Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
بنية الخطاب الشعري عند بلند الحيدري :
الناشر
محمد صلاح الغريب حجازي
المؤلف
حجازي،محمد صلاح الغريب
الموضوع
الخطاب الشعري بلند الحيدري النقد الأدبي
تاريخ النشر
2009 .
عدد الصفحات
p.520:
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 520

from 520

المستخلص

إن لكل نص أدبي مذاقا خاصا به يميزه عن غيره من النصوص الأدبية الأخرى ، فالنص الشعري يختلف عن النص القصصي ، أو الروائي أو النثري لكل من هذه النصوص طبيعتها البنائية التي تميزها عن غيرها ، ومهما تقلب الدهر واختلفت أذواق النقاد ، والمتلقين إزاء هذه الأجناس الأدبية ، إلا أن ” الشعر” سيظل ملكا متوجا على عرش الفنون الأدبية بصفة عامة .

ولأن الواقع الحياتي لا يستقر على حال ، فكان لزاما على الشعر أن يواكب هذا التطور ، فتبدلت حال القصيدة ، وبدأت القصيدة العمودية تنحسر شيئا فشيئا ؛ لتفسح المجال للقصيدة الحرة ، وقصيدة التفعيلة .
ويبدوا أن مقتضيات الحياة لم تقف عند قصيدة التفعيلة فظهرت قصيدة ” النثر ” أو بالأحرى الشعر المنثور .

ولقد واجه الشكلان الجديدان حربا شعواء في بداية ظهورهما ، ثم ما لبثا أن أصبحا واقعا شعريا ملموسا له سماته ومميزاته التي فرضت نفسها على النقاد ، وكذلك المتلقين ، وواقع الخلاف في ذلك أن ما يميز الشعر عن غيره من الأجناس الأدبية الأخرى موسيقاه ، ولكن يبدو أن هذا الادعاء ما لبث أن أصبح وهما ، بعد أن دافع أصحاب الشعر الحر ، وأثبتوا أن لشعرهم موسيقاه التي تميزه أيضا ، ومن ثم فقد انتهى هذا الصراع بوجود قصيدة ” التفعيلة ” التي أصبحت واقعا لا ينكره أحد ، كما كان من نتاج هذ ا الصراع أن ظهرت ” قصيدة النثر ” التي لا تهتم بالوزن والقافية ، إلا أنها تتخذ سمات الشعر الأخرى وهذا – في رأي الباحث – هو جوهر القضية . ولذلك كان لزاما على حركة النقد أن تطور بتطور هذا الفن ، فجل المناهج النقدية القديمة من ( كلاسيكية – رومانسية – وواقعية -....... ) لم تعد كافية للوقوف على طبيعة هذا الخطاب الشعري الجديد حيث إن هذا الخطاب ” لم يعد يمارس محاكاة الواقع فنيا ، أو غير فني ، إنما يسعى إلى إنتاج واقع جديد وفق شروطه الخاصة ، كما لم يعد منغلقا على مبدعه يستحلب أعماقه ليجسدها في تهويمات حلمية أو مرضية ؛ لأنه يعمل بجد على قطع علائقه بهذا المبدع ليتحرر من سطوته ، أو لنقل من وصايته الدائمة التي ترهقه بإسقاطات تلوي عنقه كي يتقبلها أولا ، ثم يعايشها ثانيا ، كما لم يعد مجرد مشاهد خارجي للواقع برصد ما فيه من عفونة أو قيح ، لأن المشاهدة أدخل في باب السلب ، منها في الإيجابية ” ( )

ولقد أصبح للمتلقي دوره البارز في عملية الخطاب الشعري الموجه إليه ذلك أن ” المهارة اللغوية الفنية تمتد إلى عملية التلقي فيتمكن الشاعر بواسطتها من أن يستحوذ على اهتمام القارئ فيربطه بجزئيات النص الشعري وجوانبه لأنه سيجتهد في أن يسوق إليه عناصر جمالية بشكل معين يكشف عن طبيعة المشاعر ونوعية العواطف الكائنة في هذا الموضع أو ذاك النص الشعري ، كما تكشف عما يتولد عن النص من رد فعل لدى المتلقي ، ومن ثم تتحول هذه المهارة إلى قوة أسلوبية ضاغطة تتسلط على حساسية القارئ ” ( )
من هنا تنبع أهمية دراسة الشعر الحر باعتباره أحد الأجناس الأدبية التي فرضت نفسها على الساحة .
حول مفهوم البنية :

لقد شب جدل حول مفهوم مصطلح البنية باعتباره تصورا ذهنيا مجردا ، وليس مجموعة من العلاقات الحسية في هياكل مادية يمكن أن يطولها الإدراك المباشر . كان هناك خلاف أو تساؤل وهو : هل البنية في الهيكل المادي الذي نراه ؟ أم هو التصور الذهني الذي نخلقه بعقولنا ويدرك العقل به طبيعة هذا الهيكل المادي الخارجي، وانتصر مفهوم البنية باعتباره تصورا ذهنيا أكثر مما هو علاقات محسوسة مادية ” ( )
ومن ثم فإن القصيدة ” لا تصبح مجرد مجموعة من الأبيات نعاملها في الظاهر على أنها محصلة لهذه الأبيات ، يعني ذلك أن القصيدة لا تبنى من الأبيات كما توحي النظرة السطحية المتعجلة ، بل تبنى من مستويات – وهي التي يمكن تقسيم العمل الأدبي إليها – تخترق هذه الأجزاء وتتغلغل فيها وتشتبك معها ، يمكن أن ندرك من ذلك أن البنية الدلالية للقصيدة الشعرية مثلا هي محصلة مجموعة من البنى المتمثلة في البنية الإيقاعية والبنية التركيبية والتعبيرية والبنية التخيلية التي تصل إلى ذروتها في المستوى الرمزي الكلي