الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص عـرف الإنسان التحكـيم منذ الـقـدم، وحتى قبل ظهور الدولة نفـسها كـوسيـلـة للفصل فى المنازعـات التى تـنـشأ بين الأفــراد، ولـم يأفـل نجــم هذا النظام بل ازداد وازدهـر يوماً بعد يـوم، وأصبــح ظاهـــرة من ظواهر العصر الحديث، الذى يـتـسم بتـشابك العلاقـات والمصالـح، وتـزايـد المبادلات والمعامـلات التجـاريـة على المستويـين الداخلى والخارجى، فأولته معظم التشريعات أهـمية بالغة، وأبـرمـت بشأنه العـديــد من الاتفاقيات الدولية، وأنشئت له مراكز تحكيم متخصصة، على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وإذا كان التحكيم نظاماً قانونياً، عرفته معظم التـشريعات القـديمة والحـديثة، فإن هــذا النــظام قد تطـور، واتسع نطاقه، ليشـمل مجـالات كانت بالأمـس القــريب بعـيـدة عـنه، كما هـو الحال فى المنازعات الناشـئة عن العقـود الإدارية، التى تكون الإدارة طرفاً فيها، بوصفها سلطة عامة، وتتصل بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه، وتتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية، وهو انتهاج أسلوب القانون العام من خلال تضمينه شروطاً استثنائية غير مألوفة فى العقود المدنية تجعل للإدارة مركزاً مميزاً عن مركز الطرف الآخر المتعاقد معها، فتلك العقود لم يكن متصوراًأن تقبل الدولة حسم المنازعات الناشئة عنها بواسطة التحكيم بدلاً من إخضاعها لجهة القضـاء، نظراً لأن ذلك يعنى تنازلها عن الامتيازات التى تتمتع بها فى مواجهة غيرها، ومثولها على قدم المساواة معه أمام هيئة التحكيم. ولقد أصبح التحكيم يلعب دوراً هاماً وحيوياً فى حسم المنازعات الناشئة عن العقود الإداريــــة، سواءً على الصعيد المحلى، أو الصعيد الدولى، فيتم اللجوء إليه من قبل المؤسسات والأفراد، نظراً لما يتميز به من مميزات عديدة، أبرزها: السرعة فى حسم النزاع، والمرونة والبساطة فى الإجراءات، وحرية الأطراف فى اختيار المحكمين والقواعد القانونية التى تطبق على النزاع، وأيضاً، لضمان سرية النزاع، فضلاً عن تفادى مشكلة بطء إجراءات التقاضى فى ظل التـزايد الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم، لذلك نجد أن أطراف النزاع قد وجدوا ضالتهم فى محكمين يمكنهم الاتفاق على تسميتهم للفصل فيما يثور بينهم من منازعات. |