Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
اللاهوت العقلي عند القديس أنسلم /
المؤلف
احمد، محمد احمد سليمان.
هيئة الاعداد
باحث / محمد احمد سليمان احمد
مشرف / عصمت نصار
مشرف / كاتارينا بيلو
مشرف / جوزيف داميكورت
مناقش / إيرميس سيجاتى
مناقش / حسن حنفي حسنين
الموضوع
فلسفة العصور الوسطى. الفلسفة المسيحية
تاريخ النشر
2014.
عدد الصفحات
265 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
الناشر
تاريخ الإجازة
9/9/2014
مكان الإجازة
جامعة بني سويف - كلية الآداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 265

from 265

المستخلص

مقدمة
يحتل ميدان الدراسة في العصر الوسيط مكانه مهمة في تاريخ الفكر الفلسفي لما يمثله من نقطة تحول اساسة من العصور القديمة الي العصور الحديثة، ولا شك في ان الفلسفة المسيحية في العصور الوسطي لعبت دورا مهما ومحوريا في تشكيل هوية الفكر الوسيط سواء من جانب اللاهوتيين الاوائل او من جانب فلاسفة اللاهوت، وتعتبر القرون الخمسة الاولي من اهم المراحل التي ساهمت في تكوين العقل الاوربي في العصور الوسطي، اذ بدا اباء الكنيسة اليونان واللاتين في تلك القرون في صياغة مبدا الايمان المسيحي مستندين علي المقدمات المتوارثة من بقايا فلاسفة اليونان وبعض ارهاصات الفكر اليهودي الذي ظهر في القرن الاول بعد ميلاد المسيح.
وعندي ان الزعم بالقول ان الفلاسفة واللاهوتيين لم يضيفوا شيئا الي الفلسفة في تلك الفترة الممتدة من القرن الاول وحتي القرن الرابع عشر الميلادي، هو قول يجانبه الصواب تماما، فالمسيحيون الاوائل قدموا فلسفة دينية وفي بعض الاحيان فلسفة عقلية تنهل من الموروث اليوناني وتناي شيئا عن جوهر الدين المسيحي، اما اللاهوتيون فقد اسهموا بنظرياتهم اللاهوتية المنبثقة عن التعاليم اليونانية بتطوير مفهوم اللاهوت المسيحي وتقديم تصور جديد بدا مقبولا لدي العامة والمثقفين علي حد سواء.
اما وصف القرون الوسطي بانها فترة ظلام يجب تجاوزها عند الحديث عن تاريخ الفكر، وان الفلسفة في تلك الفترة لم تكن تعبر الا عن موروث ديني يجعل من الفلسفة خادمة لللاهوت بحيث لا وجود لفلسفة مسيحية حقيقية فهو زعم يخلو من الموضوعية ايضا، فالفلاسفة واللاهوتيون المسيحيون علي حد سواء قدموا لنا فلسفة فريدة من نوعها تحمل بداخلها مفهوما جديدا عما كان مثارا علي مائدة المساجلات اليونانية الوثنية، من حيث الافكار التي اتي بها الدين الجديد والتي اعطت الفلسفة نمطا جديدا من الفكر تميز به المسيحيون وحدهم في صياغة فلسفتهم الخاصة التي تبنت المفاهيم الكبري التي حمل تعاليمها الحواريون ومن بعدهم الاباء الرسوليون.
وقد كان للمسيحيين مفهوما مختلفا في تناولهم لفكرة الفلسفة بوجه عام، فحينما ذهب البعض منهم الي القول بان الفلسفة هي العلم اللاهوتي الاول القادر علي فهم ودعم اللاهوت، نري من جانب اخر من اقام اللاهوت حجة ضد افلسفة وتسخيرها هي والعقل حتي تكون الاداة التي يستخدمها اللاهوت ضمن مقدماته ومن ثم تاتي في مرتبة ثانية وما عليها الا الطوع والانضواء تحت لوائه، وما عليها اذن الا ان تفي بالغرض المخصصة من اجله وهو قبول الايمان سواء جاء متفقا او مختلفا مع مقدمات العقل.
من هنا جاء سبب اختياري لفكرة ”اللاهوت العقلي عند القديس انسلم” في محاولة مني لتبيان وايضاح احد المفاهيم الاساسة لاحد اهم اللاهوتيين المسيحيين في القرن الحادي عشر بل وفي القرون الوسطي قاطبة لما له من دور بارز في محاولة التوفيق بين الفلسفة والدين من اجل البرهنة علي صحة الايمان.
انطلق انسلم من الايمان في الشرح والبرهنة علي صحة الموروث العقدي الذي تؤمن به الكنيسة، وقد حاول جاهدا في كل مؤلفاته الوقوف علي صحة العقيدة المسيحية مستخدما الفلسفة والعقل تارة بحسب زعمه، وتارة اخري يلجا الي المنطق في محاولة منه لجعل قضايا الدين اكثر معقولية وقبولا لدي معارضيه، ولم تكن محاولته هذه هي البداية التي انطلق منها في فكره اللاهوتي فحسب، بل هي مبدا عام يضعه ويجعله هدفا عمل علي تحقيقه علي مدي السنوات التي قضاها في الرهبنة، مستندا في المقام الاول علي كتابات اللاهوتيين الاوائل او ما اسماهم هو السلطات العليا وواضعي مبدا الايمان.
وتتضح اهمية الموضوع في انه يلقي الضوء علي محاولة استخدام الفلسفة والتامل العقلي الخالص في اثبات صحة المعتقد الديني، الا ان هذه المحاولة سرعان ما تنتهي الي الفشل الزريع في عدم القدرة علي التوفيق بين المقدمات العقلية والمبادئ الايمانية، فانسلم –وهو اللاهوتي الاول قبل كل شيء- يستدرج قارءه بمقدمات عقلية تبدو وكانها نمطا جديدا من منطق اللاهوت الذي لا يري اي تعارض بين الدين والفلسفة او بين العقل واللاهوت، لكن سرعان ما تنتهي هذه المقدمات الي نصوص دينية تتغلغل داخل الحوار الذي يقيمه انسلم ويتحول الخطاب من نقاش فلسفي الي مسلمة دينية تستقي مصادرها من الكتاب المقدس وبصفة خاصة من العهد الجديد.
وعن الدراسات السابقة في هذا الموضوع فان اهم عملين قراتهما بالعربية هو الترجمة التي قدمها الاستاذ الدكتور حسن حنفي لكتاب ”بروسلوجيون” لانسلم و كتاب ”جانيلون في الدفاع عن الاحمق” وكتاب انسلم في ”الرد علي جانيلون”، وقدت افدت من الشروحات والتعليقات والمقارنات التي وردت في تلك الدراسة وخاصة في قضيتي الفلسفة والدين والدليل الانطولوجي، اذ فتحت لي المجال في الاطلاع علي بعض المصادر التي لم اكن اتوصل اليها بمناي عن هذه الدراسة التي قدمها الاستاذ الدكتور حسن حنفي، ثاني تلك الاعمال المهمة التي ارشدتني الي دراسة الفترة الاولي من المسيحية في القرون الاولي هو العمل الذي قدمه الاستاذ الدكتور عصمت نصار عن ”فلسفة اللاهوت المسيحي” حيث كان بمثابة العون لي في الوقوف علي اهم المفاهيم التي تناولها لاهوت الاباء في القرون الاولي وما تلاها من قرون.
اما الصعوبات التي واجهتني في تلك الرسالة فتتمثل في كتابات انسلم نفسها، فهو يتميز بانتاجه الغزير الذي يصعب معه تحديد الهوية التي يحويها كل مؤلف اذا استثنينا كتاب الصلوات والادعية الصوفية التي تاتي في المرتبة الاولي بين كتاباته اللاهوتية، ومن الصعوبات التي واجهتها مع انسلم هي التكرار في اغلب المؤلفات التي قدمها، الامر الذي يجعل القارئ لمؤلفاته يعيد قراءتها اكثر من مرة من اجل تحديد الفكرة الرئيسة التي يتناولها في مؤلف بعينه، فانسلم ذلك النمط من الكتاب الذي يستدرج قارءه معه حتي يقنعه بصحة ما يقدمه من براهين، تلك البراهين التي يغلب عليها الطابع الديني رغم انه ينوه في كثير من الاحيان الي انه يستخدم العقل دون النقل في تاييد حججه ودحض حجج معارضيه.
اما عن منهج الدراسة فسوف استخدم المناهج التالية:
منهج العرض والمنهج التحليلي: وذلك في عرض اراء انسلم من منطلق نصوص انسلم وحدها دون غيرها، وهي طريقة الجا فيها الي عرض افكار انسلم باسلوب يجعل من طريقة العرض اقرب الي النص الاصلي وكان انسلم هو الذي يتحدث ليعرفنا افكاره والموضوعات التي ناقشها، وهي طريقة قصدت منها ان اضع امام القارئ انسلم في لغته اللاهوتية المغلفة بلغة العقل والفلسفة معا -باستثناء الفصل الرابع الخاص بقضية الفلسفة واللاهوت، حتي لا اخرج عن منهج العرض مع مساعدة من منهج التحليل في ايضاح بعض النقاط داخل السياق نفسه، وحتي لا اتدخل في نصوص انسلم قبل ان اعرض لها وان ابين ما يقصده انسلم من وراء عباراته ونصوصه.
المنهج التاريخي: وهو منهج سوف يعقب استخدام منهج العرض والتحليل مباشرة وفيه سوف اعرض اراء من سبق انسلم وذلك للوقوف علي مدي التاثير من قبل سابقيه والتاثر من قبل انسلم، وعندي ان هذا المنهج هو الاصلح في التعامل مع اراء من سبقوا انسلم لانهم كانوا بمثابة اللبنة الاولي التي انطلق منها انسلم وخاصة كتابات اباء الكنيسة الاوائل حتي القرن الخامس.
المنهج المقارن: وهو المنهج الذي سوف استخدمه في تبيان اوجه الاتفاق والاختلاف في مذهب انسلم مع سابقيه، وان كان انسلم يقينا عبء المعاناه في هذه النقطه اذ يذكرها صراحة في كتاباته من ان المصدر الذي اعتمد عليه هو السلطات الكبري المتمثلة في نصوص العهد القديم والعهد الجديد ثم القديس اوغسطسن واباء الكنيسة من بعده.
منهج علم تاريخ الافكار: وهو المنهج الذي لجات فيه الي عرض بعض الاراء المتشابهة مع انسلم دون التقيد والتحقق من سند صحة الراي من عدمه، لان الغرض من استخدامي هذا المنهج هو التماس بعض مواطن الشبه بين كتابات انسلم وما قدمه فلاسفة اليونان الذين لم يطلع عليهم انسلم، وكذلك فلاسفة الاسلام الذين كانوا سابقين او معاصرين علي انسلم دون الجزم بيقين اطلاع انسلم او معرفته بما قدمه هؤلاء الفلاسفة والمتكلمين من ارض الاسلام، فهي محاولة مني لعرض سياق فكري من منطلق علم تاريخ الافكار.
المنهج النقدي: وهو المنهج الذي سوف اعول عليه في تقييم اراء انسلم من حيث اصالتها ومدي قدرته علي التوفيق بين المقدمات التي يثيرها في مذهبه ومدي اتساقها مع النتائج التي ينتهي اليها، وهذا المنهج اقرب الي الراي الشخصي في ما قدمه انسلم، وهو يعقب كلا من منهج العرض والتحليل والمنهج التاريخي والمنهج المقارن ومنهج علم تاريخ الافكار.
وفيما يخص المصادر والنصوص المستعان بها في هذا البحث، فقد لجات اولا في الاشارات الهامشية لنصوص الكتاب المقدس من العهد القديم الي الترجمة السبعينة التي تمت في القرن الثالث ق.م والتي كتبت باللغة اليونانية الهللينيستية، وهو ما تعارف عليه باسم ”الترجمة السبعينية”، وبالنسبة لنصوص العهد الجديد فقد استعنت بالنسخة المعتمدة باللغة اليونانية البيزنطية، في محاولة مني للوقوف علي لغة الكتاب المقدس دون وساطة الترجمات، وان كان كلا النسختين نتاج ترجمة من لغة اصلية الي لغة اخري، فعلي سبيل المثال الترجمة السبعينية نقلت من العبرية والارامية مباشرة، وفضلت الاعتماد علي تلك النسخة دون النسخة اللاتينية، لان الترجمة اللاتينية جاءت لاحقة علي النسخة اليونانية، اما نصوص العهد الجديد فقد استعنت بالنسخة اليونانية المكتوبة باليونانية البيزنطية، وهي اللغة التي كانت سائدة انذاك بعد فتوحات الاسكندر في الشرق، وكلا النسختين يحملان اللغة اليونانية المشتركة، وان كان هناك فوارق لغوية من حيث التركيب وربط الجمل والصيغ التعبيرية في كل منهما.
اما نصوص انسلم فقد لجات الي النص اللاتيني بمعاونة الترجمة الانجليزية، وقد اعتمدت في ذلك علي ترجمتين لانسلم، الاولي وهي تلك الواردة في اعمال انسلم الكاملة وساهم فيها مترجمون عديدون، وقد اشرف عليها بريان دافييز، والترجمة الثانية وهي اكثر دقة ومتانة من الترجمة الاولي وقد قام بها ياسبرز هوبكنز، اما نصوص انسلم اللاتينية فقد لجات الي النسخة المتاحة في تراث الاباء اللاتين ضمن سلسلة الاعمال الكاملة بمساعدة من الترجمة الانجليزية الثانية وذلك وفق تعليمات الاستاذ الدكتور جوزيف داميكورت الذي اشار علي منذ البداية بضرورة قراءة الترجمة الانجليزية اولا حتي يتم الوقوف علي اهم الافكار الرئيسة في كل مؤلف.
ووفق تعليمات الاستاذ الدكتور عصمت نصار اوردت النصوص المقتبسه من الكتاب المقدس بالاشارة الي مواضع ايات ونصوص العهد القديم والجديد اعتمادا علي النسخة اليونانية، باعتبارها الاقرب الي النص الاصلي للكتاب المقدس، وقد اوردتها في الهوامش لايضاح النص اليوناني الاول الذي ترجم بعد ذلك الي اللغة اللاتينية.
وفيما يخص اسماء الاعلام فقد اوردت الغالبية العظمي من اسماء الاعلام في القسم الاول من الفصل الاول باللغة اليونانية وذلك بحسب المصادر التي اطلعت عليها، اما باقي اسماء الاعلام في القسم الثاني من الفصل الاول فقد اوردتها باللغة اللاتينية حينا وبالانجليزية حينا اخري وبالفرنسية حينا ثالثة، وذلك بحسب المصدر المذكور فيه اسم العلم.
اما عن المصادر والمراجع فقد اثرت ان اذكر المصادر الخاصة بالرسالة دون حاجة الي ذكر تفاصيل المصدر كاملة في كل هامش، واوردتها تفصيلا في قائمة المصادر والمراجع في نهاية الرسالة.
وقد قمت بتقسيم الرسالة الي ستة فصول رئيسة كل فصل منها يناقش نقطة محورية في فكر انسلم، وجاءت الفصول علي النحو التالي:
1- الفصل الاول: انسلم وثقافة العصر
تناولت في هذا الفصل مقدمة تاريخية عن اتصال الفلسفة المسيحية بالفلسفة اليونانية بداية من القرن الاول الميلادي والمؤثرات الثقافية اليونانية التي ساهمت بشكل كبير في تشكيل هوية اللاهوت المسيحي في القرون الخمسة الاولي من المسيحية، وايضا اسهامات اباء الكنيسة الاوائل بداية من القرن الاول حتي القرن السادس حتي ظهور الفلسفة المدرسية في القرن التاسع علي يد يوحنا الاسكتلندي، ثم بعد ذلك الحياة الثقافية في القرن الحادي عشر واهم القضايا التي اثيرت علي مائدة المساجلات اللاهوتية والفلسفية واهمها الجدل حول القربان المقدس ومشكلة الكليات، ثم بعد ذلك حياة انسلم ومؤلفاته مع القاء الضوء علي كل عمل من اعماله علي حده.
2- الفصل الثاني: مشكلة الالوهية:
تناولت في هذا الفصل تصور انسلم للالوهية واثبات وجود الاله عنده وكذلك الصفات الالهية مع التركيز علي الدليل الوجودي الذي يثار ان انسلم قد اشتهر بهذا الدليل في تاريخ الفكر الفلسفي علي اعتبار انه اول من قدم هذا الدليل وعرضه في تلك الصيغة التي ظهرت في القرن الحادي عشر، ومن الدليل الوجودي تنتج ايضا مشكلة الاحمق التي عرضها انسلم للتدليل علي وجود الاله حتي لدي اولئك الذين ينكرون وجوده، ثم تناولت ايضا اهم المفاهيم الخاصة بمشكلة الالوهية كقضية الزمان والمكان والخلود والعدم وفكرة الاله الصانع وموضوع العدل الالهي، كذلك الجوهر الالهي وما يحويه من بساطة وتركيب لا يماثله فيها شيء اخر، ثم قضية بداية الكون والقبلي والبعدي بحسب ما يراه انسلم ومسالة الحضور الالهي، ثم انهيت هذا الفصل بعقد عدة مقارنات لتيارات فلسفية مختلفة تتخذ من فكرة الالوهية مركزا في تصوراتها الفلسفية.
3- الفصل الثالث: المشكلة الكريستولوجية:
تناولت في هذا الفصل قضية من اهم القضايا بل اهم قضية في الفلسفة المسيحية وهي اشكالية العلاقة بين الاب والابن والروح القدس في الثالوث الاقدس، عرضتها من منطلق تصور انسلم لها في ثوبها الجديد القائم علي استخدام الفلسفة والمنطق والجدل مع الخصوم من اجل ان يثبت انسلم صحة المعتقد الدين، وان كان انسلم في هذا الفصل لا يخرج عن تصورات من سبقوه في هذا المنحي من حيث تقسيم الالوهية بين الاب والابن والروح القدس، كذلك تناوله لفكرة الجوهر الالهي ومفهوم كل من الاله والاب والابن والروح القدس في تدرج زمني يغلب عليه المنهج الافلاطوني المحدث، مع الاستعانة بنصوص الكتاب المقدس واقوال الاباء القديسين.
4- الفصل الرابع: قضية العلاقة بين الفلسفة والدين
عرضت في هذا الفصل تصور انسلم للعلاقة بين العقل والوحي او بين الفلسفة والدين، وهو ما يعرف باسم العلاقة بين العلم العقلي والعلم الالهي، ويعتبر هذا الفصل من اكثر فصول الرسالة صعوبة بالنسبة لي لان انسلم نفسه لم يقدم عملا مستقلا يشرح فيه طبيعة العلاقة بين الوحي والعقل، انما يضعها في كتابات متعددة وفصول شتات بين ثنايا كتاباته المتنوعة بين المنطق واللاهوت والكتابات الدينية، وان كان اقرب هذه الكتابات لتلك القضية هو العمل الذي قدمه عن تجسد الكلمة محاججا فيه روسلان من كامبين لشرح طبيعة العلاقة بين الاقانيم الثلاثة في الثالوث الاقدس، ففي هذا العمل وان كان يحمل عنوانا لاهوتيا الا ان انسلم يشير فيه مرات كثيرة الي ان منهجه وحججه في تلك المشكلة سوف تعتد علي العقل وحده دون سند من الكتاب المقدس الا انه سرعان ما يتخلي عن مبداه هذا مفوضا الامر الي سلطة اللاهوت.
5- الفصل الخامس: الاخلاق الدينية
قمت في هذا الفصل بعرض تصور انسلم للاخلاق الدينية وهي الاخلاق المسيحية كما جاءت في التعاليم المسيحية، وتناولت في هذا الفصل مفاهيم الخطيئة الاصلية والسقوط والتجسد الالهي وفكرة الفداء التي ينتج عنها صلب الاله المتجسد وايضا فكرة التكفير عن الخطيئة الاصلية التي لا تم الا بموت الاله علي الصليب، وتناولت ايضا تصور انسلم لفكرة الخلاص والصعود وسداد الدين الازلي المستحق علي الجنس البشري فيما تصوره انسلم، وان كان انسلم في هذا الفصل لا يخرج عن التصور المسيحي لكافة القضايا الكبري في مذهب الايمان المسيحي.
6- الفصل السادس: الاخلاق الفلسفية
شرعت في هذا الفصل تبيان مفهوم حرية الارادة الانساينة وارتباطها بعلم الرب المسبق وايضا كيفية اتساق مفهوم حرية الارادة مع القدر الالهي وايضا مدي توافر حرية ارادة انسانية حقيقية في ظل العناية الالهية، وقد عرضت في هذا الفصل تصور انسلم ورؤيته لموضوع حرية الارادة الانسانية ومكانها في مذهبه اللاهوتي العقلي كما يراه هو، ثم ختمت هذا الفصل بعقد عدة مقارنات لتبيان اوجه الشبه والاختلاف بين انسلم وبعض الرؤي حول موضوع الارادة.
يعقب فصول الرسالة خاتمة تتضمن اهم النتائج التي انتهيت اليها من موضع اللاهوت العقلي عند القديس انسلم، وتعتبر الخاتمة هي نتاج معرفتي وتقييمي لاراء انسلم من وجهة نظري الشخصية، ولا اجزم باني في هذه الخاتمة اكون قد قدمت فصل المقال في كتابات انسلم او ان ما اقوله هو نهاية المطاف لما يجب ان تكون عليه دراسة نصوص انسلم، فقط هي محاولة مني للكشف عن حقيقة منهجه اللاهوتي العقلي من وجهة نظري الخاصة دون الزام لاحد او تثبيت لمبدا عام علي شخصية لها مكانتها اللاهوتية وثقلها الديني الذي يخدم به العقيدة.
وفي نهاية الرسالة اوردت قائمة باهم المصادر والمراجع والابحاث التي استعنت بها في رسالتي هذه، وقد اثرت تقسيمها بحسب اللغة وليس بحسب المصدر والمرجع، بحيث تشمل القائمة العربية المصادر اولا ثم تليها المراجع ثانيا، ونفس الامر ينطبق علي كافة المصادر والمراجع باللغات الاخري، حيث كان تقسيمي للقائمة علي اساس لغوي تحوي فيه كل قائمة مصادرها ومراجعها كل في لغته علي حده، ويعقب المصادر والمراجع فهرس بموضوعات الرسالة قمت بتقسيمه بحسب الفصول وما يحويه كل فصل علي حده.