Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تصورات النخبة المثقفة لبعض قضايا العولمة
في المملكة العربية السعودية /
الناشر
دلال محمد إبراهيم السقاف،
المؤلف
السقاف، دلال محمد إبراهيم.
الموضوع
العولمة السعودية الثقافة السعودية
تاريخ النشر
2008 .
عدد الصفحات
203 ص. :
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 226

from 226

المستخلص

لا شك أن العالم يعيش مرحلة جديدة لم يعرفها من قبل،كالتطور فى تقنيات الاتصال وفى توحيد الأسواق وفى علاقات الدول السياسية والاقتصادية بعضها مع بعض، ولا شك أن الولايات المتحدة بعد التحولات العالمية المعروفة هى اليوم القوة الرئيسية المهيمنة على هذه المرحلة وعلى العولمة أيضاً. وبالرغم من ذلك فإن موجه العولمة، وحركة دمج العالم أقتصادياً، وثقافياً، وربما سياسياً، أخذت تزحف بقوة إلى كل المجتمعات، وتربط كل زاوية من زويا العالم القريبة والبعيدة ، وتتغلغل فى كافة الاقتصاديات و الثقافات، وتسعى ثقافة السوق الحر فى ظل العولمة إلى تحويل الاستهلاك إلى ( ديانة عالمية )، من حيث إحداث تغييرا فى الجوانب العقائدية والتاريخية والثقافية والاجتماعية للشعوب؛ وذلك بما يتناسب مع حاجة الاقتصاد الرأسمالى، و التكيف مع آليات العولمة، وتحويل العلاقة بين الثقافات من علاقة تبادلية إلى علاقات سيطرة، واعتماد بنيوى فى إنتاج القيم، والمعانى، والأفكار، التى تحتاجها المجتمعات ، ومن ثم تفريغها من مضمونها الذى يحدد خصوصيتها وهويتها القومية، و عجزها عن حل ومواجهة مشاكلها .
والمجتمع السعودى ليس بمنأى عن هذه التحولات وما ترتب عليها من انفتاح على العالم الخارجى؛ حيث سمحت لها ظروف التنمية ومتطلباتها الاتصال والانفتاح على المجتمعات الأخرى، وزيادة الطلب على العمالة الأجنبية من قوميات وجماعات تتسم بخصائص ثقافية متباينة قوميا ودينيا، ولقد شكلت هذه العمالة متغيراً رئيسا فى عمليات الامتزاج والاتصال الثقافى، أو التثاقف Acculturation مع أفراد المجتمع السعودى؛ لقد تأثرت الثقافة المحلية بالثقافات المتاخمة، لاسيما الثقافة الهندية، والباكستانية، والإيرانية، وغيرها من الثقافات الغربية، والتى ساعدت على تذويب اللغة العربية – كرافد أساسى للثقافة – فى هجين لغوى، تعكسها ركاكة اللغة فى التعاملات اليومية ( وصفي: 1990:53-59 ). وتعد السياحة الوافدة والخارجية أحد المجالات المساهمة فى الارتباط بالعالم الخارجى وعولمة العالم، وقد شكلت تحدياً على مستوى التغيير الثقافى، وما يصاحبه من انعكاسات سلبية، لاسيما على الشخصية الشابة .
كما توضح الملاحظات الميدانية المباشرة، انتشار عدد من النشاطات فى مجالات مختلفة تدعم عملية التغير الثقافى، والتأثير على القيم وخصوصية الهوية الثقافية والدينية فى مجتمعاتنا، والتي تدعمها نشاطات بعض المحلات بالمراكز التجارية الكبرى، وبعض الأعمال الأخرى كظاهرة النوادى الصحية وما يصاحبها من ممارسات سلوكية للبعض من العاملين بها من الجاليات الأخرى، تلك الممارسات التى تختلف عن السلوك الجمعى للمجتمع المحلى، ومجاراة البعض من المواطنين لهذه السلوكيات وطلب الخدمة منهم، ولا شك أن هذه النشاطات تؤدي إلى إبعاد المواطن عن معاييره العامة، والانسلاخ عن أسرته أوقات كبيرة، وعقد علاقات وتفاعلات مع الآخرين بعيدا عن الأسرة والجيرة والقبيلة، ومن ثم زعزعة الكيانات الأسرية القبلية. كما تكشف الملاحظات المباشرة للسلوكيات الاجتماعية عن انتشار السلوكيات المضادة للقواعد والأعراف العامة، والتي تمثل تهديدا صريحا للاستقرار الأمنى والاجتماعى للمجتمع العربي والسعودي.
وانطلاقا مما سبق، برزت أهمية الدراسة الحالية فى محاولة الوقوف على تصورات النخبة المثقفة بالمجتمع السعودي لبعض القضايا التي طرحتها فترة العولمة وانعكاساتها على مجتمعاتنا المحلية. وقد تحددت مشكلة الدراسة فى التساؤل الرئيسي التالي ” ما تصورات المثقفين السعوديين للقضايا والمشكلات المترتبة على ظاهرة العولمة فى المجتمع السعودى؟”
ثانيا: تتحدد أهداف الدراسة في النقاط التالية:
1- الكشف عن تصورات المثقفين السعوديين لقضية عالمية الفكر والثقافة في ظل العولمة.
2- الوقوف على آراء وانطباعات المثقفين السعوديين حول التأثيرات المترتبة على قضية الهوية الثقافية، وخصوصية الثقافات المحلية في ظل العولمة.
3- التعرف على موقف المثقفين السعوديين من قضية التكامل العربى، والعلاقات العربية- العربية في ظل العولمة.
4- التعرف على تصورات المثقفين حول العلاقة بين العولمة والجريمة.
ثالثا: الإجراءات المنهجية للدراسة الميدانية :
ولتحقيق هذه الأهداف، اعتمدت الباحثة على مجموعة من الإجراءات المنهجية، حيث اعتمدت الأسلوب الوصفى التحليلي فى بحث ودراسة الظاهرة، باعتباره أنسب الأساليب المنهجية في دراسة ظاهرة التثاقف والتأثيرات الثقافية؛ مستخدمة التحليل الاجتماعى والثقافى لرصد تصورات ومواقف ووجهات نظر المثقفين السعوديين حول التأثيرات المترتبة على انتشار ظاهرة العولمة.
اعتمدت الدراسة على مصدرين أساسيين في الحصول على البيانات والحقائق اللازمة لتحقيق الأهداف؛ الأول: المصدر البشري، تمثل في جموع المثقفين السعوديين والمقيمين بالمملكة العربية السعودية، والذين يمارسون النقد الثقافي من خلال التأليف والكتابة في مختلف وسائل النشر (صحافة – إذاعة – تليفزيون )، وغيرهم من أصحاب الرأي والفكر كأساتذة الجامعات والشعراء والفنانين ومن في حكمهم ( أصحاب القلم والرأي )، ويمثل هؤلاء الأفراد مجتمع البحث الذى تم اخذ العينة العمدية منه . أما المصدر الثاني: المصدر الوثاقي ( رمزي )، تمثل في بعض النصوص المكتوبة والمتاحة والمتداولة بين الجمهور العام، والتي تم نشرها بالصحف والمجلات داخل المملكة العربية السعودية والتي تحمل مضمونا فكريا يعبر عن رأي أصحابها، ويؤثر في الرأي العام بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالإضافة إلى الكتب والمراجع العربية والأجنبية المتعلقة بالظاهرة محل الدراسة. وبالنسبة لمجتمع البحث: اقتصرت الدراسة الميدانية على مدن جدة، والرياض، والمدينة المنورة. وقد ارتكزت عينة الدراسة الميدانية على أسلوب العينة العمدية ( غير الاحتمالية ) فى اختيار المفردات، مستخدمة طريقة كرة الثلج في اختيار المفردات . إستخدمت الباحثة أداة الاستبيان لجمع البيانات من الواقع ، حيث تم تصميم صحيفة استبيان تضمنت خمسة محاور تغطي أهداف الدراسة, حيث تم استخدام تحليل بعض النصوص والمقارنات الثقافية والفكرية المنشورة من قبل البعض من المثقفين والذين تم اختيارهم ضمن مفردات العينة ، وذلك بهدف الكشف عن بعض المواقف والتصورات الخاصة بأصحاب تلك المقالات والنصوص تجاه بعض القضايا التي تطرحها العولمة وتأثيراتها الاجتماعية. وقد قامت الباحثة بتصميم أدوات البحث، وإجراء عمليات التحكيم لها من صدق وثبات .
رابعا: خطة الدراسة الميدانية وتحليل البيانات:
بعد تحديد أهداف الدراسة، ووضع المخطط المنهجى لها، وإعداد أدوات جمع المعلومات، بدأت الباحثة في التخطيط لإجراء العمل الميداني، وجمع البيانات والحقائق والمشاهدات الامبيريقية. وقد تم تنفيذ الدراسة الميدانية على فترتين زمنيتين، حيث تم تطبيق المرحلة الأولى في مدينة جدة والمناطق التابعة لها خلال الفترة من نوفمبر 2004 وحتى مارس 2005، أما بخصوص تحليل البيانات: اعتمدت الباحثة على الحاسوب مستخدمة المنظومة الإحصائية SPSS في تفريغ البيانات وتصنيفها وتجميعها، وتحليلها إحصائيا، معتمدة على أساليب التحليل الكمى.
وقد احتوت الدراسة على ستة فصول، اختص الفصل الأول بعرض موضوع الدراسة وأهميتها وأهدافها، بالإضافة إلى استعراض التراث السابق حول دراسة المثقفين. أما الفصل الثاني فقد عرضت في الباحثة للتأصيل النظري للمفاهيم، حيث استعرضت الباحثة مفهوم المثقف، ومفهوم الانتلجنسيا، ومفهوم العولمة وأنماطها. أما الفصل الثالث فقد تناولت فيه الباحثة المداخل النظرية المعاصرة في دراسة وتحليل المثقفين على مستوى التراث العالمي والعربي والدور الاجتماعي للمثقف. أما الفصل الرابع فقد استعرضت فيه الباحثة الإجراءات المنهجية للدراسة الميدانية , كما خصص الفصل الخامس لعرض وتحليل نتائج الدراسة الميدانية؛ أما الفصل السادس فقد تم فيه عرض استخلاصات الدراسة والتوصيات المقترحة لمواجهة آثار العولمة وأخطارها على الأمة العربية، والخصوصية الثقافية.
أما عن الصعوبات التي واجهت الباحثة فقد تنوعت, منها ما يتعلق بصعوبات تحديد العينة واختيارها، حيث صعب وضع تحديد دقيق للمثقف، ومن ثم كان من الصعب الاعتماد على محك لاستبعاد البعض أو قبول البعض، كما واجهت الباحثة صعوبات حادة في تطبيق الدراسة الميدانية، نظرا للمسافات البعيدة التي توجد بين مناطق الدراسة من ناحية، وعدم استلام ردود من بعض المفردات من ناحية ثانية، وصعوبات خاصة بتجاوب بعض المبحوثين مع الباحثة؛ إضافة إلى صعوبات خاصة بتحليل بعض تعليقات المبحوثين على بعض المتغيرات.
خامسا: أهم نتائج الدراسة الميدانية و التوصيات :
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج هامة، وأجابت عن التساؤلات المطروحة. وانتهت إلى طرح مجموعة من المقترحات منها:-
1: من الضروري الالتفاف حول كل ما هو وطني والدفاع عنه، والتصدي لكل ما يمس وطننا العربي فكرياً وعقائدياً، وعروبياً، وجغرافياً، وتاريخياً، واقتصادياً.
2: التوجه نحو بلورة العروبة وجعلها كتلة «اقتصادية اجتماعية ثقافية» تتفاعل وتتعايش مع العولمة.
3- التخطيط الاستراتيجي المتوسط والبعيد المدى الذي يهدف للنهوض بالأمة والدفاع عنها ومراعاة مصالحها وسيادتها ومصالح أجيالها القادمة.
4- معرفة حجم مقدرات الأمة المادية والبشرية والفكرية وإستثمارها الاستثمار الأمثل من خلال التخطيط، والتنسيق، والتكامل في كل الميادين.
5- فهم الواقع فهما صحيحا بمتغيراته وأحداثه وضغوطه وإملاءاته، والتعامل معه بلغة الحوار والسلام.
6- ألا تكون ايديولوجية مذهب أو عرق أو جنس، بل لا بد من انفتاحها على أفقها وفضائها الإسلامي ومداها الاستراتيجي وهو منظومة الدول الإسلامية.
7- التصدي للدفاع عن العرب والمسلمين كأمة وثقافة ودين ضمن الأطر والمفاهيم التي تنادي بها العولمة مثل حرية الأديان وحقوق الإنسان.
8- التصدي بكل حزم وقوة للإرهاب والتطرف المصحوب بالعنف والإرهاب والجماعات والتنظيمات الراعية له على كل المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.