الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص ملخص الرسالة باللغة العربية : لا شك أن الفكر السياسي الإسلامي قد اتخذ طابعاً مختلفاً في بلاد المغرب –الأفريقي والأندلسي – عن نظيره في بلاد المشرق ، وذلك نظراً للبعد الجغرافي والذي تحدده نظرية المركز والأطراف الخلدونية . فدائماً تزدهر الدولة بدءاً من مركزها ، وعند الاضمحلال يبدأ ذلك من الأطراف ، هذا عنصر أما العنصر الثاني فهو كون الأطراف دائماً هي محل تمركز حركات المعارضة والمقاومة بمختلف أشكالها . صدقت هذه النظرية علي المغرب الإسلامي ، حيث كان مركزاً لنشاط الخوارج وقت الأمويين ، وكذلك كان الحال بالنسبة للشيعة في علاقتهم مع العباسيين ، بالإضافة إلي أن سكان هذه المنطقة من القبائل البربرية كانوا الأكثر شبهاً في التكوين والثقافة بقبائل الجزيرة العربية . مما جعل الأمور هناك تسير علي نحو مختلف . انطلاقاً من هذه الخلفيات ظهرت دولة الموحدين البربرية ذات الإطار الشيعي مع مؤسسها ” المهدي بن تومرت ” ت 524هـ . ولكن في ظل المنافسة الثقافية ، استدعت الدولة الموحدية للمرة الأولي في تاريخ الحضارة الإسلامية – التراث اليوناني للدخول إلي الساحة العربية ، وذلك تأسيساً لإطار ثقافي جديد تتميز به هذه الدولة عن غيرها . قام ابن تومرت بالدعوة إلي نفسه ، عملاً بالمبدأ الإسلامي ” الأمر بالمعروف ” كما صاغه ابن حزم ت 456هـ ، في محاولته لتأسيس المنهج الأموي في الوصول إلي السلطة علي أساس من الشرعية المستمدة من القرآن والسنة ، كما استخدم ابن تومرت الصباغة الحزمية لمبدأ الجهاد في سبيل فرض الأصلح للقيام بالمهمة الأساسية للسياسية وهي حفظ الشرع وحراسته . اتجهت دولة الموحدين وجهة أخري من مؤسسها الفعلي ” عبد المؤمن بن علي ” ، حيث تخلت الدولة عن فكرة المهدية وأسست لنفسها مشروع ثقافي جديد قوامه تبني المذهب الظاهري الحزمي ، علي الصعيد الفقهي ، والتعليم الفلسفي كمشروع تربوي علي الصعيد الثقافي . هذا المناخ كان من شأنه أن ينتج خطاب سياسي / فلسفي في غاية النضج هو الخطاب الرشدي . استمد هذا الخطاب قدرة فائقة علي تجاوز الواقع من خلال الإنطلاقة القوية التي حققها له وجود النسق الباجي مكتملاً في هذه الجزئية . ذلك النسق الذي كان بمثابة رد الفعل العقلي علي تشدد سلطة المرابطين في حيز العلوم العقلية . فكان خطابه السياسي / الفلسفي تمرداً علي الواقع الاجتماعي والثقافي الذي أحكم فقهاء المالكية قبضتهم عليه . لقد تضافرت العوامل التالية : 1. المشروع الثقافي لدولة الموحدين الذي أهتم بالتربية واستدعي التراث اليوناني . 2. الفقه الظاهري الذي تجاوز محددوية القياس الأصولي والذي انحصر فـي ” قياس المثل ” من قيداً العقل ومعوقاً له عن فهم مقاصد الشريعة . 3. التأسيس الفلسفي الذي قام به ابن باجه لقضية الوجود الإنساني . نقول تضافرت هذه العوامل مجتمعة لتنتج الخطاب الرشدي الذي تجاوز عصره بنفس الدرجة التي تجاوز بها سابقة . الإشكالية الأساسية لهذا البحث هي الوقوف علي أهم أسس الفكر السياسي في المغرب الإسلامي – في القرنين الخامس والسادس الهجريين – من خلال استيعاب الرؤية الرشدية ومن قبلها الباجية لهذا الفكر إذ أنهما يمثلا قمة الفكر الفلسفي الإسلامي ونهايته في آن واحد . ولقد قسمنا بحثنا إلي : 1. فصل تمهيدي : نتناول فيه استقلال المنظومة السياسية في المغرب عن الخلافة في المشرق ، وأثر ذلك في المناخ الثقافي من حيث القدرة علي نقد الأوضاع السياسية واقتراح أوضاع بديلة ، تحقق للإنسان قدر أكبر من الحرية وذلك من خلال الوقوف علي طبيعة العلاقة بين الإيديولوجي و الإبستمولوجي في كل من المشرق والمغرب علي صعيد المسألة السياسية. 2. باب أول : يحمل عنوان ” الإبستمولوجي والإيديولوجي في مشروع ابن تومرت السياسي ” نناقش فيه أهم ملامح المشروع التومرتي ونبحث ما إذا كان مشروع إصلاحي كما أدعي صاحبه أم مشروع سياسي كما تحقق علي أرض الواقع ، نناقش هذا من خلال فصلين : الفصل الأولي : بعنوان ” الأسس الإبستمولوجية لدعوة ابن تومرت السياسية ” نبدأ هذه الأسس بنقد القياس كمنهج للمعرفة باعتباره الأساس الأول ثم تتبع ذلك بنفي الاجتهاد والرأي ، ثم الصيغة التومرتية لمبدأ التوحيد المعتزلي ، ثم المذهب الظاهري كإطار فقهي للدولة ، وكذلك أهم ملامح المشروع الثقافي للدولة الموحدية . الفصل الثاني بعنوان : ” الأسس الإيديولوجية لدعوة ابن تومرت السياسية ” نتناول فيه مبدأ الأمر بالمعروف ” ثم موقف ابن تومرت من الفقه المالكي ، بالإضافة إلي الوقوف علي أبعاد الثورة الموحدية ومفهوم الجهاد ، وفي الختام نظام الحكم وتحوله إلي آلية التوريث . 3. باب ثان : يحمل عنوان ” التأسيس الإبستمولوجي لتصور فلاسفة المغرب للمدينة الفاضلة ” نتناول فيه تصور المدينة الفاضلة كأداة للنقد لتعويض الواقع ومحاولة استلهام الحكم الفاضل ، الذي يتناسب مع الإسلام من حيث المقصد والغاية ، وذلك من خلال فصلين : الفصل الأول : بعنوان ” متوحد بن باجه ورؤيته للمدينة الفاضلة ” تبين فيه كيف كانت الرؤية الباجية ليست سوي انعكاس للواقع ولكن في الاتجاه المضاد ، ونتناول وضع الإنسان عند ابن باجه بين العزلة والاجتماع ثم أنظمة الحكم المختلفة كما وصفها ابن باجه . وكذلك طبيعة العلاقة بين الحاكم والفيلسوف أي طبيعة ممثل السلطة السياسية بين الواقع وما ينبغي . الفصل الثاني : بعنوان ” مدينة ابن رشد الفاضلة ” مشروع إصلاح سياسي متكامل ” . نتناول فيه التأسيس الفلسفي للسياسة ، ونقد الواقع بغرض تقديم وسائل الإصلاح ثم إلقاء الضوء علي مساوئ نظام الحكم الاستبدادي ، وأخيراً التأكيد علي إمكانية قيام المدينة الفاضلة في ظل الحضارة الإسلامية . ثم خاتمة : أوجزنا فيها أهم النتائج التي توصلنا إليها خلال مراحل البحث . |