Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الآيات المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن :
المؤلف
الجربي، خيرية محمد حسين.
هيئة الاعداد
باحث / خيرية محمد حسين الجربي
مشرف / محمد عبد الرحيم محمد
الموضوع
القرآن - سور وآيات.
تاريخ النشر
2013.
عدد الصفحات
694 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الدراسات الدينية
تاريخ الإجازة
1/1/2013
مكان الإجازة
جامعة المنيا - كلية دار العلوم - الشريعة الإسلامية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 728

from 728

المستخلص

نود أن نسجل للقارئ الكريم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، والتي أهمها:-
1- رسول الله عليه الصلاة والسلام هو أعظم شخصية في تاريخ البشرية قاطبة، وهو أحب عباد الله إليه، وقد هيأه الله لأعظم المناصب وأعلى المقامات ألا وهو النبوة والرسالة، فجمَّل خَلْقَه وخُلُقَه، وتعهده من طفولته إلى وفاته، بل إن تعهده إياه كان قبل مولود بكثير، فقد تخيره من أشرف بيت وأطهر نسل، وهذا ليس محض صدفة إنما هو قضاء قضاه الله وقدره.
2- أول ما أمر به الرسول صلى الله عله وسلم القراءة في قوله تعالى: ”إقرأ” وفي هذا دليل على أهمية القراءة والكتابة، مفتاح العلم والمعرفة، ولا شك أن أعلى المعارف وأشرف العلوم العلم بالله تعالى، فالله لا يعبد إلا بالعلم ، بالعلم به أولاً، والعلم بكتبه التي أنزلها ورسله وملائكته واليوم الآخر والإيمان بكل هؤلاء ، والعلم بما افترضه على عباده، وبما أحله لهم وبما حرمه عليهم، وبكيفية عبادته والتقرب إليه بنوافل الخير، وهذا هو الدور الكبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولورثته من العلماء.
فما أعظم قوله تعالى ”إقرأ”! إنها قانون سماوي، حرىّ بنا أن نتخذه شعاراً، لا للتنميق والشهرة وإنما تطبيق وعمل، بالتشجيع على القراءة والبحث ولجميع شرائح المجتمع.
والغريب ما نراه من عداء مستحكم بين العرب والكتاب، الكل يفكر في المأكل والمشرب والمسكن، ويدفع في ذلك الأموال الطائلة، ولكن حين يعرض له كتاب يعيد التفكير عشرات المرات قبل أن يشتريه، وقد لا يفكر أبداً في شرائه، فنحن – وللأسف – أمة إقرأ ولكن لا نقرأ !!
ومع انتشار القنوات الفضائية، وأجهزة الهاتف الجوال، وشبكات الانترنت ومواقعها المتعددة ، ازداد الأمر سوءاً، وازداد النفور من الكتاب، ومما يؤسف له أن هذه التقنية الحديثة أصبحت وسيلة للتسلية واللعب والمراسلات وقتل الوقت أثمن ما يمتلكه الإنسان
دقات قلب المرء قائله له
إن الحياة دقائق وثوانٍ
3- تجسدت في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمى صفات المعلم والمربي، ولنا فيه الإسوة الحسنة.
وقد يكون من أسباب فشل التعليم في كثير من الدول العربية هو جهل المعلم بدوره الكبير في كيفية التعامل مع المراحل العمرية المختلفة لطلابه، وعدم صبره، وضيقه في معظم الأحيان، فالتعليم رسالة سامية لا يقوى على حملها إلا من تحلى بالصبر ورحابة الصدر والتواضع، والتعامل مع التلاميذ بمحبة تخالطها الهيبة والوقار وخشية الله في هذه الأمانة الكبرى.
4- إن التغير الذي ننشده والاصلاح الذي نريده في المجتمع بحاجة إلى دعاة ومعلمين ومصلحين يتحلون بالصبر الجميل والصدر الرحب والاستعانة بالله تعالى، فالتغيير أمر صعب، تغيير الجوهر وما فيه من مفاهيم خاطئة، لا تغيير الأشكال والألوان، فهذا التغيير لا يتحقق ولا يتم إلا إذا كان نابعاً من داخل الإنسان، من رغبته الحقيقية في التغيير، فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والمرحلة الأولى من مراحل التغيير هي الإحساس بوجود الخطأ، ومتى أدرك الإنسان بأنه على غير الصواب فكر في تصحيح مساره، تليها مرحلة العون والإرشاد والمدد الخارجي وإصلاح المحيط الاجتماعي وهذا هو دور المربين والمعلمين والدعاة، رسالة شاقة، وهذه هي رسالة رسل الله إلى البشر، تصحيح العقيدة والمفاهيم والعادات والتقاليد، تصحيح منهج الحياة بنور إلهي والسير على خطوط مستقيمة، لا التواء ولا إعوجاج فيها، فالحق طريقه واحد ويؤدي إلى غاية واحدة وهي السلامة في الدنيا والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة.
وفي هذا الخضم الهائل من مؤثرات خارجية وغزو فكري كبير، تصبح مهمة العلماء والدعاة والمربين شاقة، ولكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، المثل الأعلى، بصبره ومكابدته، وصدقه، وإخلاصه، واستعانته بالله، فكان له نعم العون، آزره وعصمه من الناس، حتى تحقق له النصر المبين الذي وعده، ودانت له العرب، فمتى صدقت العزيمة ، وكان العمل الخالص لله تعالى هو المحرك للدعاة والمصلحين والمربين، كانت العاقبة هي النجاح المؤكد فيما ينشدونه من إصلاح في السلوك وتغير في المفاهيم الخاطئة وزيادة الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله.
5- قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم – المثل الأعلى للإنسانية في كل شيء، في معاملاته وعباداته ، فهو أعلمنا بالله وهو أشدنا له خشية، صلى حتى تفطرت قدماه، كان عبداً شكوراً، يذكر ربه كلما تغير به الحال، كان يستغفره في المجلس الواحد سبعين مرة، يدعو ربه بأرقى الأساليب، أوتى صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم واختصر لديه الكلام اختصاراً، كان دعاؤه موجزا، محكماً، وكذا كان إرشاده وتعليمه المؤمنين شؤون دينهم، عبارات مختصرة، محكمة، يكررها ثلاثاً حتى ترسخ في أذهان السامعين.
6- أحاط الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم بعناية بالغة، اتخذت أنماطاً وصوراً شتى، فكان الله يسليه بذكر أخبار الرسل السابقين، مذكراً له بأن العاقبة والنصر دوماً للمتقين الصابرين، وكان في كثير من الأحيان يمده بالحجج والبراهين للردّ على المشركين، وتارة أخرى يزوده بالمعجزات الحسية كالإسراء والمعراج، وانشقاق القمر، وأحياناً كان يروح عنه بزف البشائر والوعد بالفتح والنصر المبين، وما ينتظره من فضل وتكريم في الآخرة ، فالله كريم والرسول (صلوات الله وسلامه عليه) كريم على ربه، فقد رفع ذكره في الدنيا، وهو سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد خصه الله تعالى ، بالنبوة والقرآن العظيم، وبالمقام المحمود، وبالوسيلة والكوثر، وكلها نعم جليلة من فضله تعالى على خاتم الأنبياء والمرسلين.
7- ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو النموذج للرجل الكامل، خلقاً وخلقاً وبهاء وقوة في الشخصية مع الرحمة والرقة في التعامل، وهو المثل الفريد الذي لن يتكرر بين الرجال، أدبه ربه فأحسن تأديبه وقال عنه الحق تبارك وتعالى:  وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ  هو بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويتزوج النساء.
8- تزوج عليه الصلاة والسلام السيدة الفاضلة ”خديجة بنت خويلد” كانت المرأة الأولى في حياته، أحبها وأحسن إليها، ولم يتزوج غيرها في حياتها، كانت أول من آمن به، وكانت نعم السند، أزرته وملأت نفسه بالثقة عند بدء نزول الوحي، وضعت مالها بين يديه، كان وفياً لذكراها يكرم صويحباتها وقريباتها، كان عليه الصلاة والسلام الزوج الحنون الوفي، وليس بالرجل المجرد من المشاعر.
9- جمع في عصمته تسع نسوة، ولم يتخيرهن من الفتيات الصغيرات الأبكار، بل كن أغلبهن مطلقات وأرامل، ومنهن من تزوجها بامر الله تعالى لحكمة تجلت، فلم يكن صلوات الله وسلامه عليه بالرجل الشهواني الذي يلهث وراء الجمال ويبحث دائماً عن امرأة جديدة، لكن هذا لا يعني أن رسول الله سيء الذوق، فحب الجمال فطرة في الإنسان وكان عليه الصلاة والسلام على الفطرة، لقد وهبه الله زوجات على قدر من الملاحة والجمال، وقد ردّ إحدى زوجاته عندما وجد بها بياضاً.
10- وأزواجه رضي الله عنهن فضلهن الله على غيرهن من النساء، وخاطبهن بقوله:  يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ  ولكن بشرط التقوى:  إِنِ اتَّقَيْتُنَّ وفي ذلك دليل قوي على أن المفاضلة بين البشر إنما هي باختلاف درجات التقوى بينهم، فالله لا ينظر إلى صورنا وأجسادنا ولكن ينظر إلى قلوبنا موطن الإيمان والتقوى.
كما تشير هذه الآية إلى نقطة غاية في الأهمية، ففي ربطه تعالى بين التقوى وبين فضل نساء النبي على نساء العالمين، دليل على أنه لا يغني أحد عن أحد شيئاً، فكل إنسان وعمله في هذه الدنيا، ولن يجني إلا ما زرعت يداه.
11- وهؤلاء النسوة اللاتي عاشرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم هن من خصوصياته، فقد خصه الله وخصهن بأحكام مميزة، كتخصيصهن بالحجاب المشدَّد، وحرمتهن بعده، وفي هذا تكريم وتوقير للنبي صلى الله عليه وسلم ولهن، فلا يليق بمن كانت زوجة لحبيب الله وخاتم أنبيائه ورسله وأفضل خلقه أن تكون بعده لرجل من عامة الرجال كائناً من كان، ومن هو هذا الرجل الذي يستحق أن يحل محله! لا أحد بالطبع! وهذا تكريم أيما تكريم!
12- والملاحظ انه صلوات الله وسلامه عليه مرت به في حياته الزوجية بعض المشكلات والتي اشتدت في بعض الأحيان حتى اعتزل نساءه شهراً، وطلق إحداهن ذات مرة، وانتظر أمر الله في أخرى، وهذا زيادة في الابتلاء لرفع درجته عليه الصلاة والسلام، فهو مع حمل الرسالة زوج له مشاكله الخاصة وله زوجات قد يختلف معهن بين الحين والآخر، وهذا يدلنا على أن الخلافات الزوجية أمر طبيعي بين الأزواج، ولا يقدح في تقوى الزوجين حدوث الخلاف وظهور بعض المشكلات، لكن الذي يستدعي اللوم والعتاب وربما يقدح في التقوى ، هو كيفية معالجة هذه المشكلات، فمتى اتقى الطرفان كلاهما الله في الآخر، وقاما بتحكيم شرعه، والاستعانة إن لزم الأمر بمشورة أهل العلم والتقوى والحكمة كان لكل مشكلة حلها، فالقرآن والسنة بهما جميع الحلول ولكل المشكلات، ولكل سؤال جواب، ولنا في السيرة العطرة ومواقفه عليه الصلاة والسلام مع أزواجه وحسن معاملته لهن المثل الرائع.
13- وفي قصة الإفك التي ابتليت بها السيدة عائشة ورسول الله والمؤمنين عبرة لمن يعتبر، فالمسلم مهما أوتى من فضل وعفة وحسن خلق قد يبتليه الله بمثل هذا الابتلاء لحكمة لا يعلمها، فعلينا أن نرحم غيرنا، ولا نحكم بظواهر الأمور، وأن نلتمس الأعذار للآخرين، وأن نتثبت من الحقائق وألا نسيء الظن بإخواننا المسلمين، وأن نستعين بأهل الفضل والتقوى والحكمة عند ظهور الخلافات إن لزم الأمر، وأن نحذر المنافقين والذين لا يخلو منهم زمن من الأزمان ، تتغير ألوانهم وأسماؤهم ، لكن سيماهم واحدة، قلوبهم مترددة ، خاوية ، جبلت على النفاق والزيف، وهؤلاء المنافقين أشد خطراً من العدو الظاهر، لأن العدو الظاهر نحذره ونتقيه، أما هم فيندسون بيننا، يتسمعون أخبارنا، ويكيدون لنا في الخفاء، ومتى أخلصنا قلوبنا لله تعالى، خلصنا من شرورهم، وردّ كيدهم في نحرهم.
14- وكانت علاقته صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين علاقة ولي الأمر الذي يتقي الله في رعيته، وعلاقة الأب الرحيم بأبنائه، وعلاقة الابن البار بوالديه، كان نعم الصاحب ونعم الجار، ونعم الناصح الأمين الرفيق عند النصيحة، فكان المؤمنون يحبونه ويوقرونه، وكذلك يهابونه، وقد بين القرآن الكريم حدود العلاقة بينه وبينهم، ورسم لها خطوطاً واضحة وضوابط محدودة، وأكد على وجوب الإيمان به وطاعته، وبين في مواضع كثيرة ثمرات هذه الطاعة في الدنيا والآخرة، وفي هذا دليل على أن اتباع السنة أمر لازم من لوازم الإيمان وشرط من شروط تمام الإسلام، فالسنة مكملة وشارحة ومفصلة للقرآن الكريم، لا كما يتشدق به بعض الذين يدعون إلى الالتزام بكتاب الله فقط باعتباره المصدر الوحيد من مصادر التشريع.
وأشاد القرآن الكريم بأصحابه (رضوان الله عليهم) وهم خير القرون، صورهم تصويراً رائعاً ، فهم كالزرع الذي ينمو ويزدهر ويزدان ويثمر، ويزداد كل يوم ثباتاً في الأرض.
15- وقد أدب الله المؤمنين ببعض الآداب الخاصة عند تعاملهم مع رسول الله، كعدم ندائه باسمه المجرد ، ونهيهم عن رفع أصواتهم فوق صوته، وتقديم الصدقة عند مناجاته، وعدم إحراجه بالأسئلة، وغيرها من الآداب وفي هذا دليل على علو مقامه ورتبته ومنزلته عند ربه.
ولنا في هذا العبرة والموعظة، فالمعلم والعالم يجب أن يوقرا توقيراً بعيداً عن الغلو، لأنه متى ذهبت هيبتهما في المجتمع كان هذا إشعاراً ببداية التفكك والانحلال، كما انه لو ضاعت هيبة الأب في الأسرة كان ذلك إيذاناً بتمرد ابنائها وتفككها وبالتالي انهيار المجتمع.
فعلى قوانين التربية والتعليم أن تحفظ حق المعلم، وأن تشدد في عقوبة من يتمرد على معلميه وأساتذته في المدرسة أو الجامعة، حتى تكون للمعلم أينما كان المكانة السامية والتوقير والهيبة.
16- القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة والكبرى لرسول الإسلام – صلوات الله وسلامه عليه – وهو المعجزة الكبرى كذلك في تاريخ الرسالات السماوية، فهو الرسالة الكاملة، حجة الله على خلقه، منهج صالح لكل زمان ومكان، قيم ثابتة، منهج يتطور بتطور الحياة، قد تتغير فيه بعض الأحكام الفرعية لكن الجوهر ثابت لا يتغير وأصوله واحدة ثابتة لا تقبل التبديل.
ومع أن القرآن هو المعجزة الخالدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يعني هذا عدم ظهور معجزات أخرى ثانوية على يديه، بل إنه ما من معجزة أوتيها رسول قبله إلا آتاه الله مثلها وزيادة.