعية الإمبراطور الحاكم إلي
شخصه، عن طريق تحديد رقعة جغرافية تملكها الكنيسة التي يرأسها، تحيطها العناية الربانية، يرأسها
كوبريانوس كممثل الرب علي الأرض، وعمل علي تقوية مؤسسة الكنيسة اجتماعياً، واقتصادياً.
فحول الكنيسة إلي مؤسسة اجتماعية تقدم المعونة إلي الفقراء والأرامل والمعدمين، وتستقطب الأغنياء
من الرجال والنساء وفي علاقة تبادلية، تجعل للأغنياء كنزاً في السماء غير معرض للفناء مقابل
التصدق علي الفقراء. كما جعل كنيسته من أكثر الكنائس ثراء، ونظمها وجعلها جاهزة للنقاشات
اللاحقة بينه وبين البابا أستيفانوس أسقف روما حول مسألة التعميد. إذ كانت كنيسته في البداية جزء
من مجموع الكنائس الأفريقية التي دعا إلي توحيدها مراراً وتكراراً في كتابه وحدة الكنيسة
الكاثوليكية، ثم ما لبثت أن أصبحت كنيسته الراعي الرسمي للمجلس الإقليمي الذي تأسس من مجموع
الكنائس في أفريقيا بعد فترة وجيزة من اضطهاد الإمبراطور دكيوس، وأصبحت تضاهي الكنيسة الأم
في روما، وبسبب سياسة أسقف روما أستيفانوس التعسفية حول مسألة تعميد الكهنة المرتدين ورفضه
لمضمون الفتوى التي صدرت من المجلس الإقليمي الأفريقي بهذا الشأن، بل وطرد ممثل المجلس
الذي ذهب إلي روما، الأمر الذي أغضب المجلس وجعلهم يقررون رفض كل قرارات تصدر من
أي عدم الاعتراف بأي (Agrippinus) روما، وعدم الاعتراف بأسقف غير الأسقف اجريبي نوس
مرجعية دينية من خارج أفريقيا، فتحول هذا الصراع من صراع ديني عقائدي إلي صراع فكري
سياسي، أي تحول الصراع من بين أسقف وأسقف بشأن مسألة فقهية عقائدية، إلي صراع بين روما
و قرطاجة وهو صراع تاريخي الأصل.