![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقد تأثرت القضية الليبية عبر مساراتها التاريخية الحديثة بما يجري في مصر من أحداث محلية ودولية شغلت خاصية متميزة لحركة التحرر الوطني في ليبيا، فعندما كانت حركة المقاومة والجهاد تخوض القتال وتكتب تاريخ استقلالها بدماء أبطالها في أشرس حرب شعبية كانت تسكن فيها قوتها وصمودها عبر حدودها مع مصر سلاحا ومؤنًا وعتادًا، وعندما ضيق الفاشيون بعتادهم وأسلحتهم الخناق عليها وأرادت التقاط أنفاسها كانت مصر هي ساحة المعزل السياسي لأشهر قضية شعب يطلب استقلاله، وحق تقرير مصيره في هيئة الأمم المتحدة ويري المتتبع لأدوار هذه القضية في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومنذ أن انتقلت إلى المحافل الدولية أن قضية هذا القطر قد أصحبت مظهرًا من مظاهر تكتل الدول الغربية ورغبتها في السيطرة علي النقط الإستراتيجية في الشرق الأوسط واستعمالها لأغراضها الحربية، وقد أصبحت في نفس الوقت مظهرًا من مظاهر النزاع بين هذه الدول نفسها يريد كل منها أن يستأثر فيها بالنفوذ أو يكون له من ذلك نصيب، فبريطانيا تسعى لتكريس وإدامة سيطرتها على برقة وإيطاليا ترنو إلى طرابلس، وفرنسا قد وضعت يدها على فزان، ورفعت أمريكا من وراء هذه الدول جميعها تؤكد حاجتها إلى القواعد الإستراتيجية ، وتأمين مصالحها البترولية خاصة. كما نرى أن مصر كان لها موقفًا مختلفًا من القضية الليبية حيث اختلفت مراحل هذا الموقف من مرحلة إلى أخرى بسبب وطأة الاستعمار البريطاني الجاثم على صدرها، والذي كان يحابي ايطاليا على حساب الشعب الليبي حيث نلاحظ أن الفترة الممتدة من عام ١٩٤٥ كانت سياسة مصر تجاه القضية الليبية تقوم على الاستجابة لتحقيق الخير من المطالب الايطالية بالرغم من تعارض هذه المطالب مع المبادئ المصرية ونبض الشارع المصري، ولكن بالرغم من ذلك فإن السياسة المصرية في ذات الفترة كانت لها أحيانا مواقف سياسية رافضة للسياسة الايطالية تجاه الشعب الليبي في داخل ليبيا، والمهاجرين الليبيين في داخل مصر حيث عملت السياسة المصرية على الحد من الدعايا الإيطالية الواسعة في الصحراء الغربية لجذب المحاضرين الليبيين إليه كما لعبت السياسة المصرية دروًا هامًا في دعم جهود الليبيين في سبيل تخليص وطنهم من الاستعمار الإيطالي حيث قدمت أبنائها لتدريب الليبيين على فنون الحرب والقتال، كما فتحت أراضيها لإقامة المعسكرات لليبيين، كما أنها بذلت جهودها في العمل على كسب الليبيين إليها من خلال فتح أبواب الأزهر الشريف لهم وتسهيل إجراءات وصولهم إلى مصر للدراسة بالأزهر الشريف، وكان لتقرير القنصل المصري بني غازي في يناير ١٩٣٩ خير مثال على أحساس مصر بالدور المنوط بها، ومع طرد القوات الإيطالية من ليبيا في فبراير ١٩٤٣ وقيام الإدارتين البريطانية والفرنسية في ليبيا وقفت مصر إلى جانب الليبيين، وقدمت دعمها لهم خاصة في المجال الثقافي والتعليمي ولعل ظهور جمعية عمر المختار ونادى طرابلس الغرب الثقافي واللجنة الطرابلسية من قبل الشباب المثقف الذي تلقى تعليمه في مصر، وتأثر بآراء التحرر العربي، وشاهد تأسيس الجامعة العربية لاحقًا خير دليل على ذلك. وعلى إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية ١٩٤٥ وقيام جامعة الدول العربية أخذت السياسة المصرية في التحرر تدريجيًا من قيود السياسة البريطانية ثم كان بروز الدور المصري بشكل أكبر في الاطلاع بمسئولياته تجاه قضايا الاستقلال العربي فمع بدء عقد جلسات مؤتمرات ما بعد الحرب جاءت مشاركة مصر في كافة هذه المؤتمرات سواء كانت مشاركتها مشاركة فعالة بحضور وفد لها للمطالبة باستقلال ليبيا ووحدتها،أو بإرسال المذكرات التي تعبر عن وجهة النظر المصرية فقد كانت مشاركة مصر في مؤتمر لندن سبتمبر ١٩٤٥ من خلال مذكراتها إلى وزراء خارجية الدول الكبرى كما كانت مشاركتها في مؤتمر باريس ١٩٤٥ ، ومؤتمر نواب وزراء الخارجية بلندن في نوفمبر ١٩٤٧ ، وكانت هذه المشاركة تجد الدعم والتأييد من قبل صفوف الشعب الليبي والسياسة الليبين، كما كان لهذه المشاركة أثرها في التعبير عن المطالب الحقيقية للشعب الليبي. وعلى إثر الاستعدادت لإرسال لجنة التحقيق الرباعية إلى ليبيا قامت مصر بتقديم كافة وسائل العون والدعم المادي والمعنوي لهيئة تحرير ليبيا من أجل إتمام أعملها داخل ليبيا وذلك لتوحيد كلمة الليبيين وإظهارهم بمظهر الوحدة أمام لجنة التحقيق والتي قدمت إلى ليبيا بالفعل في مارس ١٩٤٨ وعلي أيه حال فأنه بانتهاء عمل لجنة التحقيق الرباعية، ومناقشة القضية الليبية وانتقالها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في ١٥ سبتمبر. |